صنعاء _ اليمن اليوم
كان هذا لسان حال أهالي منطقة النشمة في مديرية المعافر بمحافظة تعز، الذين مافتئوا يتجاوزون مشاكلهم ونزاعاتهم بالجلوس على طاولات النقاشات والحوار.
ومثلت تلك الطرق والأساليب أحد أهم أبرز معالم النسيج المجتمعي المتماسك في المنطقة والمديرية بشكل عام. أحدث الوقائع الشاهدة على انتهاج الحوار سبيلا لحل الإشكاليات، ما تم التوصل إليه مؤخرا من حلول لمعالجة مشكلة نزاع حول توسعة مستشفى النشمة الريفي مع إدارة مشروع مياه النشمة. تعود فصول المشكلة المتنازع عليها إلى وجود حاجة ماسة لتوسعة المستشفى الريفي، الذي ضاق على مرتاديه من أبناء المنطقة، ولم يعد يستوعب الأعداد المتزايدة من المرضى والمترددين عليه للحصول على الخدمات الصحية المختلفة..
ولم يكن هناك بد من توسعة المستشفى، خاصة وأنه يمتلك مساحة في (الحوش الأمامي) الذي يحتضن المبنى. لكن الأمر ليس بهذه السهولة، حيث يتواجد في (الحوش) مبنى آخر يتبع إدارة مشروع المياه في النشمة، فشكل ذلك عائقا أمام مشروع توسعة المستشفى..
وفجر نزاعا بين الطرفين. فالطرف الأول تمسك بأحقيته في التوسعة، خاصة وأن الأرض المزمع بناء التوسعة عليها تقع في إطار سور وحوش المستشفى. وبحسب أهالي المنطقة فإن استمرار المستشفى الريفي دون توسعة حرم أبناء المجتمع من الحصول على مزيد من الخدمات الصحية المتكاملة، كخدمات الطوارئ وغيرها، كما أعاق عملية فتح أقسام جديدة، كان يمكن استحداثها لولا وجود مبنى إدارة مشروع المياه داخل (حوش) المستشفى. الطرف الآخر المتمثل في إدارة مشروع مياه النشمة والقرى المجاورة لم تكن مطالبه أقل إقناعا من الطرف السابق، حيث كان مصير المبنى ومشروع المياه برمته على المحك، في حالة القيام بتوسعة المستشفى، وغياب البدائل.
وبناء على وجهتي النظر تلك تداعت أطراف النزاع للحوار بدعم من منظمة البحث عن أرضية مشتركة، وشريكها المحلي منظمة نهضة يمن التي قامت بتنفيذ جلسات الحوار والتنسيق لها، ضمن مشروع بناء السلام على مستوى المجتمعات المحلية في اليمن. القائمون على جلسات الحوار والنقاشات التي جمعت بين أطراف النزاع، أكدوا أن اللقاءات عكست حرص أبناء المنطقة الواحدة على المصلحة العامة، بما يوفر خدمات متكاملة للمواطنين..
مشيرين إلى أن نجاح الحوار لم يكن له أن يتجسد لولا جهود منظمتي البحث عن أرضية مشتركة ونهضة يمن، والتمهيد لهذا النجاح بجلسات تهيئة ساهمت في تقريب وجهات النظر، وبناء الثقة بين أطراف النزاع. وكان من أبرز ما تمخضت عنه الحوارات، مقترحات عملية لحل النزاع أهمها: تعويض إدارة مشروع مياه النشمة بما يتناسب مع غرف مبنى الإدارة السابقة، وفق دراسة هندسية فنية، تقوم بها إدارة مشروع مياه النشمة، بالإضافة إلى توفير مكان لبناء مبنى بديل.
وفيما يتعلق بالمبنى البديل، كشفت محاضر وتقارير جلسات الحوار عن مقترح يتعلق ببناء دور ثان أعلى المبنى السابق.. وما زال هذا المقترح قيد الدراسة.
كما دعت مخرجات الحوار المجلس المحلي بالتواصل مع الجهات المانحة والداعمة، وتسويق مخرجات الحوار لديها، لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بحسب إمكانياتها وقدراتها.
وتضمنت نتائج الحوارات كذلك، التركيز على توعية المجتمع بأهمية الحوار لحل النزاعات حيثما وجدت، بهدف الارتقاء بمستوى تقديم الخدمات عامة، وتجاوز المشكلات، تقوية النسيج المجتمعي. وعموما.. تعتبر الحوارات المجتمعية التي تنتهجها أبناء منطقة النشمة بمديرية المعافر، نموذجا يحتذى به، في الوقت الذي غابت فيه الدولة بمختلف أجهزتها ومؤسساتها، ولم تعد تقوم بواجباتها تجاه نزاعات ومشاكل المجتمعات المحلية. ولعل النجاحات الناتجة عن سياسات الحوار، في مختلف القطاعات التعليمية والصحية والخدمية، جعلت من هذا النموذج الحي ضرورة يجب تعميمها على مختلف المجتمعات المحلية، التي قد تشهد نزاعات، أو تواجهها مشاكل تنموية وخدمية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر