بدأت إلهام محمد -وهي في العقد الثالث من عمرها- تعاني من حمّى وآلام في المفاصل والشعور بالدوار المتقطّع خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس، وقد كانت قلقة؛ إذ يبدو أنها قد أصيبت بكورونا عن طريق أحد زبائنها في الصيدلية التي تعمل بها.كانت الأعراض التي تعاني منها تشير إلى أنها مصابة بفيروس كورونا، فقد عانت من فقدان قدرتها على الشم والتذوق لمدة أسبوعين.تحكي إلهام: "لم أسمح لنفسي بالذهاب للعمل. شعرتُ أنني أعيش لحظات المرض وأوقاتا مظلمة. ولزمتُ غرفتي لثلاثة أيام. تذكرت خلالها الخوف الذي كان يعتلي وجوه الزبائن الذين كانوا يأتون لشراء بعض الأدوية في محاولة لإنقاذ قريب لهم مصاب بأعراض كورونا".
كافحتُ للقضاء عليه
تتابع إلهام قائلة: "كثير ممن يأتون لطلب العلاج كانوا يصفون لي حالات مشابهة لحالتي التي أصبت بها، ويبحثون دائما عن أدوية محددة؛ مثل: الفولتارين، باندول كولد أند فلو، زنك، كالسيوم، زيثروكان، وغيرها من العلاجات لإنقاذ مرضاهم"، وتمضي قائلة في وصف حالتها: "كنتُ أجد صعوبة في المشي والوقوف وانعداما في التذوق والشمّ إلى جانب الشعور بالغثيان. حاولت جاهدةً المقاومة وإنقاذ حياتي وحياة والدتي التي كانت تعاني من نفس الأعراض التي أصابتني، وربما أنا من نقلت العدوى إليها".
بعد أسبوعين تعافت إلهام من تلك الأعراض، ولكن حالتها الصحية لم تعد كما كانت، فحتى اليوم ما زالت فاقدة لحاستَي الرائحة والتذوق. وأحيانا تعاني من آلام المفاصل، لكن الجيّد في الأمر أنها تتنفس بشكل طبيعي، ولكي تحافظ على سلامتها أكثر التزمت بارتداء الغطاء الواقي على الوجه بعد عودتها للعمل في الصيدلية.
وتردف إلهام قائلة: "بعض الشباب يعتقدون أنهم محصنون ضد مضاعفاته الخطيرة، وأنهم لن يصابوا بفيروس كورونا، لكني أوجه رسالة إليهم بأن يأخذوا هذا الموضوع بجدية. نعم؛ هناك معلومات تقول إن الفيروس ليس خطيرا على فئة الشباب مثل كبار السنّ، لكن الحذر واجب".
كورونا والعاملون في المجال الصحي
تُعدّ احتمالات العدوى التي يتعرّض لها الأطباء والعاملون في القطاع الصحي أكثر بما لا يُقارن من العاملين في قطاعات أخرى، فهم يخالطون عشرات أو مئات المرضى يوميا، وفوق ذلك يحتمل أن ينقلوا العدوى إلى أسرهم وأصدقائهم، وهو ما يجعل من حماية العاملين في القطاع الصحي من العدوى ضرورةً قصوى.
تتحدث رنا الرداعي -وهي مخبرية في إحدى مستشفيات محافظة إب- عن عدم توفر أجهزة الفحص الكافية في المستشفى الذي تعمل به، وتذكر أن هذا الأمر يؤثر كثيرا على إنقاذ أرواح أشخاص كثر معرضين للموت.تقول رنا: "يُفترض أن تتوفر أجهزة فحص كافية لكي نستطيع إنقاذ المصابين بهذا الفيروس الخطير، وعلى الرغم من أن حكومة أنصار الله(الحوثيين) لا تعلن عن بيانات حقيقية بعدد الإصابات بحجة عدم إرهاب الناس وتخويفهم، الوضع يزداد سوءا، ونحن المسؤولون أمام الله".وتضيف: "بسبب الحرب والحصار التي تعيشها اليمن، يصعب توفير أجهزة فحص كافية لشعب يصل عدد سكانه إلى أكثر من 30 مليون نسمة تقريبا، ولذلك نطالب المنظمات الحقوقية والإنسانية بسرعة إنقاذ اليمن من هذا الفيروس الخطير".
تعيش رنا مع طفلين ووالدهم في منزل صغيروتخشىكثيرا من الإصابة بالفيروس خوفا عليهم. تحكي عن ذلك فتقول: "أشعر بالمسؤولية والضغط الشديد تجاه عملي وتجاه مرضاي، ولكني أشعر بالخوف كثيرا عندما اختلط بعدد كبير من المرضى ثم أعود إلى منزلي وأهلي. المجال الطبي مكان يعرضنا للخطر دائما إذا لم نأخذ الاحتياطات اللازمة".
رفضت أن تغلق عيادتها وقت انتشار الوباء
إن غالبية القوى العاملة في المجال الطبي تتكون من نساء، فهنّ ممرضات وطبيات وصيدليات ومخبريات، وهن أيضا سكرتيرات وإداريات وفرّاشات. حضور كبير جدا للمرأة في الخطوط الأمامية للحرب الطبية مع فيروس كوفيد-19. النساء جنود الحرب ضد الجائحة.
أمل إبراهيم طبيبة رفضت أن تغلق أبواب عيادتها بعد انتشار الوباء بصنعاء وأصبحت تستقبل أي حالة تصل إليها.تقول أمل: "واجهتُ عائلتي برفضي إغلاق عيادتي الخاصة بالإسعافات الأولية. وعلى الرغم من أنى لا أمتلك الإمكانات المتطورة لفحص المرضى، اكتسبت خبرة كبيرة في تحديد المرض ونوعيته".وتضيف: "كثير من المرضى في الفترة الأخيرة يأتون إلى عيادتي ولديهم أعراض الأنفلونزا، لكنني أطمئنهم بأن الوضع ليس خطيرا وأن عليهم أخذ قسط من الراحة وعدم القلق والخوف".
وتذكر أمل أن من يأتي إليها من المرضى يخافون الذهاب إلى المستشفيات بسبب الإشاعات التي يسمعونها، وأن من يدخل الى المستشفى لا يغادرها إلا متوفيا، وهذا ما يجعل عيادتها ممتلئة بالمرضى ويجعلها لا تستطيع إغلاقها أمامهم.
إحصاءات كورونا في اليمن
أفادت منظمة الصحة العالمية في 12 إبريل بارتفاع عدد حالات انتقال عدوى كوفيد-19 حول العالم بنسبة 9% قبل أسبوعين، وهذا الارتفاع مستمر للأسبوع الثامن على التوالي، مع ارتفاع عدد الوفيات بنسبة 5%.يأتي ذلك فيما قالت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة كورونا في اليمن: إنها سجلت 5770 حالة منها 2209 حالة شفاء و1119 وفاة.
ويؤكد مراقبون أن عدد الإصابات بكورونا في اليمن أعلى بكثير من الرقم المعلن، بسبب عدم توفر أجهزة الفحص الكافية المعنية بالكشف عن الإصابة بالفيروس، بالإضافة إلى نقص الإبلاغ بسبب غياب الشفافية في المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله، وعدم دقّة الفحص بسبب الخلط بين كورونا والحميات الأخرى في مناطق الحكومة المعترف بها دوليا.
ورجَّحت وزارة التنمية الدولية البريطانية أن العدد الفعلي لحالات الإصابة بفيروس كورونا في اليمن قد يتخطّى مليون حالة، فيما توقعت منظمة الصحة العالمية أن الوباء قد يصيب أكثر من نصف اليمنيين (حوالي 16 مليون)، ويقتل
أكثر من 40 ألف يمني.
تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر الذي ينفذه مركز الإعلام الثقافي CMC.
قد يهمك ايضا:
امرأة ثانية تتقدم بطلب الترشح لمنصب رئيس سوريا
القضاء الأوروبي يأمر بسحب عائشة القذافي من القائمة السوداء للاتحاد الأوروبي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر