بدأت الميليشيات الحوثية قبل أيام بعمليات حشد وتجنيد واسعة لمقاتلين جدد عبر استهداف طلبة المدارس من صغار السن والمراهقين تحت لافتة انطلاق المراكز الصيفية في المناطق الخاضعة لها، وذلك بالتزامن مع رصد الجماعة لميزانية وصفت بـ«الضخمة» لضمان إنجاح زرع الأفكار الطائفية والمتطرفة في عقول النشء اليمني.
وتحدثت مصادر مطلعة في صنعاء عن تخصيص الجماعة الحوثية أكثر من 600 مليون ريال (حوالي مليون دولار) كتكاليف لطباعة أكثر من 40 ألف كتيّب، تحوي خطبا ومحاضرات لمؤسس الميليشيات حسين الحوثي وكذا زعيمها عبد الملك الحوثي بغية تدريسها وتوزيعها على الطلاب الملتحقين بتلك المراكز.
وفي حين دشنت الجماعة هذه المراكز قبل يومين، لاستقطاب أكبر عدد من المقاتلين الجدد إلى صفوفها وإعداد جيل جديد يحمل أفكارها المتطرفة، أطلق تربويون يمنيون تحذيرات تدعو إلى سرعة استعادة الدولة والقضاء على الانقلاب لإنقاذ مستقبل البلاد والحيلولة دون تفخيخه طائفيا.
وبحسب وسائل إعلام حوثية، تهدف الجماعة حاليا عبر تأسيس 6 آلاف مركز صيفي إلى تلقين ما يزيد على 650 ألف طالب (أغلبهم من صغار السن) ثقافة الموت والحقد والطائفية والكراهية عبر 24 ألف معلم أخضعتهم الجماعة لدورات مكثفة في العاصمة صنعاء وريفها وفي كل من إب وصعدة وعمران والمحويت وريمة وحجة ومناطق أخرى تحت سيطرتها في محافظات الحديدة والجوف وتعز والبيضاء والضالع ولحج ومأرب. وبحسب معلومات وأرقام من مصادر مطلعة بعدة محافظات تحت سيطرة الجماعة فإن إجمالي عدد المراكز التي أنشأتها الميليشيات أخيرا في ريف صنعاء يصل إلى حوالي 900 مركز صيفي، وتستهدف قرابة 35 ألف طالب وطالبة بعدد من المديريات والقرى في حين يصل عدد المراكز في محافظة إب إلى ما يزيد على 850 مركزا موزعة على 20 مديرية ويشرف على إقامتها 2300 شخص ما بين مدير ومشرف ومدرس.
وذكرت المصادر المطلعة أن عدد المراكز الصيفية الحوثية بمحافظة ذمار بلغت 300 مركز موزعة على 12 مديرية، منها 100 مركز خاص بالطالبات، في حين تسعى الجماعة إلى استقطاب نحو 3 آلاف و500 طالب وطالبة كحصيلة أولية بذات المحافظة.
ووضعت الميليشيات توقعات بأن عدد الطلبة والطالبات الذين ستتمكن من إلحاقهم بمراكزها سيصل إلى 25 ألف طالب وطالبة من مختلف المراحل التعليمية بالمراكز الصيفية في محافظة صعدة (المعقل الرئيسي للجماعة)، بينما تعتقد ذات الجماعة بأن نحو 50 ألف طالب وطالبة في العاصمة صنعاء سيلتحقون هذا الموسم لتلقي أفكار الجماعة بمراكزها.
وتطمح الجماعة أيضا، طبقا للمصادر، إلى استقطاب أكثر 26 ألف طالب وطالبة في محافظة عمران، ونحو 30 ألف طالب في الحديدة، و21 ألفا في حجة، إلى جانب 18 ألف طالب وطالبة في تعز، وجميع هذه الأعداد تتوقع الميليشيات أنها مجرد حصيلة أولية تقريبية.
وبدلاً من تكثيف الميليشيات لجهودها في مكافحة فيروس «كوفيد - 19» المتفشي سريعا بمناطق سيطرتها، تحدث مصدر تربوي في العاصمة صنعاء عن تكثيف قيادات الجماعة عقد الاجتماعات واللقاءات برئاسة القيادي المدعو قاسم حمران المعين من قبلها نائبا لوزير التربية بحكومة الانقلابيين في سياق التحضيرات لإطلاق تلك المراكز.
ووفق المصادر فإن ما تسمى باللجنة الإشرافية العليا لتلك المراكز أصدرت أواخر الأسبوع الماضي تعميمات لأتباعها في المحافظات والمديريات والقرى الخاضعة لسيطرتها تدعوهم للمشاركة الفاعلة في الترويج لتلك المراكز وتشجيع أولياء الأمور والطلبة على أهمية الالتحاق فيها.
وبينما تواصل الجماعة محاربة العاملين في القطاع التربوي بحرمانهم من رواتبهم وأبسط حقوقهم، كشف مصدر تربوي عن رصد الانقلابيين العام الحالي أكثر من مليون دولار، ميزانية تشغيلية لانطلاق المراكز الصيفية، وقال إن « الميليشيات خصصت ولأول مرة جزءا من تلك المبالغ لشراء ملابس ومساعدات غذائية وعينية وألعاب أطفال وهدايا بهدف توزيعها على الأسر الفقيرة والأشد فقرا بمناطق سيطرتها مقابل إلحاق أطفالها في مراكز التعبئة.
وعلى صعيد التحذيرات الأممية والمحلية المتتالية من استمرار الميليشيات الحوثية في استقطاب مزيد من الأطفال والزج بهم في جبهات القتال المختلفة، جدد ناشطون وإعلاميون في صنعاء التحذير من خطورة مخططات الجماعة التي تنفذها حاليا من خلال تغيير عقائد الأطفال والمراهقين وغسل أدمغتهم بأفكارها «الخمينية». ووصف بعض الناشطين هذه الدورات الحوثية التي تحتضنها المئات من المدارس بـ«الخطيرة»، والتي تهدف - بحسبهم - إلى بناء حكم ثيوقراطي من خلال زرع مفاهيم مغلوطة في عقول الناشئة وتغذيتهم بأفكار وأجندات متطرفة خارجية.
وربط الناشطون بين الأسلوب الذي تنتهجه الميليشيات بمناطق سيطرتها والأسلوب المتبع لدى الكثير من الجماعات والتنظيمات الإرهابية كـ«القاعدة» و«داعش» في استهداف طلبة المدارس من صغار السن عبر مخيماتها الصيفية.
وطبقا لتصريحات البعض من ذوي الطلبة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الحوثيين، لـ«الشرق الأوسط»، تطمح الجماعة عبر دروسها الصيفية الحالية إلى إقناع الأطفال والمراهقين بترديد صرخة الموت الخمينية وتلقينهم كافة العقائد المتطرفة وتدريبهم على استخدام السلاح ومختلف أنواع فنون القتال تمهيداً للزج بهم في الجبهات.
على الصعيد ذاته، حذر أولياء أمور كُثر في صنعاء ومناطق أخرى قرناءهم من مخاطر إلحاق أبنائهم بمراكز التطييف والتلقين الحوثية، وقال بعضهم إن « مساعي الجماعة تهدف للحصول على أكبر قدر من المؤيدين والمقاتلين الجدد الذين تزج بهم للقتال.
وبدوره، أبدى عمر محمد، وهو اسم مستعار لولي أمر لثلاثة طلبة بالمرحلة الابتدائية، رفضه القاطع تسجيل أبنائه في أي مركز صيفي تابع للجماعة. وقال: «من أراد أن يخسر أبناءه بشكل نهائي فليقدم على تسجيلهم في المخيمات الصيفية الحوثية». كما حذر ولي أمر آخر في صنعاء رمز لاسمه بـن. ك، من مساعي الحوثيين لتحويل الأطفال والمراهقين إلى ميليشيات وقتلة يدمرون أنفسهم ويدمرون حاضر اليمن ومستقبله، وفق تعبيره.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر