صنعاء-اليمن اليوم
تسود أوساط الشق الموالي للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ضمن حزب المؤتمر الشعبي العام، مخاوف شديدة من أن يشهد تاريخ الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول الجاري، والذي يصادف ذكرى سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، انقلابا جديدا عليهم من قبل "حلفائهم" ينتزع ما بقي بأيديهم من سلطة وسلاح، بعد أن وصلت الضغوط على زعيم المؤتمر مستوى غير مسبوق وقد تكون بصدد تحقيق أهدافها في شلّ حركته ودفعه إلى الاستسلام.
وفي وقت يستعدّ فيه الحوثيون لتنظيم فعالية جماهيرية ضخمة في صنعاء احتفالا بالذكرى المُشار إليها يُحتمل أن تتحوّل إلى عملية احتلال ميداني للمدينة، تتواتر الأنباء عن تعرّض علي عبدالله صالح لحملة ضغط واستفزاز غير مسبوقة، بلغت حدّ مواجهته بما يقول الحوثيون، إنها وثائق وملفّات فساد ضخمة من شأنها إدانته أمام "القضاء"، فضلا عن إجهازها على ما بقي من سمعته السياسية ومصداقيته أمام جمهور حزبه.
وتقول مصادر مطلعة من داخل صنعاء، إنّ أنصارالله نجحوا فعلا في دفع زعيم المؤتمر إلى الانكفاء والتراجع عن التصعيد الكبير الذي كان أعلنه تصريحا لا تلميحا ضدّ شركائه في انقلاب سنة 2015 متهما إياهم بالتفرّد بالسلطة والسيطرة الأحادية على مقاليدها، وجرّ اليمن إلى مستنقع الصراع الدائم برفضهم السلام والإصرار على الحرب. وحملت وثيقة صادرة عن الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد مطالبة لكلّ من رئيس ما يعرف بـ"اللجنة الثورية العليا" محمد علي الحوثي، وزعيم المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح بالكشف عن ذمتهما المالية.
وفي دليل واضح على أنّ المقصود بالرسالة هو صالح وحده، سرعان ما ينصرف خطابها إليه، مذكّرا إياه بأنّه هو من أصدر قانون التصريح بالذمة المالية سنة 2006 أثناء حكمه لليمن. ويبلغ تقصّد الإهانة مداه عندما تذكّره الوثيقة بأن عقوبة الامتناع عن كشف الذمة المالية هو السجن والفصل من الوظيفة العامة.
تحييد صالح يجهز على التوازن النسبي الذي ظل إلى حد الآن قائما في صنعاء بحكم تعادل القوى بين المؤتمر وأنصارالله، ويخشى أعضاء بارزون في حزب المؤتمر أن يكون الحوثيون يحوزون بالفعل وثائق تدين زعيمهم استولوا عليها خلال سيطرتهم على مختلف الوزارات والإدارات ونهبهم أرشيف الدولة.
ويقرّ أعضاء في المؤتمر بامتلاك صالح قدرا كبيرًا من المال والممتلكات، لكنّهم يقولون إنّ ذلك لا يعني بالضرورة أنّه فاسد، مؤكّدين أن الدولة اليمنية لم تكن طيلة العشريات الماضية دولة مؤسسات بالمعنى المتعارف عليه دوليا، وأن سلطات الدولة وكذلك أموالها وممتلكاتها كانت دائما مختلطة بسلطة القيادات الحزبية وحتى القبلية.
ومن هذه الزاوية فإن علي عبدالله صالح يكون في ورطة حقيقية، سيتجاوز تأثيرها صالح ودائرته المقرّبة، إلى اليمن ككلّ بأن يكون طريقا لكسر التوازن النسبي الذي ظلّ إلى حدّ الآن مفروضا بحكم تعادل القوى بين المؤتمر وأنصارالله الذين يبدو أنهم شرعوا عمليا في إزاحة صالح من طريقهم بعد أن كشف مؤخرا، وبمناسبة احتفال حزبه بذكرى تأسيسه أواخر أغسطس الماضي عن استعداده للتمرّد عليهم باستخدام قاعدته الجماهيرية وقوّته العسكرية.
وما تزال تلك القوّة تمثّل آخر العوائق في طريق تخلّص الحوثيين من صالح، لكنّهم يعملون بحرص على تفكيكها، وتحييدها من خلال ضغوط وإغراءات على قادتها ومنتسبيها. ويشكو ضباط وقادة ميدانيون محسوبون على معسكر الرئيس السابق من قطع رواتبهم ومنع جميع صنوف الإمدادات عنهم بما في ذلك الأسلحة والذخائر، بعد أن استهلكوا في القتال على عدّة جبهات مخزوناتهم من العتاد المتوفّر لديهم منذ فترة وجود صالح في السلطة.
وكان الرئيس اليمني السابق قد طالب خلال احتفالية صنعاء في أغسطس الماضي حلفاءه الحوثيين بتجهيز قواته بالمؤن والسلاح إذا أرادوا مواصلته المشاركة في الحرب. ويذهب متابعون للشأن اليمني إلى التأكيد بأن قرار تحجيم قوة صالح السياسية ونزع مخالبه العسكرية لا تراجع عنه بعد أن صدر، ليس من الداخل اليمني، ولكن من خارجه، وتحديدا من طهران التي لم تنظر أبدا بارتياح إلى زعيم المؤتمر.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر