تسكن أسرة آدم علي، منذ أشهر، تسكن داخل هيكل باص قديم في العاصمة صنعاء شمال البلاد، بعد نزوحهم من محافظة الحديدة غربي اليمن، بسبب الحرب الدائرة هناك.
الأسرة النازحة الفقيرة والمكونة من أربعة أفراد، (الأب والأم وطفلين معهما)، ينامون داخل أحد الباصات الخردة في العاصمة صنعاء، ويفتقرون إلى أبسط المواد الغذائية اللازمة للبقاء على قيد الحياة، ناهيك بافتقارهم للملابس والفرشان التي تقيهم برد الشتاء القارس.
يقول آدم لـ"اليمن اليوم": لم أجد عملا في العاصمة صنعاء، في أي مجال فليس لدي حرفة سوى الصيد في البحر، وأضاف نزحت مع أسرتي، من مدينة الحديدة بعد اشتداد وتيرة المواجهات بين القوات الحكومية، والحوثيين فيها، وتابع "لقد رحمنا صاحب الباص الخردة، وسمح لنا بالنوم، في داخله واعتباره منزلا لنا، حتى نجد منزلا لننقل إليه أو نعود إلى بيتنا"، وبين أنه يعمل في بيع المناديل الورقية والمياه على الرصيف لتوفير الطعام لزوجته وأطفاله. "بحثت عن منزل صغير أو دكان لوضع أطفالي وزوجتي لكن لم أستطع دفع الإيجار المقدم الذي يشترطونه أصحاب العقارات، بالإضافة إلى أن الإيجارات مرتفعة جدا" يضيف آدم.
وأصبحت السيارات والباصات التي ما زالت تعمل والتي لا تعمل، والتي باتت هياكل حديدية مأوى لعشرات الأسر النازحة في اليمن، بسبب ارتفاع أسعار إيجارات المنازل إلى أكثر من (200 دولار)، وزيادة أعداد النازحين بسبب الصراع في البلاد.
لا يختلف حال عبده منصور كثيرا عن حال آدم علي، فهو يتنقل من مكان إلى آخر مع أسرته على متن مركبته التي يستخدمها في نقل البضائع، وينام مع أسرته بداخلها.
يقول عبده لـ"اليمن اليوم"، إنه نزح من مدينة حرض في محافظة حجة شمال غربي البلاد هو وأسرته على متن المركبة التي يملكها، ويتنقل مع أسرته من مدينة إلى أخرى بحثا عن العمل والمسكن.
استقر عبده منصور بعد 6 أشهر من التنقل من مكان إلى آخر، في العاصمة صنعاء، لكنه لم يجد منزلا لإيواء أسرته، وأجبر على اتخاذ الشاحنة منزلا لهم، بعد أن فقد الأمل في الحصول على منزل وبسعر مناسب.
"ومع حلول فصل الشتاء، وانخفاص درجة الحرارة، بات النوم في الشاحنة أمرا صعبا للغاية، ونكاد نتثلج بسبب البرد"، يقول عبده منصور.
ويبين أيضا أنه لم يجد عملا لإعالة أسرته، مشيرا إلى أنه لا يملك سوى الشاحنة التي تسكن على متنها أسرته، والتي كانت مصدر رزقه الوحيد.
ولفت إلى أنه باع كل ما يملك من ذهب ومقتنيات غالية الثمن، من أجل توفير الطعام.
يتنقل مختار الرضي، بسوق شميلة في العاصمة صنعاء، بين البسطات التجارية المخصصة لبيع الملابس المستخدمة، للبحث عن الملابس المناسبة لأبنائه والمناسبة لفصل الشتاء، ووضعه المادي البسيط أيضا.
يقول الرضي بعد أن ارتفعت أسعار الملابس، الموازية لأسعار الدولار، بات "الحراج"، هو السوق التي أتوجه إليها لشراء الملابس.
ويضيف لـ"اليمن اليوم"، لدي خمسة أطفال ولن أستطيع شراء ملابس جديدة، فكل واحد منهم لن تكفيه 15 ألف ريال، لكن بنفس المبلغ أستطيع شراء ملابس قديمة لكليهم، ويؤكد أنه اشترى ملابس قديمة لكل أطفاله، مشيرا إلى أنه لم يعد في السوق سوى الملابس الرثة، بسبب كثرة الطلب عليها.
ولاقت أسواق الملابس القديمة في اليمن، والتي تباع في أسواق "الحراج"، رواجا كبيرا خلال الأعوام الماضية، وإقبالا من قبل شريحة واسعة من السكان، بسبب ما آلت إليه الأوضاع الإنسانية، والاقتصادية، في البلاد.
"الطعام والشراب والسكن هو ما يفتقره المواطن اليمني، في الوقت الراهن، ويجب تكثيف الجهود، لمساندة المدنيين"، يقول الناشط الإنساني رضوان قايد، ويضيف "بسبب توسع دائرة الحرب زادت أعداد النازحين والمشردين في البلاد"، لافتا إلى أنه يجب وقف الحرب لمنع المزيد من التشرد، وأكد أن العديد من الأسر تنام داخل العربات، وعلى الأرصفة، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.
ودعا المجتمع اليمني، والمنظمات المحلية والدولية إلى إيجاد مأوى للمشردين، وتوزيع الفرشان والملابس، الخاصة بفصل الشتاء، وتوعية المجتمع بضرورة مساعدة هذه الشريحة.
وأعلن الاتحاد الأوروبي تخصيص حزمة مساعدات جديدة بقيمة 30 مليون يورو لمعالجة أزمة النزوح في اليمن.
وقالت المفوضية الأوروبية في بيان لها: "اعتمد الاتحاد الأوروبي زيادة بقيمة 30 مليون يورو لبرنامج دعم المجتمعات الضعيفة التي تعاني من آثار النزوح في اليمن"، متابعا: "هذه الحزمة ترفع مساعدات التنمية الممنوحة لليمن خلال عام 2018 إلى 71 مليون يورو".
ولفت البيان: "هذه المساعدات موجهة للاحتياجات الملحة والطارئة للنازحين، والمجتمعات الضعيفة المستضيفة لهم داخل اليمن، بتقديم الخدمات الأساسية كالصحة، والتعليم، والمشورة القانونية".
وأدت الحرب التي تشهدها البلاد إلى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص، داخليا، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، في اليمن، البلد الأفقر في العالم
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر