لقد تحملت صناعة الموسيقى الكثير من الأزمات في العصر الرقمي، من الموت البطيء لأقراص الموسيقى المضغوطة "السي دي- CD"، لظهور القرصنة عبر الإنترنت، والآن جاء دور المذيعين الإذاعيين الذين يواجهون هجرة مقلقة بين المستمعين الشباب بسبب البث الإلكتروني.
للوهلة الأولى، يبدو نسبة الاستماع إلى الراديو في المملكة المتحدة كبيرة، وتستقر بثبات عند نحو 48 مليون بالغ أي 88٪ من سكان بريطانيا البالغين، يستمعون إلى الكثير من الساعات كل أسبوع، ومع ذلك ، فإن هذه الأرقام تكذب حقيقة أن الراديو الذي يواجه أزمة قلة أعداد جماهير الشباب.
منذ عام 2010، نحو 840،000 من فئة الشباب من عمر 15 إلى 24 عامًا، قد حولوا نظرهم عن الراديو إلى الانترنت بشكل كبير، وفقًا لبحث جديد من مؤسسة "Enders Analysis"، ومن بين 6.5 مليون أو نحو ذلك الذين لا يزالون يتابعون الراديو، انخفض مقدار الوقت الذي يقضونه في الاستماع إلى 29٪ بين عامي 2010 و 2018.
والمشكلة أكثر حدة في هيئة الإذاعة البريطانية "BBC"، حيث تنخفض ساعات الاستماع الإجمالية بين الشباب في أعمار 15 إلى 24 عامًا، بنسبة 40٪ خلال الفترة الزمنية نفسها.
وقد اتجهت هيئات البث الإذاعي لتغير محتواها في محاولة للحفاظ على جمهور الشباب، حيث استبدلت محطة "BBC Radio 1" ، المحطة التي تجذب أكبر جمهور للشباب في إذاعة المملكة المتحدة، نيك غريمسو، بالمذيع جريج جيمس لجذب أكبر عدد من الشباب.
وتولى زوي بول قيادة برنامج إذاعة راديو 2 الصباحي، وهو أكبر عرض على الراديو، بعد أن قامت إذاعة "روبرت مردوخ" بتوظيف كريس إيفانز، في محاولة لجذب مستمعين جدد إلى الراديو.
واعترفت هيئة الإذاعة البريطانية في العام الماضي، أنها وجدت لأول مرة أن الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 34 عامًا، قد قضوا المزيد من الوقت في الاستماع إلى تطبيقات الموسيقى الجديدة، مثل "Spotify" و "Apple" و"Amazon Music" و"YouTube"، مُقارنة بجميع الخدمات الإذاعية لهيئة الإذاعة البريطانية، وبين الشباب من 15 إلى 24 عامًا، نمت سرعة بث الموسيقى على هذه التطبيقات لتستهلك حولي ثلث وقت الاستماع من نحو 10٪ للراديو.
ويقول جيل هيند ، المحلل في مؤسسة "Enders"، "إن الشباب يتجهون نحو تطبيقات بث الموسيقى الجديدة، ويقاطعون الراديو بشكل كبير، لكن هذه التطبيقات أخذت مكان الأقراص المدمجة، وليس بالضرورة تمثل استبدال مباشر للراديو، لا يزال الشباب يستمعون للراديو ولكن لفترات قصيرة كل أسبوع، هناك الكثير من الخيارات البديلة المتاحة ، من (YouTube) والألعاب إلى (Netflix) وتطبيقات الموسيقى".
وكانت خطوة تطبيق "Spotify" في وقت سابق من هذا الأسبوع لإنفاق مئات الملايين على شركات البث، وتخصيص ما يصل إلى 500 مليون دولار (387 مليون جنيه استرليني) لمزيد من الاستحواذات في هذا المجال هذا العام، مؤشر واضح على أن الارتفاع والصعود في البث يبدو أنه التحدي المقبل الذي يلوح في الأفق بالنسبة للراديو التقليدي، وحددت "Spotify"، حجم التهديد ، قائلة أنها تتوقع أن يكون 20٪ من نسبة الاستماع على خدمتها محتوى غير موسيقي "أخبار" ولديها حاليًا 207 مليون مستخدم نشط شهريًا.
ويعتبر الاختلال الرقمي في الراديو جزءاً من نفس الظاهرة، التي أثرت بالفعل على قطاعات السوق الأخرى، وعلى الأخص التلفزيون، حيث انخفضت ساعات المشاهدة بين الشباب بأعمار 15 إلى 24 عامًا في المملكة المتحدة منذ عام 2010.
ويُبيّن سيوبان كيني ، الرئيس التنفيذي من هيئة الصناعة "Radiocentre"، أن "كل وسائل البث لديها تحديات مع الجمهور الأصغر سنًا، ولكن الراديو يدير هذه التحديات بشكل أفضل من غيره".
ومع انتقال صناعة الراديو إلى عصر الإنترنت ، انتهز المذيعون فرصة إطلاق محطات رقمية محلية ووطنية جديدة ، تعمل بشكل أفضل في جذب المستمعين، كان هناك 453 محطة رقمية في نهاية عام 2018 ، ارتفاعًا من 192 محطة في عام 2010.
وأظهرت أحدث الأرقام هذا الأسبوع من "راجار"، هيئة قياس صناعة الراديو، انخفاض طفيف في الاستماع عبر الإنترنت والتطبيقات في الربع الرابع من العام، وهو ما يمثل 9.4 ٪ من مجموع الاستماع الأسبوعي.
ويقول سكوت تونتون، الرئيس التنفيذي لشركة "وايرلس"، التي تملك محطات مثل "توسي سبورت" و"فيرجين راديو" ، أن الراديو، على غرار التلفزيون، يتمتع بقوة لا تزال تجعله تجربة لا بد من الاستماع إليها لا يمكن تكرارها من خلال تطبيقات الموسيقى، إن الرياضة الحية والعروض التلفزيونية، التي يجب مشاهدتها مثل "Love Island"، أو في حالة الراديو، مثل برنامج Evans"" ، تجعل الجماهير يعودون مرة أخرى.
قد يهمك أيضًا: هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تُشعل نزاعًا داخليًّا بين المُوظّفين
فريق "بي بي سي" يتلقى انتقادات لنشره فيديو مضحكاً على "تويتر"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر