تغيب تفاصيل الاستعداد ومظاهر الاحتفاء بقدوم عيد الفطر المبارك لدى غالبية السكان في صنعاء، وتبدو حالة عجزهم عن شراء مُعظم احتياجات العيد الضرورية، بالرغم من ازدحام أسواق مدينتهم بالبضائع والعروض الخاصة بمستلزمات العيد قُبيل حلول عيد الفطر السابع، منذ انقلبت مليشيات الحوثي على السلطة الشرعية في البلاد أواخر العام 2014م.
وأنت تتجول في أسواق المدينة تلمح وجوه كثير من السكان يكسوها بؤسٌ ممزوج بالعجز عن عدم قُدرة شراء مستلزماتهم العيدية.
إذ أن استمرار الحرب ضاعفت معاناة اليمنيين، حيث ألحقت بهم أضراراً اقتصادية بالغة على مستوى فقدان مصادر الدخل وانعدامها، وجعلتهم في مواجهة مباشرة مع الظروف المعيشية الأشد قسوة، لم يألفها غالبية اليمنيين، تحديداً موظفي الدولة المنقطعة مرتباتهم مذ ما يزيد عن 4 أعوام.
تتصدر الكسوة والحلويات قائمة مستلزمات العيد. الموظف الأربعيني أحمد الصبري يقول لبلقيس: "أريد أشتري كسوة العيد لأطفالي الأربعة وما قدرت، لا صرفوا رواتبنا ولا معي عمل، باقي حاجات العيد سهل ما نريدها".
ومع طول فترة الحرب تتوالى خسارات اليمنيين لأبسط احتياجاتهم وأسرهم، خصوصاً متطلبات العيد الضرورية لأطفالهم، حيث يقفون عاجزين عن توفيرها. إذ يعتبر الباحث الاقتصادي (م. ج) البالغ من العمر 42 عاماً، ما يمر به اليمنيون -على وجه التحديد في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية- بقوله لبلقيس: "الحوثيون ينكلون باليمنيين، ويتلذذون بتعذيبهم".
وأبدى امتعاضه من امتناع مليشيات الحوثي عن صرف مرتبات موظفي الدولة، خصوصاً في المناطق التي تحت سيطرتها، وهي قادرة على ذلك، حيث تحقق مبالغ طائلة من أساليب الجباية التي تتبعها.
غلاء الأسعار ونقص في السيولة
تنعدم السيولة المالية عند الغالبية من السكان، نظراً لظروفهم المعيشية السيِّئة، حيث تعد أبرز معوّقات توفير متطلبات العيد الضرورية لهم. أيضا، ارتفاع الأسعار بصورة جنونية، يتحمله المواطن العاجز عن شراء الاحتياجات العيدية لأسرته. وتختلط نظرات المواطنين لحاجات العيد المعروضة في الأسواق بمرارة الحرمان، لعدم قدرتهم على شرائها، وصاروا عاجزين عن إدخال أطفالهم في أجواء العيد الفرائحية، نتيجة غياب مظاهر البهجة التي تتمثل -غالباً- في كسوة وحلويات وكعك العيد. المواطن الخمسيني صادق حاتم شكا حالة البؤس التي يمر بها، وهو غير قادر عن توفير متطلبات العيد الضرورية لأطفاله، حيث يقول : "الأسعار جحيم، والفلوس ما فيش، والعيد قد هو يوم للقهر، ما عاد معانا إلا نبصر حلويات العيد في الأسواق".
تتوالى موجات ارتفاع الأسعار بصورة مستمرة في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية، وبطرق غير معلنة، يتكبّد عناءها المواطن، دون أن ينال أبسط حقوقه التي نهبتها المليشيات مذ استيلائها على السلطة.
وهو ما أكده الباحث الاقتصادي -المذكور سلفاً- الذي قال ل: "سبب
ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الجنوني أساليب الابتزاز والجبايات التي تفرضها المليشيات على بضائع التجار، ويتحمل المواطنون تبعاتها"، مُحملاً حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي الشق الأكبر من معاناة المواطنين وحرمانهم من رواتبهم، خصوصاً الموظفين المدنيين في مناطق سيطرة المليشيات الانقلابية.
رجل المرور ناصر المدري، البالغ من العمر 39 عاماً، يقول لبلقيس: "ما عاد أقدر أشتري حاجة للعيد، لا معاشات ولا شي، بالكاد أوفّر المصاريف الضرورية للبيت، وأجي السوق أبصر الأسعار وأروح لي".
وشهدت الأسعار ارتفاعاً مخيفاً هذا الموسم، خلافاً لأعوام سابقة، في ظل تزايد حالات الفقر بصورة مُرعبة عند السكان في صنعاء، حيث بلغ سعر الكيلو الزبيب نحو 18 ألف ريال، ما يعادل 30 دولارا سعر الصّرف في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية، وغيرها من بقية حلويات العيد.
ويشكو بعض باعة مستلزمات العيد -حلويات وغيرها- حالة الكساد الكبيرة لبضائعهم الخاصة بالعيد، التي شهدت تراجعا وتدنيا لقدرة السكان الشرائية في صنعاء.
حيدر الوصابي، أحد بائعي حلويات العيد، يبلغ من العمر 45 عاماً، يقول لبلقيس: "إقبال الناس على شراء حاجات العيد ضعيف جداً، وغير كل مواسم الأعياد السابقة، بسبب ظروف الناس الصعبة"، موضحاً السبب في ارتفاع أسعار تلك المواد، بقوله: "زادت رسوم الضرائب، وهناك جبايات فرضها الحوثيون علينا بمُسميات مختلفة، وما معانا إلا نرفع الأسعار".
مصادرة بهجة السكان بالعيد
تستمر مليشيات الحوثي الانقلابية في مصادرة كل مظاهر الحياة لدى السكان في نطاق سيطرتها، تحديداً في صنعاء، حيث كرّست أساليب التنكيل بالسكان بشتى الوسائل، حتى البهجة ومظاهر الاحتفاء بقدوم العيد سرقتها، وأحالت حياة معظم السكان إلى بُؤس. المواطن الستيني عبّر عن سُوء الأوضاع، بقوله لبلقيس: "من يوم جاءوا صنعاء مسحوا كل شيء من حياة الناس، وتركوا أعيادنا وأيامنا كلها جحيم".
وتكاد تختفي كثير من مظاهر بهجة العيد بسبب سُوء الظروف المعيشية للسكان، التي تبدو أكثر قسوة على الأطفال الذين ألفوا حلويات العيد، وعيديّتهم، وهي مبلغ صغير من المال يتلقونه من الأهل والأقارب، حيث تصادر المليشيات آخر ما تبقى لسكان صنعاء وأطفالهم من مظاهر البهجة والاحتفاء بعيد الفطر القادم.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر