تولي كريستين لاغارد مدير صندوق النقد الدولي، اهتماما كبيرا بمؤتمر "الازدهار للجميع... تعزيز الوظائف والنمو الشامل في العالم العربي" الذي ينظمه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع الحكومة المغربية في مراكش الإثنين والثلاثاء، وتركز فيه على قضيتين أساسيتين هما النمو والوظائف.
وتطالب لاغارد صناع السياسات في العالم العربي بالاهتمام بإطلاق طاقات الشباب والمرأة وتحسين جودة التعليم وتذليل العقبات التي تواجه القطاع الخاص ليتمكن من خلق الوظائف التي تحتاجها المنطقة العربية، كما تشير إلى مشكلة البطالة وارتفاع مستويات الفساد وانخفاض القروض المقدمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية بما يصل إلى 2 في المائة فقط من إجمالي الناتج القومي.
وتتطرق مدير صندوق النقد الدولي إلى التحديات التي تمر بها دول مثل تونس والأردن والمغرب ومصر، وتبدي تفاؤلا نظرا لحجم الفرص التي اغتنمتها بعض الدول لجلب الاستثمار، مثل المغرب الذي اتخذ خطوات لتنفيذ الإصلاحات وخفض معدلات البطالة، وما قام به الأردن من إصلاحات لخفض الدين العام، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتحسين بيئة الاستثمار وتعزيز ثقة المستثمرين، لكنها أشارت إلى أهمية إلغاء دعم الوقود كأولوية في برنامج الإصلاح المصري، وإلى ضرورة خفض نسب الدين العام لدي دول المنطقة العربية بصفة عامة.
ومع انشغال الأسواق المالية بالعملات الرقمية الجديدة مثل بيتكوين، أشارت لاغارد إلى منافع ومخاطر كثيرة لهذه العملات الرقمية، كما تحدثت عن الهدف من مؤتمر مراكش، فقالت :"يُعقَد المؤتمر في فترة حرجة تمر بها المنطقة. فالشعوب لديها شعور مفهوم بالإحباط؛ حيث مضت سبع سنوات منذ الربيع العربي وكثير من تطلعاتهم الاقتصادية وغير الاقتصادية لم تتحقق. ولا يزال ربع الشباب وربع النساء عاطلين عن العمل. ويتشارك الصندوق مع الحكومة المغربية، وصندوق النقد العربي، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، لعقد هذا المؤتمر من أجل مناقشة الخطوات العملية الممكنة بشأن قضيتين أساسيتين: الوظائف والنمو. وأتوقع أن تثمر المناقشات أفكارًا عن كيفية التعجيل بإحداث التحول المطلوب في الاقتصادات العربية، وكيفية تشجيع الابتكار والشفافية لإطلاق إمكانات الاقتصاد في المنطقة".
وأضافت "عانت المنطقة من صدمات خارجية كثيرة طوال سنوات؛ فقد تأثرت بالصراعات المطولة وأعمال الإرهاب وانخفاض أسعار النفط والاضطرابات الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، وهو الشريك التجاري الأساسي للمنطقة، وأدت هذه الصدمات إلى تفاقم مشكلات طويلة الأمد مثل تضخم حجم القطاع العام (حيث يؤمِّن القطاع العام وظيفة من كل خمس وظائف)، وارتفاع الدين، واستشراء الفساد، وارتفاع البطالة. كل هذا لم يتسبب في تثبيط الاستثمار وارتفاع البطالة فحسب، إنما أدى أيضًا إلى انخفاض حاد في التمويل الحكومي للبرامج الاجتماعية الموجهة لحماية محدودي الدخل".
وتابعت :"بالطبع فإن النموذج الذي تتاح فيه فرص محدودة لمعظم أفراد المجتمع ولا يحصل فيه على الموارد إلا قلة محظوظة منهم، هو نموذج غير قابل للاستمرار. ويجب حل هذه القضايا بالانتقال إلى نموذج نمو أكثر احتواءً للجميع. ويتطلب هذا مفاضلات صعبة، ولكنها لازمة لزيادة الإنفاق الاجتماعي والموارد العامة.
والنتيجة الوحيدة لتأخير هذه الإصلاحات هي استمرار ارتفاع التكاليف وتحميلها للأجيال القادمة، وقد عملنا مع شركائنا في المنطقة للتأكد من أن الإصلاحات متوازنة اجتماعيًا ولإرساء برامج تَحُول دون تحميل الفقراء عبء الإصلاحات. وتختلف هذه البرامج من بلد إلى آخر، تبعا لظروفه الاقتصادية والاجتماعية."
وواصلت مدير صندوق النقد الدولي بقولها :"من بين الإجراءات في هذا الصدد تقديم مساعدات اجتماعية للمستحقين بالتوازي مع الإصلاحات الضريبية، والحفاظ على حد أدنى من الإنفاق الموجه لتغطية تكاليف العجز والمرض والشيخوخة والأسر والأطفال والمسكن، بالإضافة إلى أعمال البحث والتطوير في مجال الحماية الاجتماعية. وهناك إجراءات إضافية تتعلق بالمرأة أيضًا، ومنها تيسير الحصول على التمويل وتخفيض تكاليف إجراءات الموافقة على الاستثمارات التي تساعد على خلق فرص العمل".
وشددت على ان "توفير الفرص للشباب والنساء يأتي على رأس الأولويات. فالشباب دون سن الثلاثين يشكلون 60 في المائة من مجموع سكان المنطقة. وسيصل أكثر من 52 مليون نسمة إلى سن العمل في غضون الخمس سنوات القادمة، منهم أكثر من 27 مليون نسمة سينضمون إلى سوق العمل. وأمام حكومات المنطقة فرصة هائلة للاستفادة من هذه الإمكانات الضخمة التي تنتظر إطلاقها، أولا: ينبغي لصناع السياسات الاستثمار في تعزيز مهارات الأفراد، عن طريق تحسين جودة التعليم. ويتضمن هذا تطويع التعليم لاحتياجات القطاع الخاص، وزيادة فرص الحصول على التدريب المهني والتلمذة الصناعية والتدريب العملي الداخلي والاستشارات الوظيفية وخدمات التسكين الوظيفي".
واستكملت :"ثانيا: يجب أن تدعم الحكومات زيادة مساهمة النساء في الاقتصاد، الأمر الذي يحقق منافع اقتصادية جمة ويساعد على تخفيض مستوى الفقر. وقد يتضمن ذلك إجراءات مثل ساعات العمل المرنة، وزيادة فرص الحصول على خدمات رعاية الطفل، وتوفير شبكات للنقل العام تتسم بالكفاءة وانخفاض التكلفة، وإتاحة خيارات لخفض تكاليف الأجور عن وظائف القطاع الرسمي التي تشغلها المرأة. وهذه الأنواع من الإجراءات الداعمة لمشاركة المرأة في سوق العمل مدرجة بالفعل في برامج السياسات الاقتصادية لدى بلدان يدعمها الصندوق، مثل الأردن ومصر"، متابعة :"وفي مراكش، سنناقش اليوم هذه القضايا مع مجموعة بارزة من القيادات النسائية والشابة في المنطقة. وقد أطلقنا قبل المؤتمر حملة الشباب العربي للابتكار التي تسعى لتسليط الضوء على الفكر الابتكاري لدى الشباب العربي وما يقدمونه من أفكار رائدة للتغلب على العقبات".
ولفتت لاغارد بقولها :"من الواضح أن القطاع العام لا يستطيع خلق عدد الوظائف التي تحتاجها المنطقة. ويجب سد هذه الفجوة من خلال القطاع الخاص. ولتشجيع وجود قطاع خاص ديناميكي وحيوي، يتعين العمل على عدة جبهات، مثل تبسيط القواعد التنظيمية وتحسين كفاءة أسواق العمل، ومن الملاحظ أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المنطقة لا تنشئ وظائف كافية في الوقت الراهن لأنها لا تستطيع الحصول على التمويل والاستثمارات والتكنولوجيا، مما يضيع عليها فرصة المشاركة في الأسواق العالمية. وتمثل القروض المقدمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في المنطقة 2 في المائة فقط من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بنسبة 15 في المائة في آسيا الصاعدة و18 في المائة في أوروبا الصاعدة".
وأضافت :"تعتبر مكافحة الفساد توجهًا مهمًا آخر يساهم في تشجيع نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة. فطبقا لمؤشر منظمة الشفافية الدولية المعني بالفساد، بالإضافة إلى مسح أجراه البنك الدولي، يبلغ الفساد المتصور في المنطقة ثاني أعلى المستويات في العالم كما أن 55 في المائة من الشركات تعتبر الفساد عقبة أساسية أمام الأعمال في المنطقة، وبالتالي، فمن المؤكد أن القطاع الخاص يمكنه المساعدة. ولنأخذ المغرب على سبيل المثال. فقد نجح المغرب في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وأنشأ مدارس للتدريب المهني وأعطى العمالة المهارات المطلوبة في قطاعات ديناميكية كصناعة السيارات والطائرات. ويتطلع الآن إلى مزيد من التوسع باستخدام التكنولوجيا".
وبشأن نزول الناس إلى الشوارع في تونس للاحتجاج على الأحوال الاقتصادية الصعبة بعد سبعة أعوام من الربيع العربي، قالت :"شعور الشعب التونسي بالإحباط مفهوم. فهم يريدون فرص عمل وحياة أفضل لأنفسهم ولأسرهم، كما يريدون العدالة. والحكومة تريد كل هذه الأمور أيضًا، كما نريدها نحن في الصندوق. ونحن نعتقد أن الإصلاحات الاقتصادية بالغة الأهمية لتحقيق هذه الأهداف، ولننظر فيما تمر به تونس حاليًا. فتونس تواجه تحديات بالغة التعقيد والصعوبة - من النمو المنخفض إلى البطالة المرتفعة، خاصة بين الشباب والنساء، إلى الفساد والهجمات الإرهابية التي ألحقت ضررًا بالغًا بالسياحة. فكيف تبدأ في حلحلة هذه المشكلات؟".
وواصلت :"تونس تنفق الكثير على رواتب القطاع العام. وتكلفة الأجور هذه، التي تبلغ 14.1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي وحوالي نصف الإنفاق الكلي، تعتبر من أعلى المستويات في العالم. فالقطاع العام في تونس يؤمِّن وظيفة من كل خمس وظائف، وحين تنظر إلى الدين العام الداخلي والخارجي، تجد أن كليهما زاد بمقدار الضعف تقريبًا منذ عام 2010 (من 39 في المائة إلى 70 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في حالة الدين الداخلي، ومن 49 في المائة إلى 80 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في حالة الدين الخارجي).
ووصل التضخم إلى 6.4 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، صعودًا من 5.5 في المائة في يونيو (حزيران) 2017. مقارنة بنسبة 0.6 في المائة في المغرب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كذلك وصلت الاحتياطيات إلى مستويات بالغة الانخفاض. وتشير هذه الأرقام إلى أهمية تنفيذ الإصلاحات، مع حماية شرائح المجتمع الأقل دخلًا، إذن تمويل الصندوق في تونس يتيح متنفسًا يسمح بإبطاء سرعة تخفيض الإنفاق ويساعد على زيادة الإيرادات الضريبية بصورة عادلة".
واستطردت :"تجدر الإشارة هنا إلى أننا نركز على ضرورة أن تكون الإصلاحات متوازنة اجتماعيًا وجيدة التصميم بما يجنِّب الفقراء تحمل الأعباء المصاحبة. ويتضمن هذا الحفاظ على دعم المنتجات الغذائية الأساسية وزيادة الضرائب على السلع التي يستهلك معظمها الأثرياء. وقد حاولنا التأكد أيضًا من أن خفض التوظيف في القطاع العام يعتمد على نظام المغادرة الطوعية والتقاعد المبكر بدلًا من التسريح الإجباري، وبالإضافة إلى ذلك، نساعد تونس في مكافحة الفساد. فالبرنامج الذي يدعمه الصندوق يتضمن إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة، واعتماد قانون أساسي للميزانية من شأنه زيادة الشفافية، واتخاذ إجراءات لتعزيز الإدارة الضريبية. وقد كانت جهودنا فعالة أيضًا في تحفيز الدعم الخارجي ونواصل حث شركاء تونس الدوليين على زيادة مساعداتهم لها وهي تجتاز هذه الفترة الانتقالية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي".
وفي إجابتها عن سؤال بشأن مدى مساهمة البرامج المطبقة في بلدان مثل مصر والأردن والمغرب وتونس في تحقيق النمو وخلق الوظائف، قالت :" إن الوظائف تأتي مع النمو الاقتصادي. والنمو يأتي مع تحسن ثقة الأعمال والمستثمرين، وهو ما يأتي بدوره عندما تحقق البلدان الاستقرار الاقتصادي. ومن هنا تأتي أهمية الإصلاحات. وحتى تنجح برامج الإصلاح، ينبغي أن يكون تصميمها مراعيًا لظروف البلد المعني وأن تتبناها حكومته بصورة كاملة. ومن المهم أيضًا أن تُراعي هذه البرامج الظروف الاجتماعية والسياسية القائمة، ونحن نحرص دائمًا على أخذ هذا الجانب في الاعتبار. وكمثال للمساعدة التي يمكن أن تقدمها البرامج المدعومة من الصندوق، توجد حالات يصل فيها الدين العام إلى مستوى مرتفع ومتزايد، كما هي الحال في تونس ومصر، وفيها نقدم التمويل بما يتيح الفرصة لإتباع وتيرة أكثر تدرجًا في تطبيق الإصلاحات وبأسعار فائدة أقل مما يمكن الحصول عليه من مصادر أخرى. وقد ذكرت منذ قليل كيف أن الصندوق في شراكة مع تونس لدعم اقتصادها".
وواصلت :"في مصر، ستؤدي الإجراءات المتخذة لتحسين بيئة الاستثمار، كإصدار القانونين الجديدين للاستثمار ومنح التراخيص الصناعية، إلى تعزيز ثقة المستثمرين وزيادة فرص العمل في القطاع الخاص.
ومن مقومات البرنامج أيضًا توفير غطاء قوي من الحماية الاجتماعية، كالتوسع في برامج التحويلات النقدية الموجهة للأسر محدودة الدخل، وتعزيز خدمات رعاية الطفل، وإدخال تحسينات على منظومة النقل العالم بما يساعد عددًا أكبر من النساء على الانضمام إلى سوق العمل"، وأضافت :" ويقوم الأردن بتنفيذ حزمة إصلاحات تدريجية ومطردة لتخفيض الدين العام المرتفع. وقد أوصينا أيضًا بتعزيز بيئة الأعمال، وخاصة للشركات الصغيرة، وتشجيع التوظيف،والمغرب يسير على المسار الصحيح. فهو يخطو خطوات واسعة في تنفيذ الإصلاحات ووضع الأساس لنمو أعلى وأكثر احتواءً لكل شرائح المجتمع. وقد عملنا مع المغرب من خلال قنوات مختلفة، منها المساعدة الفنية، والدعم باستخدام "خط الوقاية والمرونة" (PLL)، والحوار بشأن السياسات عن طريق الرقابة. وتركز مشورتنا بشأن السياسات على دعم الإصلاحات لتخفيض عبء الدين العام، والحفاظ على الإنفاق الداعم للنمو وللفقراء، ومساندة سياسات الحكومة لتخفيض البطالة من أكثر من 10 في المائة اليوم إلى 8.5 في المائة في 2021. ومساعدتها في العمل التحضيري اللازم للانتقال إلى نظام صرف أكثر مرونة، وهو ما أُعلِن في 21 يناير (كانون الثاني)".
وأكدت مدير صندوق النقد الدولي أن " السلطات المصرية اتخذت خطوات جريئة لإصلاح الاقتصاد. وكما تعلمون، فإن الدين العام مرتفع في مصر ومن بين الأهداف المقررة إرساء هذا الدين على مسار تنازلي واضح، وخلق حيز للإنفاق الاجتماعي الموجَّه للمستحقين، وتتمثل الإجراءات الأساسية الخافضة للعجز في رفع ضريبة القيمة المضافة، ومواصلة إصلاحات دعم الطاقة، وكبح الأجور. ولكن الميزانية تتضمن مكونًا اجتماعيًا قويًا أيضا لتخفيف عبء الإصلاح عن الفقراء. ويعد إلغاء دعم الوقود من أهم الأولويات لأن الميسورين هم من يستفيدون بمعظمه. والهدف هو أن تصبح الأسعار مع نهاية البرنامج انعكاسًا صادقًا للتكاليف الحقيقية، مما سيفسح المجال أمام الإنفاق الضروري على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية".
وأوضحت أن "ارتفاع الدين يترتب عليه انخفاض في النمو والتوظيف. وتوجد في بلدان المنطقة نسب دين من أعلى النسب على مستوى العالم. وقد بذلت الحكومات جهودا لتخفيض العجز مؤخرا، ولكن تركة الإنفاق العام المرتفع وتعبئة الإيرادات الضعيفة أسفرت عن مستويات دين يبلغ متوسطها 80 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في البلدان العربية المستوردة للنفط. وتؤدي خدمة هذه الديون إلى استنزاف الموارد التي كان يمكن توجيهها لتمويل البرامج الاجتماعية الحيوية والاستثمارات الضرورية في البنية التحتية. ومن هنا تأتي أهمية تخفيض الدين. والتحدي الراهن هو إنجاز هذه المهمة على نحو يدعم النمو ويتسم بالتوازن والعدالة والإنصاف".
وتحدثت لاغارد عن تأثير زيادات أسعار النفط على الاقتصادات العربية، فقالت :" تبلغ أسعار النفط حاليًا حوالي 65 دولارًا للبرميل، وهو أعلى مستوى بلغته منذ عام 2016. مع ارتفاع توقعات السوق الحالية للأسعار في 2018 و2019 مقارنة بتوقعات الصندوق. وقد ساهم ذلك في رفع النمو المتوقع لعام 2018، كما سيساعد على تخفيف بعض التحديات الاقتصادية التي تواجه البلدان المصدرة للنفط، وعلى سبيل المثال، رفعنا توقعاتنا للنمو في المملكة العربية السعودية من 1.1 في المائة إلى 1.6 في المائة لهذا العام. ومع ذلك، تشير أسعار العقود الآجلة إلى أن السوق تتوقع عودة أسعار النفط إلى الانخفاض مسجلة 55 دولارًا على المدى المتوسط، ولذلك يظل من الضروري أن تواصل هذه البلدان جهودها لإصلاح اقتصاداتها وتنويع نشاطها الاقتصادي، وبالمثل، تحسنت الآفاق المتوقعة للبلدان المستوردة للنفط رغم ارتفاع أسعار النفط. ويرجع ذلك جزئيًا إلى الدفعة التي تلقتها من تحسن النمو العالمي وساهمت في رفع أسعار النفط، ومن ثمار الإصلاحات الهيكلية التي تم تنفيذها بالفعل. وعلى وجه الإجمال، ستتوافر لهذه البلدان الحماية من تقلب أسعار النفط عندما تستكمل إصلاحات الطاقة وتؤمِّن نظمًا للتعويضات الموجهة للأقل دخلًا".
وأبدت رأيها في مسألة تأثير العملات الرقمية مثل "بيتكوين" على الاقتصادات العربية، فقالت :"لقد نظرنا في مسألة العملات الرقمية بشكل عام، دون تقييمات تتعلق بمناطق معينة. ونرى أن هناك منافع قد تحققها العملات المشفرة، والتكنولوجيات التي تقوم عليها، ومنها تشجيع الشمول المالي ورفع كفاءة عمليات الدفع والتسوية، لكن هذه العملات يمكن أن تشكل مخاطر كبيرة باعتبارها أدوات محتملة لغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي، والاحتيال، ونحن نرى أن العملات المشفرة (بما في ذلك عمليات الطرح الأولى للعملات الافتراضية) ينبغي أن تخضع لإجراءات تنظيمية ورقابية ملائمة. ومن أهم التحديات التي ستواجه السلطات في أي بلد، كيفية احتواء المخاطر دون خنق الابتكار. ويمكنها اعتماد مناهج تنظيمية ورقابية محددة في التعامل مع العملات المشفرة بناءً على تقييمها للمخاطر. وسيكون من الضروري في هذا الصدد زيادة المناقشات وتوثيق التعاون على الصعيد الدولي".
واختتمت بقولها :" ما ننظر فيه حاليًا هو كيفية الاستفادة من التكنولوجيا في جعل "حقوق السحب الخاصة" (SDR)، (تلك العملة الخاصة التي أنشأها الصندوق)، أكثر كفاءة وأقل تكلفة. ويستخدم الصندوق حقوق السحب الخاصة كأصل احتياطي دولي، وهي وحدة الحساب التي يستخدمها الصندوق وبعض المنظمات الدولية الأخرى. وتستخدم حقوق السحب الخاصة أيضًا في اتفاقات التمويل التي يعقدها الصندوق مع بلدانه الأعضاء".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر