زار مسؤول أمريكي كبير ضمن وفد دبلوماسي دولي منطقة "الشرق الأوسط"، الأسبوع الماضي؛ للمشاركة في محادثات تهدف إلى إيجاد حل سياسي للحرب الأهلية المروِّعة في اليمن.
ونقلت شبكة "سي بي إس نيوز" عن أحد المسؤولين قوله إن هناك -على الأقل- إدراكا متزايدا بشأن تعقيد المشكلة في اليمن.
في كل ليلة من شهر رمضان المبارك، يشارك العديد من اليمنيين في مناقشات، غالبا ما تكون ساخنة حول كيفية إنهاء الحرب التي مزّقت بلدهم لأكثر من ست سنوات.
قاد الصحفي اليمني حمدي البكاري واحدة من تلك المناقشات على تطبيق "كلوب هاوس"، هذا الأسبوع، وكان موضوع النقاش "الارتباط بين أزمة اليمن ومواجهة أخرى في المنطقة".
وقال البكاري لشبكة "سي بي إس نيوز": "نعلم أن هناك مفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني تجري في فيينا، وأي تقدّم يحدث هناك سينعكس على الوضع هنا في اليمن". وانتهت المحادثات في مسقط (عاصمة سلطنة عُمان المجاورة لليمن)، بعد أسبوع واحد من دون إحراز أي تقدّم ملموس.
رفض الحوثيون الاجتماع وجها لوجه مع المفاوضين في عُمان، خلال الأسبوع الماضي.
وقال مصدر قريب من المفاوضات لشبكة "سي بي إس نيوز" إن هناك أوامر للحوثيين بعدم التحدّث مباشرة مع الوفود الأمريكية أو السعودية.
وقال المصدر لشبكة "سي بي إس نيوز" إن الوفد الأمريكي اكتسب -على الأقل- فهما أفضل للتعقيدات في اليمن، خلال الأسبوع الماضي، وكان هناك شعور واضح بأنهم "عازمون، هذه المرّة، على النجاح".
وقال البكاري، الصحفي اليمني: "في الوقت الحالي، لا يزال الأمريكيون في مرحلة استكشاف ما يريده كل طرف".
وزار المبعوث الخاص للرئيس بايدن إلى اليمن (تيم ليندركينغ) مسقط وعواصم إقليمية أخرى خلال الأسبوع الماضي، وانضم إليه وزير الخارجية السعودي (الأمير فيصل بن فرحان آل سعود)، والسيناتور كريس مورفي (ديمقراطي من ولاية كونيتيكت)، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي للشرق الأدنى وجنوب آسيا وآسيا الوسطى ومكافحة الإرهاب، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن (مارتن غريفيث).
أدرك مورفي تحدّيات محاولة التفاوض على إنهاء الحرب في اليمن وسط المواجهة مع إيران، وقال إن السياسة المتشددة للإدارة الأمريكية السابقة في التعامل مع طهران، إلى حد ما، لا تزال تقف عائقا في الطريق.
وقال لوكالة "أسوشيتد برس"، هذا الأسبوع: "طالما أننا ما زلنا نفرض عقوبات على الاقتصاد الإيراني ... فسيكون من الصعب دفع الحوثيين إلى وقف إطلاق النار".
ووصف مورفي المحادثات المنفصلة في فيينا، التي تهدف إلى إعادة إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، بأنها "مهمة للغاية، وربما حاسمة للسلام في اليمن".
إذا لم يكن هناك تقدّم حقيقي في محادثات إيران، توقع مورفي أن يواصل الإيرانيون "رؤية اليمن كفرصة لإيذاء الولايات المتحدة وحلفائنا".
وقال جريفيث، في بيان: "لسوء الحظ، لسنا في المكان الذي نرغب فيه للتوصل إلى اتفاق".
وفي غضون ذلك، استمرت الحرب بلا توقف، مما تسبب في معاناة هائلة للسكان المدنيين.
وقالت إليزابيث كيندال، الخبيرة في شؤون اليمن في كلية "بيمبروك" بجامعة "أكسفورد"، لشبكة "سي بي إس نيوز" إن تدفق الممثلين من جميع أنحاء العالم عبر مسقط، خلال الأسبوع الماضي، كان -في حد ذاته- علامة على محاولات جادة لصياغة اتفاق لوقف إطلاق النار.
لكنها أوضحت أن "الاتفاق السياسي لن يتعدّى كونه الخطوة الأولى، لأن الحرب نفسها أصبحت معقّدة بشكل لا يُصدق".
وقالت إن التوصل إلى اتفاق سيكون صعبا للغاية، لكنه ليس مستحيلا، مضيفة "التحدّي الأكبر هو ترجمة أي اتفاق إلى سلام على الأرض، وذلك مستحيل في الوقت الحالي".
وقدرت الوكالة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة عدد القتلى في صفوف المدنيين منذ بدأ المتمردون الحوثيون حربهم ضد الحكومة المعترف بها دوليا بنحو "233 ألف شخص، بما في ذلك 131 ألفا، لأسباب غير مباشرة، مثل نقص الغذاء والخدمات الصحية، والبنية الأساسية".
يدور أعنف قتال الآن حول السيطرة على محافظة مأرب الغنية بالنفط. كلا الجانبين يدّعي النصر، لكن العنف مستمر، حيث وقع آلاف المدنيين في مرمى النيران.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن تصعيد الأعمال العدائية هذا العام وحده "أدى إلى نزوح أكثر من 13600 شخص (2272 أسرة) في مأرب - وهي المنطقة التي تستضيف رُبع النازحين داخلياً في اليمن البالغ عددهم 4 ملايين".
وقال ممثل المفوضية في اليمن، جان نيكولا بيوز، لشبكة "سي بي إس نيوز": "مازال المدنيون في اليمن يدفعون ثمنا باهظا. فالإصابات والتهجير القسري حدث يومي، ونقص الوقود صعّب من عمل الوكالات الإنسانية التي تكافح لتقديم التدخلات المنقذة للحياة".
وقالت كيندال إن "الطبيعة المتباينة للقوات المشاركة الآن في القتال ستجعل إنهاء الصراع أكثر صعوبة، وهناك عشرات الجبهات النشطة. وقد فرضت الحرب عمليات استقطابية وانتقامية لا يمكن وقفها بمجرد توصل النّخب السياسية إلى اتفاق".
واستدلت كنيدال على ذلك بمثال المجلس الانتقالي الجنوبي الذي قالت إنه كان غائبا تماما عن المحادثات في مسقط، وليس متحالفا مع الحوثيين، ولا مع الحكومة اليمنية، وقد قاتل من أجل استقلال منطقة جنوب البلاد.
وحذّرت كيندال من انهيار اليمن أكثر، موضحة أنه مهما كان ميزان القوى في اليمن في المستقبل، فإن الاستقرار سيعتمد على حُكم محلي قوي يكون تمثيليا وغير فاسد.
وقالت إن القوى الأجنبية، التي تتفاوض بشأن مستقبل الشعب الفقير، يجب أن تنتهز "كل فرصة.. لاستخدام زخم الدبلوماسية الجارية، لدعم المؤسسات المحلية في البلاد".
وأكدت أنه عندئذٍ -على الأقل- سيكون لدى اليمنيين فرصة للاستمرار في حياتهم، سواء كانت القوى الموجودة قادرة على تسوية خلافاتها أم لا!!
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر