حشدت الميليشيات الحوثية في صنعاء أعيان المدينة والموظفين الحكوميين والقيادات الإدارية الخاضعة لها لاجتماع طارئ وألزمتهم بالتعهد خطّياً للتوجه نحو الساحل الغربي للمشاركة في القتال ورفع معنويات عناصرها، في الوقت الذي استنفر زعيمها عبد الملك الحوثي القبائل الخاضعة له للدفع بمزيد أتباعها نحو الحديدة، في مسعى لتعويض المئات من قتلى الجماعة وجرحاها.
وفي حين تداول ناشطون يمنيون على مواقع التوصل الاجتماعي لائحة تضم أسماء أكثر من 700 قتيل حوثي كانوا قد لقوا مصرعهم خلال أبريل (نيسان) الماضي، أطلقت المستشفيات الخاضعة للجماعة في صنعاء نداء إلى السكان تتوسلهم فيه المسارعة إلى التبرع بالدم من أجل جرحى الجماعة الذين يتساقطون بالمئات في جبهات الساحل الغربي.
وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الخسائر الضخمة التي تكبدتها الجماعة في الأسابيع الماضية على مستوى أعداد مقاتليها في الساحل الغربي، مع حالة الهلع التي تسيطر على قادتها جراء استشعار الهزيمة الوشيكة في مدينة الحديدة وأريافها الجنوبية، دفعتها إلى حشد المئات من أعيان العاصمة وعقال الحارات والموظفين إلى اجتماع طارئ لحضهم على الالتحاق بجبهات الساحل الغربي.
وذكرت المصادر أن الاجتماع الذي دعت إليه الجماعة، السبت، في نادي بلقيس الواقع في منطقة حدة، انعقد بحضور القيادي حمود عباد المعين من جماعته في منصب أمين العاصمة، إلى جانب كل القيادات الإدارية في المصالح الحكومية مع العشرات من معممي الجماعة، والقيادات القبلية الموالية لها.
وألزمت الميليشيات، الحاضرين إلى الاجتماع بالتوقيع على تعهد خطّي قبيل الانصراف من الاجتماع يتضمن التزاماً شخصياً بالتوجه إلى الحديدة والساحل الغربي الواقع إلى الجنوب من المدينة من أجل المشاركة في القتال، ورفع معنويات عناصر الميليشيات الذين يتساقطون يومياً بفعل المعارك وضربات طيران تحالف دعم الشرعية.
وألقى القيادي في الجماعة حمود عباد كلمة في الحشد، قال فيها إن معركة الحديدة بالنسبة إلى جماعته تحتل أولوية قصوى، وأن كل الجهود والإمكانات المالية والبشرية والمعنوية يجب أن تُوجَّه من أجل المشاركة في هذه المعركة التي وصفها بالمصيرية، لجهة ما تمثله الحديدة وميناؤها من شريان أساسي للحصول على الأموال والأسلحة المهربة.
وعلى الرغم من سعي الميليشيات إلى حشد أكبر عدد ممكن من الموظفين والقيادات المحلية الخاضعة لها في صنعاء، فإن الكثير منهم، حسب ما أكدته المصادر، تجاهل الدعوة، كما تجاهل تحذيرات الميليشيات التي توعدت فيها بمعاقبة من يتخلف عن الحضور.
وحسب تقديرات لمصادر عسكرية يمنية، خسرت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الأربعة الماضية أكثر من ألف قتيل في معارك الحديدة والساحل الغربي، من ضمنهم نحو 90 قيادياً ميدانياً، إلى جانب أكثر من 3 آلاف جريح، أغلبهم من العناصر القبلية الذين دفعت بهم الجماعة إلى الخطوط الأمامية للمواجهات.
وكانت مصادر طبية في مدينة الحديدة، أكدت أن المستشفيات الحكومية والخاصة استنفدت طاقتها الاستيعابية، وامتنعت عن استقبال المزيد من جثث القتلى والجرحى، ما جعل الجماعة تنقل الفائض منهم بشكل يومي إلى مستشفيات حجة وذمار وصنعاء.
وعلى وقع تصاعد أعداد الجرحى أمرت الميليشيات في محافظة حجة، بتحويل مبنى المجمع الحكومي حيث مقر المحافظة والإدارات المحلية إلى مستشفى إضافي بعد أن عجز المستشفى الجمهوري الخاضع لها في المدينة عن استيعاب الكم المتواصل من الجرحى المنقولين من الحديدة والساحل الغربي ومن جبهات ميدي وحيران شمال غربي المحافظة الحدودية.
وبسبب استهلاك مخزون الدم في مستشفيات صنعاء، أطلق أمس، المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه الخاضع للجماعة في العاصمة اليمنية نداءً عاجلاً للتبرع بالدم لتغطية احتياجاته. مؤكداً في بيان رسمي أنه «يعاني من عجز شديد في فصائل الدم بسبب زيادة احتياجات الجرحى والمرضى». داعياً سكان العاصمة إلى المبادرة للتبرع بالدم على مدار أسبوع كامل خصصه لاستقبال المتبرعين.
إلى ذلك، أغلقت عدد من المقابر الرسمية في صنعاء أبوابها بعد أن امتلأت، في الوقت الذي امتلأت فيه كذلك المقابر الحوثية الخاصة بقتلى الميليشيات، الأمر الذي دفع الجماعة إلى إصدار توجيهات عاجلة إلى مكتب أوقاف صنعاء من أجل تخصيص أراضٍ لإنشاء مقابر جديدة.
في غضون ذلك، تخلى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي عن إطلالته المعتادة لإلقاء خطبه المصورة تلفزيونياً على أتباعه، لأسباب غير معروفة، واكتفى عوضاً عن ذلك بإصدار بيان مكتوب، تداولته المصادر الرسمية لجماعته، مساء السبت، متوسلاً فيه القبائل الخاضعة له إلى إرسال المزيد من أبنائها نحو الحديدة والساحل الغربي.
وزعم الحوثي أن الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها رفضوا مبادرة المبعوث الأممي مارتن غريفيث بشأن الحديدة، سائقاً في هذا الصدد سيلاً من الشتائم التي اعتاد على إلقائها في خطبه، في سياق محاولة التنفيس عن الحالة الانهزامية التي باتت فيها جماعته جراء تهاوي صفوفها في الساحل الغربي.
وخصص زعيم الميليشيات الطائفية الحوثية الموالية لإيران، الشق الأخير من بيانه لكيل المديح لزعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله والتغني بدعمه للجماعة ووقوفه إلى جانبها في الحروب التي تخوضها ضد اليمنيين للسنة الرابعة على التوالي، كما تضمن الشكر لقادة فصائل في الحشد الشعبي العراقي، كانوا قد أبدوا استعدادهم لمساندة حروب الجماعة.
وكان نصر الله، قد تمنى في خطابه الأخير أن يشارك شخصياً في القتال مع الجماعة الحوثية في الساحل الغربي، وهي التصريحات التي قابلها اليمنيون بالسخرية والاستهجان داعين من خلالها زعيم «حزب الله» إلى توفير جهده لقتال إسرائيل التي تقع في الجوار وليست في الساحل الغربي لليمن.
على صعيد منفصل، أقدمت الميليشيات الحوثية في محافظة ذمار على اعتقال الصحافي والناشط إياد الوسماني، حسبما أفاد به أقاربه وأكدته مصادر رسمية في نقابة الصحافيين، اليمنيين.
وذكرت المصادر أن مسلحي الجماعة اقتحموا منزل الصحافي الوسماني في مدينة ذمار، ليل السبت واعتدوا على عدد من أقاربه بالضرب قبل أن يقتادوه إلى مكان مجهول، يرجح أنه أحد معتقلاتهم السرية.
وباعتقال الوسماني ارتفع عدد من اختطفتهم الميليشيات الحوثية من الصحافيين خلال أسبوعين إلى ثلاثة أشخاص اثنان منهم في صنعاء، فضلاً عن حملات الاعتقال المتواصلة بحق السكان والمسافرين، في صنعاء والحديدة وذمار وإب والمحويت، وغيرها من المناطق الخاضعة لسطوة الجماعة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر