ارتفعت أسعار إيجار المنازل في المحافظات اليمنية، وغذّى ذلك زيادة نسبة النزوح بشكل يومي بسبب المعارك المتواصلة، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية والعملات الأجنبية أمام الريال اليمني.
يبحث "محمد علي" عن شقة سكنية لأسرته الصغيرة في العاصمة صنعاء، بعد أن زادت أسعار الإيجارات لأكثر من 50% خلال الأشهر الماضية، شقة مكونة من غرفتين ومطبخ وحمام، بسعر يتناسب مع مستوى دخله.
يقول محمد لـ"اليمن اليوم": "أجلس مع زوجتي وطفلاي، في منزل أحد أقربائي، في مدينة صنعاء منذ أن نزحت من مدينة الحديدة، لكنني أشعر بعدم الارتياح، لعدم قدرتي على أخذ راحتي مع أسرتي، بالإضافة إلى شعور قريبي بالضيق لطول مكوثي في منزله"، وأضاف: "منذ شهرين لم أتمكن من الحصول على شقة صغيرة، بسعر مناسب، فأصغر منزل في العاصمة صنعاء، يبلغ إيجاره 40 ألف ريال، أي ما يعادل 60 دولارا، وأعمل في مغسلة ملابس، براتب شهري يبلغ 50 ألف ريال، وغير كافٍ لإيجار المنزل، وتوفير الاحتياجات الأخرى.
ويفتقر مئات الآلاف من اليمنيين، مع حلول فصل الشتاء، إلى المنازل، وإن وجدت لا يجدون الفراش الذي يقيهم البرد، وتزداد أعداد النازحين في اليمن، يوما بعد آخر بسبب توسع رقعة المعارك بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثيين، في محافظة الحديدة، غربي اليمن، وصعدة، والبيضاء، وجبهات القتال الأخرى.
يصعد محمد بخفة ورشاقة إلى مسكنه الجديد الذي بناه من مخلفات الخشب فوق إحدى الأشجار، في أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء، بعد أن طرده صاحب الدكان الذي كان يتخذه مسكنا له، لعدم قدرته على دفع الايجار، وتراكم الديون عليه.
يعيل أحمد الذي ينتمي إلى محافظة أب وسط البلاد، أسرة مكونة من اثني عشر شخصا، ويشرف على لعبة البلياردو، وكرة الفوسبول.
يقول أحمد لـ"اليمن اليوم" إنه طرد من الدكان لعدم قدرته على دفع الإيجار، وأضاف: "لقد نمت في الشارع لأيام كثيرة، لكنني كنت عرضة لعيون المارة الذين اتهمونني بالجنون"، وأشار إلى أن النوم في الشارع أجبره على التفكير بسكن يخفيه عن عيون الناس، فوجد الشجرة التي تتوسط أحد الشوارع الرئيسية في العاصمة اليمنية صنعاء، والمطلة على لعبة الجيم، فوجدها مكانا مناسبا ليتخذها سكنا له.
ويؤكد أحمد أنه محظوظ لتمكنه من إنشاء بيت جديد، لا سيما أنه مزود بنوافذ تهوية، ولوح شمسي لإنارة الغرفة، إضافة إلى أنه لا يطرق بابه أحد يطالبه بالإيجار كل صباح.
تنام المئات من الأسر اليمنية على أرصفة الشوارع، وتحت الأشجار، وفي المباني قيد الإنشاء، في ظل استمرار الحرب وزيادة أعداد النازحين، وارتفاع أسعار إيجارات المنازل، وتفتقر تلك الأسر إلى ما يقيهم حرارة الشمس، وبرد الشتاء، ناهيك بافتقارهم للطعام والشراب، ولا يستطيع أحمد محسن، توفير الطعام والشراب لأسرته، المكونة من سبعة أفراد، ويسكن في أحد الأبنية قيد الإنشاء في العاصمة صنعاء.
ويعمل أحمد في بيع المساويك "عود الأراك"، في شوارع العاصمة صنعاء، لتوفير الطعام والشراب لأسرته، بعد نزوحه من مدينة الحديدة غربي البلاد.
يقول أحمد لـ"العرب اليوم": "لقد نمت أنا وأسرتي على أرصفة الشوارع، وتحت الأشجار، حتى وجدت عمارة قيد الإنشاء، واستأذنت مالكها بالمكوث فيها، حتى يتحسن وضعي وأتمكن من استئجار منزل"، وأضاف: "أعمل في بيع عود الأراك، من الصباح إلى المساء، لتوفير الطعام والشراب، وبالكاد أتمكن من ذلك".
وأردف: "لقد خففنا من واجباتنا الغذائية إلى وجبتين في اليوم، لكي نتمكن من العيش، بعد أن ارتفعت أسعار المواد الغذائية، إلى أكثر من 300%"، وأشار إلى أنه يجني مبلغ 1500 ريال ما يعادل (دولارين)، يوميا ولا تكفي لشراء الاحتياجات الضرورية، وتساءل كيف سوف يتمكن من استجار منزل.
وأردف "لقد نزحنا من مدينة الحديدة، بملابسنا، ولم نأخذ شيئا، لقد نجونا من الموت بأعجوبة، لكنني أعتقد بأننا لن ننجو من الجوع".
وأدت الحرب التي تشهدها البلاد إلى نزوح أكثر من 3 ملايين شخص، داخليا، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، في اليمن، الأفقر في العالم.
ويحتاج 22 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية والإغاثية، بينما بات نصف سكان البلاد يواجهون المجاعة، بالإضافة إلى وفاة شخص كل 3 ساعات بسبب الحرب، حسب منظمة أوكسفام.
وصنّفت الأمم المتحدة، اليمن وسورية، كبلدين أقل سعادة في العالم، بسبب الحرب المتواصلة التي أدت إلى تدمير المدن، ونزوح الملايين من الأشخاص، ومقتل وإصابة مئات الآلاف
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر