"قرار سيئ.. سيئ لإسرائيل".. لعله التعبير الاصدق عن ما يجول في خاطر مرتكبي المجازر والجرائم من المسؤولين العسكريين والسياسيين في دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، هاجس غردته تسيبي ليفني (وزيرة خارجية والزراعة في حكومتين للاحتلال) على حسابها على تويتر.
ذعر لم يقف عند حدود الساسة في دولة الاحتلال، فقد نقلت القناة العبرية الثانية عن مصادر إسرائيلية قولها: "إننا قلقون من لجوء فلسطين إلى تقديم مذكرات اعتقال لشخصيات إسرائيلية تتهمها بارتكاب جرائم ضد الشعب الفلسطيني".
تبعات فنية وسياسية تقلق الاحتلال
ويقول رئيس الإدارة العامة للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية الفلسطينية عمر عوض الله، إن هذا النصر الدبلوماسي للقيادة الفلسطينية، له ابعاد سياسيه وفنية اقلقت وستقلق مضاجع المحتل الاسرائيلي.
ويضيف: بداية فان هذا النصر يعني الدعم السياسي والاخلاقي من العالم اجمع للحق الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة ومحاسبة كل المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم بحق ابناء شعبنا الفلسطيني، وأن لا مفر من الاستمرار بهذه الجرائم.
ويشير عوض الله الى أن هذا النصر الذي وصل إلى 75% من تأييد المصوتين في جلسة التصويت على انضمام فلسطين الى المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) والذي اصبحنا بموجبه العضو رقم 191 في هذه المنظمة، يعني ومنذ اليوم رفع ملفات العديد من القضايا المهمة، من ملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين، وصولا الى المهربين والقتلة والمحتالين...وكل من يحكم عليه القضاء الفلسطيني بانه انتهك القانون وحقوق الانسان.
ويؤكد أن العمل بعد هذا النصر لا يتوقف عند العمل مع "الانتربول" فقط بل ويعني أيضا العمل مع العديد من المنظمات الدولية ذات العلاقة من بينها محكمة الجنايات الدولية، خاصة فيما يتعلق بملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين.
جهود محمومة بذلت لمنع الانضمام
الضغط الأميركي-الصهيوني الذي افشل في نوفمبر/تشرين الثاني من العام المنصرم انضمام دولة فلسطين للانضمام إلى "الانتربول، لم يفلح هذه المرة في افشال الانضمام.
ويؤكد مدير عام الشرطة اللواء حازم عطا الله، أن الانضمام إلى الانتربول لم يكن سهلا وأنه نصر يستحق الاحترام والتقدير، مضيفا: :"قد بذلت محاولات محمومة لمنعنا من الانضمام إلى المنظمة، وهي اسباب غير صحيحة وغير موضوعية، لكن هذا لم يمنع دول العالم التي تعي احقية فلسطين في الانضمام ومستوى الشرطة الفلسطينية العالي ومتطورة، ونريد ان نكون بجانب دول العالم في محاربة الجريمة".
ويضيف: "لأن قضيتنا عادلة فقد حزنا على 75 صوت لصالح الانضمام الى الانتربول، و24 ضد، و34 امتناع، وبكل تأكيد لو لم تكن الشرطة الفلسطينية قد وصلت الى المستوى المهني المطلوب والمعايير الدولية للانضمام الى الانتربول لما حصلت على هذه العضوية".
ويشير عطا الله الى أن هناك مجموعة كبيرة من الشروط، بناءً عليه عدلت الكثير من النظم وقوانين والتشريعات لدينا، ووفر مكتب للشرطة الدولية عندنا لعمل في الدولة الفلسطينية، واثبتت الشرطة الفلسطينية انها جديرة بهذا الموقع وهذا الاختبار.
ويتابع: الآن اصبحت الشرطة الفلسطينية تقف على مستوى واحد مع كل الشرطة الدولية في العالم، وهذا يمكننا من زيادة خبراتنا في مجال، ونستطيع ايضا أن نصل الى أي مطلوب للعدالة في أي مكان اضافة الى تبادل المعلومات مع الشرطة الدولية لمكافحة الجريمة والارهاب، والحفاظ على السلم الدولي.
ويؤكد عطا الله أن القيمة الحقيقية لهذا التصويت، أن فلسطين أصبحت جزءا من السلم الدولي، شاء من شاء وأبى من ابى.
ويتمثل دور "الإنتربول" في تمكين أجهزة الشرطة في العالم أجمع من العمل معا لجعل العالم أكثر أمانا، والبنية التحتية المتطورة للدعم الفني والميداني التي تملكها المنظمة تساعد على مواجهة التحديات الإجرامية المتنامية التي يشهدها القرن الحادي والعشرون.
وحسب تعريف المنظمة لنفسها ودورها الذي تأسست من أجله، فإنها تسعى لضمان حصول أجهزة الشرطة في أرجاء العالم كافة على الأدوات والخدمات اللازمة لها لتأدية مهامها بفعالية، ويوفر "الإنتربول" تدريبا محدد الأهداف، ودعما متخصصا لعمليات التحقيق، ويضع بتصرف الأجهزة المعنية بيانات مفيدة وقنوات اتصال مأمونة.
وهذه المجموعة المتنوعة من الأدوات والخدمات تساعد عناصر الشرطة في الميدان على إدراك توجهات الإجرام على نحو أفضل، وتحليل المعلومات، وتنفيذ العمليات، وفي نهاية المطاف توقيف أكبر عدد ممكن من المجرمين.
نقلة نوعية ستفتح الباب امام محاكمة المجرمين في الداخل والخارج
ويقول الخبير في القانون الدولي حنا عيسى، إن هذا الانتصار الدبلوماسي الهام يعد نقلة نوعية في السياسة الفلسطينية الخارجية ذات تداعيات مهمة على الداخل الفلسطيني، بعد أن بات يشكل قلقا كبيرا للمسؤولين الاسرائيليين (عسكريين وسياسيين) من مغبة التبعات القانونية لجرائمهم وانتهاكاتهم بحق ابناء شعبنا.
ويتابع: هذا الانتصار سيضع فلسطين على قدم المساواة مع باقي الدول الاعضاء في الانتربول، وذات ابعاد مهمة وايجابية فيما يتعلق بالتوجه الفلسطيني الى محكمة الجنايات الدولية، الذي يمكننا بالمطالبة وبتسليم أو محاكمة مجرمي الحرب الاسرائيليين أو غيرهم ممن ارتكبوا جرائم بحق مواطنين فلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية.
ويشير عيسى إلى أن هناك الكثير من القتلة والمجرمين والمحتالين من فلسطينيين او غير فلسطينيين ممن تورطوا في قضايا وجرائم تنتهك القانون والحقوق الفلسطينية ستطالهم يد العدالة بعد أن فروا الى خارج فلسطين.
ويهدف "الإنتربول" إلى تسهيل التعاون الدولي بين أجهزة الشرطة حتى في غياب العلاقات الدبلوماسية بين بلدان محددة، ويجري التعاون في إطار القوانين القائمة في مختلف البلدان وبروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويحظر قانون المنظمة الأساسي أي تحرك أو نشاط ذي "طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عنصري".
وتقع الأمانة العامة لـ"الإنتربول" في مدينة ليون الفرنسية وتعمل على مدار الساعة، طيلة أيام السنة، ولدى المنظمة أيضا 7 مكاتب إقليمية في العالم، ومكتب يمثلها لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وآخر يمثلها لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، ولدى كل بلد من البلدان الأعضاء مكتب مركزي وطني يعمل فيه موظفو إنفاذ قانون وطنيون على مستوى عال من الكفاءة والتدريب.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر