يعد الشاعر والأديب والسياسي الموريتاني ناجي محمد الامام شخصية موريتانية بارزة في البلد ومعروف في عالم عربي أطلق عليه بعض أدبائه "متنبي موريتانيا".. كتب الشعر ومارس السياسة وخبر المعتقلات والمنافي.
وكشف ناجي محمد الإمام، في حوار خاص لـ"اليمن اليوم"، عن علاقاته بالأحزاب الحاكمة، ونظرته إلى الساحة الثقافية والأدب في بلاده، والحديث عن الأدب والسياسة و"ثقافة السلطة" و"السلطة والثقافة".
يحاول الشاعر الموريتاني، أن يكتب بشكل مختلف للناس، عن الناس والعدل والحب ويمارس الحلم اليقظ بالثورة والوحدة العربية، والخبز والدفاتر الملونة والملابس الجديدة لأطفال البسطاء.
يخوض منذ ثلاثين عاما، تجربة استصحاب واستبطان جملة من الرؤى التي تريد للثقافة أن تكون تعبيرا عن الحضارة الإنسانية المكتملة، أي هذا السلك الناظم الذي يبدأ بطريقة إمساك الصبية الفرنسية بالملعقة عندما تحرك مكعب السكر في الفنجان، والحركة المتوارثة لرد البيضانية "طرفها" لستر خصلات مرسلة عَمدا من غرتها الأثيثة وهي "ترد" بخفر على"سلام" مختزل؛ ولاينتهي بلوحة بيكاسو عن "الغرنيقة" بل يتجاوزها إلى طقوس "البانتو" ورقص دراويش مولانا الرومي وشاهنامة الفردوسي وعمارة "الأينكا" وأنصاب حمَير و"تيدنيت" أهل آوليل وابتهالات كهنة الطاوية أمام معبد السلام السماوي".
وينظر الأديب الموريتاني، للساحة الثقافية العربية بلقع بعد سقوط بغداد وخراب طرابلس و حصار دمشق واصفرار عشب تونس وتكلس القاهرة، أما في بلاد "اللون الباهت" موريتانيا، فلا ساحة ولا ميدان لأن الذي كان فيه الشعر يسمى الزرائب، وانتهت مع حرائق القيم التي اندلعت في "أسباب" وأوتاد الخيمة وبقي "الرثاء" لحالنا و"التأويل".
الثقافة والسلطة:
ويرى ناجي محمد، بشأن العلاقة بين الثقافة والسلطة قائلا: "لم أعرف منذ وعيت علاقة بين الاثنين فقد ظلت السلطة تمارس تسلطها والثقافة تلعق ما بقي من حذائها إلى أن أكلتْ بثديها وتلاشت من حيث هي قيمة، و بقي اسم يطلق على كل عاهة مستديمة لانتفاء الحاجة إلى تحديد ماهيته".
السلطة والثقافة:
وأضاف: "في العالم الثالث للسلطة مع الثقافة مقاربتان: أوسعهما انتشارا أن تعتبرالثقافة "ملهاة" كـ"الرياضة" ضرورية لشغل الناس ولاسيما الشباب والملتاثين بالتعلم عن السينيْن "السلطة والسياسة"، ومن أجل هذه المهمة تبذل النفقات الكثيرة في مظاهرها دون جواهرها فتكثر المسارح والأجواق و الطباعة والنشر ودورالسينما والمهرجانات والنوادي والحذر من المضامين الكبرى.
والمقاربة الثانية وهي الأرقى: "تحقيق الهدف الإنمائي بوضع خطط طموحة وفق "مفهوم ثقافة التنمية" التي هي تصور نهضوي بديل لمفهوم "تنمية الثقافة" الماضوي الإتباعي العقيم".
وتميز الموريتانيون قبل قيام الدولة بثقافة نخبوية عالمة مناقضة للتصنيف الذي درج عليه التعريف الكوني بأن البادية بيئة جهل والحضر بيئة علم، أما اليوم فلا أعلم لهم "ميزة".
وتحدث الشاعر ناجي، عن إمكانية الاتحاد بين الأدباء الموريتانيين قائلا: "الاتحاد القائم احترم من فيه، ولست معننيا به فأنا أنتمي لتيار الابداع الذي يقيم تحت التأسيس "الاتحاد العام لأدباء وكتاب موريتانيا"، وقريبا بحول الله سيخرج هذا الاتحاد للنور، ويحمل مشروعا حداثيا نهضويا يفضل الإفصاح عنه في حينه.
وبشأن خروجه من اتحاد الأدباء أكد: "بالنسبة للحالة الأدبية قررتُ مع زملائي أن نمارس رؤيتنا للعمل الأدبي، والتعددية تفسح المجال لذلك، أما عن ما مضى فقد آليت على نفسي أن لا أعود للحديث عنه فلا حاجة لأجترار ما فات.
وكشف ناجي الإمام عن رأيه في الرواية الموريتانية: "هناك فراغ نفسي و جمالي لا يملأُه إلا فن السرد ومازال يحبو لكنه واعد من خلال قامات ولد ابنو والمختار السالم ولدي ثلاث روايات قدمت للطباعة منذ مدة لكن عقبات تحول دون اتمام ذلك نرجو أن تذلل قريبا أو نبحث عن ناشر بديل".
وأوضح أنه لا يحب النصائح الأبوية في الحقل الإبداعي ولكنه يرى أن الحداثة لم يمكن لها مما جعل متأدبي موريتانيا يجترون نماذج ماضوية أضحت من اللقى المتحفية إن صلحت.
وتحدث عن الحركة النقدية قائلا: "هناك غياب النقد الذي تطارده الذاتية و الزبونية و الشللية التي تعبتر كل نقد لنص مساسا بقائله و هذا في أس ما نحن مبتلون به في هذا البلد".
وبشان المشاكل التي تواجه الثقافة في البلد أفاد: أن "الطباعة والنشر عقبتان بالغتا الصعوبة، وبدونهما لا حراك، وهنا يذكر الأخ كابر هاشم ذكر الحمد والشكر، كابر هو الذي طبع ونشر منتوج الادباء باسم وتمويل الاتحاد أيام كان رئيسا له".
وبشأن وزارة الثقافة، "الشعور تجاه وزارة بعينها أو عنوان بعينه لا أملكه، و لا أشعر به لأنه يعطي انطباعا غير موضوعي، و يشي بأني معلق بيافطة محددة ..أنا لا أستمع للإجراءات الخصوصية "التعيينات" ولا أسأل عنها فلإفلاطون جمهوريته التي تملأ فراغات مابين سطوره وسطوعه".
وأوضح السياسي الموريتاني، حقيقة تلقيبه بـ"متنبي موريتانيا": "في الثمانينيات استدعيت لمهرجان الحرية الشعري في سبها بليبيا و حضرتها أسماء الشعر الأكثر لمعانا، و فوجئت بهم يصدرون ملتمسا يلقبني متنبي شنقيط، وبالمناسبة كانت لي كلمة قلت فيها إنني اعتز بماليء الدنيا وشاغل الناس ولكنني لا أمدح ولا أذم "للمرجعية مجلة الثقافة العربية المحكمة عدد 6 لعام 1987".
وبخصوص العمل السياسي أفاد ناجي الإمام: "أنا أحمل الهم السياسي في مسامي منذ الصف الخامس الابتدائي عام اعتقالي الأول زلت، ودخلت معتركها فاعلا و منفعلا منذ الثمانينيات وساهمت في ميلاد وتشكل عدة حركات و أحزاب سرية وعلنية آخرها الحزب الموسوم بالاتحاد من أجل الجمهورية الذي وضعت اللمسات الأولى على ميلاده صحبة من لايزيد عددهم على أصابع اليد وتقلدت موقعا قياديا فيه لمدة سنة تقريبا، أما مستقبلاٌ فالآفاق مفتوحة".
وأضاف: "عرفت بحمد الله السجون السياسية داخليا وخارجيا بمساعي داخلية وتمرست على المنافي وحاولت أن أتأقلم مع الحلول التوفيقية التعددية التي يقيمها المحيطون بالأحكام منذ الحزب الجمهوري وقبله حزب الشعب مرورا بـ"عادل" و"الاتحاد" فكانت متشابهة تشابه الأوراق في الغابات، كانت تجمع فلول الحركات السياسية والمتسلقين واللامنتمين فيتبادلون اللكمات تحت الأحزمة ويشتبكون في ظل القادة للظفر برضاهم وعندما يتبدل الطقس تعود حليمة إلى عادتها القديمة وذلك ما يفسر تبديل الجلود وتبادل المواقع والتوالد المرضي للظاهرة التي أضحت طبيعة ثانية، ومن هنا جاء سبب الابتعاد، لقد ابتعدتُ بنفس الطريقة عن الجمهوري في سنته الأولى، و"عادل" لم يكمل لبن عام
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر