قالت مصادر دبلوماسية إن مغادرة الوفد الحوثي لصنعاء على متن طائرة كويتية برفقة السفير الكويتي في اليمن فهد الميع والمبعوث الأممي مارتن غريفيث، إلى العاصمة السويدية ستوكهولم، جاءت استجابة لاشتراط وضعه الحوثيون لضمان عودة وفدهم المفاوض إلى صنعاء فور انتهاء المشاورات، وهو الأمر الذي استجابت له الكويت بناء على طلب من المبعوث الأممي.
وقلص الحوثون من عدد أعضاء وفدهم إلى مشاورات السويد من اثني عشر إلى ثمانية أعضاء فقط، في ظل حالة من عدم الثقة تسود بين الحوثيين.
وغادر وفد الحكومة اليمنية العاصمة السعودية الرياض، برئاسة وزير الخارجية خالد اليماني، ويتكون الوفد من اثني عشر عضوا.
وفي تغريدة له على تويتر وصف وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، المحادثات اليمنية المرتقبة في السويد بأنها “فرصة حاسمة” للحل السياسي.
واعتبر قرقاش أن “إجلاء الحوثيين الجرحى من صنعاء يبرهن مرة أخرى على دعم الحكومة اليمنية، ودعم التحالف العربي للسلام”، مضيفا “نعتقد أن السويد توفر فرصة حاسمة للنجاح في حل سياسي لليمن”.
وأكد الوزير الإماراتي أن “حلا سياسيا مستداما بقيادة يمنية يوفر أفضل فرصة لإنهاء الأزمة الحالية”، وأنه “لا يمكن أن تتعايش دولة مستقرة وهامة للمنطقة مع ميليشيا غير قانونية قرار مجلس الأمن الدولي 2216 يقدم خارطة طريق قابلة للتطبيق”.
وعن مؤشرات نجاح أو فشل مشاورات السويد، يشير الباحث السياسي اليمني عبدالله إسماعيل في تصريح لـ”العرب” إلى أن منسوب التفاؤل مرتفع هذه المرة نتيجة للتحرك المتواصل من قبل المبعوث الأممي والضغوط باتجاه تهيئة فرص أكبر لنجاح المشاورات ومن ذلك التوقيع على اتفاق لإطلاق الأسرى والمعتقلين.
ويلفت إسماعيل إلى أنه وبالرغم من الضغوط التي تبدو أنها تحسن من فرص نجاح المشاورات، إلا أن هناك إشكالية عميقة في الأزمة اليمنية تتمثل في سلوك الميليشيات الحوثية التي لا تلتزم بالاتفاقات وهو أمر يعود إلى طبيعة هذه الجماعة التي لا ترى في الحل فرصة حقيقية بالنسبة لها.
وتزامنت مغادرة وفدي الحكومة والمتمردين إلى ستوكهولم مع الإعلان رسميا عن توقيع اتفاق يعد الأكبر لتبادل الأسرى بين الحكومة والميليشيات الحوثية، ويتضمن إطلاق سراح حوالي 3500 أسير ومختطف من الجانبين في مرحلة أولى من عملية واسعة تشمل إطلاق جميع الأسرى والمعتقلين منذ بداية الحرب في مارس 201.
وبينما لم يتم الكشف عن التفاصيل الدقيقة للاتفاق، إلا أن مصادر إعلامية تابعة للحكومة سربت أخبارا مفادها أن عملية إطلاق الأسرى التي تأتي ضمن خطوات إعادة بناء الثقة التي ترعاها الأمم المتحدة، تشمل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم وزير الدفاع السابق في الحكومة محمود الصبيحي وشقيق الرئيس هادي، ناصر منصور هادي، والقائد العسكري فيصل رجب، والقيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان.
وأشارت مصادر خاصة لـ”العرب” إلى أن تحركات سياسية عاجلة خلال الساعات الماضية حالت دون محاولات الحوثيين إفشال المشاورات تحت العديد من الذرائع، التي دفعت المبعوث الأممي للسفر إلى صنعاء للإشراف على عملية إجلاء جرحى الحوثيين بطائرة إثيوبية مستأجرة من قبل الأمم المتحدة نقلت خمسين جريحا حوثيا مع خمسين مرافقا لهم إلى مسقط.
كما نجح غريفيث وفقا للمصادر في إقناع الكويت بالتدخل كضامن لمغادرة وعودة الوفد الحوثي إلى صنعاء عقب انتهاء المشاورات وهو الشرط الثاني الذي كان يضعه الحوثيون للمشاركة في مشاورات السويد.
ووفقا لمصادر “العرب” يشتمل جدول أعمال مشاورات ستوكهولم الذي يعقد في الفترة من 7 إلى 14 ديسمبر، على ثلاث نقاط أساسية، في مقدمتها إجراءات بناء الثقة التي تتكون من شقين رئيسيين؛ الأول يتعلق بالأسرى والمعتقلين، والثاني يتمحور حول الملف الاقتصادي وتحييد البنك المركزي اليمني وإعادة صرف رواتب موظفي الدولة في كافة مناطق اليمن.
كما يأتي في مقدمة أولويات المبعوث الأممي التوصل إلى توافق حول الإطار العام للتسوية السياسية، ومحاولة الخروج باتفاق جزئي يتعلق بمصير ميناء الحديدة وتسليمه لطرف ثالث يرجح أنه الأمم المتحدة وهو الأمر الذي ما زال يقابل برفض الحكومة.
وقدم التحالف العربي تنازلات وصفت بـ الهائلة لاجتماع الفرقاء اليمنيين على طاولة المشاورات في السويد، في ظل شكوك واسعة حيال نوايا الميليشيات الحوثية التي تتهم بعدم الجدية في التوصل إلى حل سياسي وارتهان قرارها لطهران.
ويعتبر العديد من المراقبين أن فرص التسوية السياسية في اليمن باتت تمر بمنعطف حرج وأن مشاورات السويد قد تكون الفرصة الأخيرة لإحراز أي تسوية سياسية بالرغم من حالة عدم الثقة التي تسود أجواء المشاورات والتعقيدات السياسية والعسكرية التي شهدتها اليمن في الآونة الأخيرة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر