رغم مساعي المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، ورئيس فريق تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة الجنرال مايكل لوليسغارد، لتنفيذ الجزء الأول من اتفاق الحديدة بين الحكومة الشرعية والميليشيات الحوثية، فإن الجماعة الموالية لإيران واصلت تصعيدها عبر تصريحات تهاجم فيها غريفيث وأخرى تتوعد بمنظومة صواريخ باليستية جديدة.
وفي هذا السياق، اتهم المتحدث باسم الجماعة الحوثية ووزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام فليتة المبعوث الأممي بالانحياز وعدم الحياد مشككاً في دوره الأممي، بحسب ما جاء في تغريدة له على «تويتر» أرفقها بصورة من تهنئة غريفيث للرئيس عبد ربه منصور هادي بمناسبة انعقاد البرلمان في سيئون وبصورة تهنئة مماثلة تضمنتها تغريدة للسفير البريطاني مايكل آرون.
وقال المتحدث الحوثي: «لا غرابة أن يصدر من بريطانيا أو أميركا أي موقف (…) طمعاً في إنهاك اليمن بالحرب والحصار والأزمات خدمة لمشاريعهما في المنطقة، إنما ماذا تبقى للمبعوث الأممي كوسيط من حيادية طالما وهو يظهر منفذاً لأجندة بلاده عبر منصة الأمم المتحدة».
ورجحت مصادر برلمانية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن تغريدة المتحدث الحوثي الغاضبة من المبعوث الأممي قد تكون هي السبب الحقيقي في تراجع غريفيث عن زيارة مدينة سيئون وحضور جلسة البرلمان اليمني، بحسب ما كان صرح به الاثنين رئيس البرلمان سلطان البركاني.
وكان المبعوث الأممي بعث رسالة إلى الرئيس اليمني يهنئه فيها بالتئام البرلمان اليمني ويعد ذلك خطوة في سبيل تحقيق السلام، وهي الخطوة ذاتها التي لقيت إشادة أميركية وبريطانية بعد أن كان البرلمان اليمني توقف عن العمل بسبب الانقلاب الحوثي منذ 2014.
وفي حين يقول مسؤولون حكوميون إن غريفيث يداهن الجماعة الحوثية ويرفض أن يحددها طرفاً معرقلاً لاتفاق السويد الذي مضى عليه أكثر من أربعة أشهر، كان غريفيث قدم إحاطته لمجلس الأمن الاثنين، وقال إن الجماعة وافقت على خطة إعادة الانتشار في المرحلة الأولى من الحديدة، لكنه لم يحدد موعداً للتنفيذ.
في غضون ذلك، هدد أمس المتحدث باسم الميليشيات الحوثي يحيى سريع، في مؤتمر صحافي في صنعاء، بامتلاك جماعته منظومة صواريخ باليستية جديدة، قال إنها من طراز «بدر إف»، زاعماً أنه تم تطويرها من قبل الميليشيات، على غرار الصاروخ الروسي «توتشكا» ويبلغ مداها 160 كيلومتراً.
ويأتي الوعيد الحوثي بامتلاك هذه الصواريخ الجديدة وسط اتهامات حكومية ودولية لإيران بالاستمرار في تزويد الجماعة الحوثية بالصواريخ والخبراء، حيث يتم تهريبها مجزأة إلى اليمن عبر شبكات تهريب إلى السواحل اليمنية في البحر الأحمر قبل أن يقوم الخبراء في مناطق سيطرة الجماعة بإعادة تركيبها.
وزعم المتحدث الحوثي أن الإعلان عن هذه المنظومة من الصواريخ يأتي بالتزامن مع الذكرى الأولى لمصرع القيادي في الجماعة ورئيس مجلس حكمها الانقلابي السابق صالح الصماد في الحديدة قبل عام في عملية لقوات التحالف الداعم للشرعية، كما يأتي الإعلان عنها – بحسب زعمه – تنفيذاً لتهديد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بتطوير نوعيات جديدة من الأسلحة النوعية.
وفيما استعرض القيادي الحوثي صوراً للصاروخ زعم «أن مجمع أبو عقيل الصاروخي سلم مؤخراً الدفعة الأولى من الصاروخ الباليستي الجديد إلى مركز العمليات الصاروخية بعد استكمال مركز الدراسات المتخصص والتابع للقوة الصاروخية عملية الصناعة والتطوير»، مشيراً إلى امتلاك الجماعة مخزوناً استراتيجياً من الصواريخ يكفي «لشن هجمات مزدوجة على أهداف متعددة وفي وقت واحد».
ويشكك الكثير من المراقبين اليمنيين في جدية الجماعة الموالية لإيران في الرضوخ لخيار السلام وإنهاء الانقلاب، بما في ذلك الانسحاب من الحديدة وموانئها وتسلميها إلى الحكومة الشرعية، وهو التشكيك الذي بات بمثابة اليقين لدى رئيس الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار اللواء الركن صغير بن عزيز.
وكان اللواء بن عزيز موجوداً خلال جلسة البرلمان اليمني الاثنين الماضي في سيئون، وأكد في شهادة له أمام النواب أنه لا حل مع الميليشيات الحوثية إلا بالحسم العسكري وقال: «من يظن ويعتقد أننا سنتوصل إلى حل مع ميليشيا الحوثي بالطرق السياسية، فهو لم يفهم الدرس جيداً حتى الآن».
وكشف رئيس الفريق الحكومي عن أن الفترة التي توقفت فيها القوات الحكومية من أجل السلام، استغلها الحوثيون وحولوا مدينة الحديدة إلى أنفاق وحفريات وتحصينات، وقال إن مطار الحديدة لم يعد مؤهلاً لاستقبال الطائرات، جراء الحفريات والأنفاق الحوثية من حوله ومن تحته وفي مختلف مرافقه.
واتهم بن عزيز المبعوث الأممي مارتن غريفيث بمخالفة اتفاق الحديدة وقرار مجلس الأمن 2451، وقال: «يريد غريفيث طرح موضوع عملية إعادة الانتشار في الحديدة فقط، والمتمثل بانسحاب القوات الحكومية وخروجها من جزء كبير من المدينة، مقابل انسحاب الحوثيين واستبدالهم بميليشيات حوثية أخرى عبر قوات أمن موالية».
وكان السفير اليمني لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي، أوضح خلال كلمته أمام مجلس الأمن الاثنين، أن عدد الانتهاكات والخروق التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية منذ 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بلغت أكثر من3047 خرقاً، وأدت إلى ضحايا وخسائر جسيمة تمثلت في سقوط أكثر من 134 قتيلا و668 جريحا بينهم نساء وأطفال.
وأضاف السعدي أن «الميليشيات لا تزال توسع المواجهات مع الجيش الوطني وتستخدم أراضي محافظة الحديدة كمنصة لإطلاق الطائرات المسيرة من دون طيار والقوارب السريعة».
وقــــــد يـهمك أيـــــضًأ :
المبعوث الأممي يُعلن التوصل لـ"خطة مُفصلة" لإعادة الانتشار في الحُديدة
غريفيث يعترف بتعثر تنفيذ اتفاقيات ستوكهولم
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر