آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

قبل أن يستقر به المقام في مقر رئاسة الوزراء البريطانيّة

بوريس جونسون السياسي والرجل في محطات بارزة من خلال مؤلفاته

اليمن اليوم-

اليمن اليوم- بوريس جونسون السياسي والرجل في محطات بارزة من خلال مؤلفاته

بوريس جونسون
لندن - اليمن اليوم

عاش بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الجديد حياة صاخبة داخل قلب الحدث وتحت الأضواء، قبل أن يستقر به المقام في 10 دوانينغ ستريت - العنوان الرسمي لمقر رئاسة الوزراء البريطانيّة -، سواء في السياسة نائبًا ووزير ظلّ وعمدة للعاصمة ووزيرًا، أو فيما يتعلّق بأموره الشخصية زواجات وخيانات وطلاقات ومشادات مع نساء كثيرات.

ولمع نجمه غالبًا عبر مواقف محرجة في الفضاءين معًا حتى سماه البعض بالمهرّج لكثرة هفواته العلنيّة، وتصريحاته الاستفزازية، ومواقفه المتناقضة وفضائحه المتكررة؛ لكّن ذلك لم يكن كافيًا بأي وقت ليوقف طموحه، أو ليحول دون ارتفاع شعبيته في بعض الأوساط، أو ليعطّل صعوده نحو قمّة هرم السّلطة.

على أن بناء صورة متكاملة عن عقل الرجل الذي سيكون وجه السّياسة البريطانيّة لشهور حاسمة قادمة على الأقل لن تكون ممكنة من خلال استعراض تصريحاته ومواقفه عبر المراحل؛ إذ إنّه معروف بقدرته العجائبيّة على الانتقال من النقيض إلى النقيض، ومن موضع التأييد إلى موضع الإدانة، ومن مكانة الحليف إلى مكانة العدو، بحسب اتجاه الريح وتقلبات الأزمنة. فهو مثلًا، وبصفته سياسيا ينتمي لحزب المحافظين، كان من أشد منتقدي الولايات المتحدّة وقتما كانت حكومة توني بلير العماليّة الحليف الأوثق للرئيس جورج دبليو بوش لحظة حرب العراق 2003. وهو وصف بريطانيا وقتها بأنها استعبدت من قبل واشنطن وأصبحت كمطيّة لها. لكنّه اليوم صديق مقرّب من الرئيس دونالد ترمب ويَعِدُ بأن يبني أقوى التفاهمات الاقتصاديّة مع الولايات المتحدة فور انتهاء عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبيّ.

ولعل موقفه من المسألة الأخيرة - أي قضية البريكست - لا يزال طازجًا في أذهان الناس، إذ كان من مؤيدي البقاء وتثبيت العلاقات مع «أصدقائنا على البر الأوروبيّ» قبل أن ينقلب على عقبيه زعيمًا لمعسكر كارهي الاتحاد.

ولذلك فإن استعادة جونسون من خلال نصوص كتبه المنشورة ربما تبدو أفضل رهان ممكن لبناء صورة أكثر تكاملًا عنه. فكثيرون - لا سيما في العالم العربي - قد لا يعرفون أن هذا السياسي الذي يتنقل في شوارع لندن بدراجته روائي قديم، وصحافي متمرّس (كان رئيس تحرير مجلّة سبكتاتور اليمينية الأسبوعيّة) ومؤرّخ أيضًا، وكتبه باعت في مجموعها - رغم رداءتها بحسب أغلب النّقاد - ما يقرب من نصف مليون نسخة. وقد كان حذّر القّراء عشية تصعيده رئيسًا للوزراء من أن متطلبات المنصب قد تعيقه عن إنهاء مُسودات الفُصول الأَخيرة من كتابه الأحدث عن شكسبير - أُحجية العبقريّة - الذي من المفترض نشره مطلع العام المقبل.

وللحقيقة، فإن جونسون ليس بأوّل روائي أو مؤرّخ بريطاني يصبح رئيسًا للوزراء، إذ إن بنجامين ديزرائيلي (1804 - 1881) نشر 14 رواية أدبيّة قبل وصوله للمنصب التنفيذي الأرفع في البلاد، بينما فاز وينستون تشيرتشل (1874 - 1965) بجائزة نوبل للآداب عام 1953 على مجمل أعماله المكتوبة وفيها سيرة ذاتيّة ومقالات صحافية، بصفته مراسلا حربيا، وتأريخ للحربين العالميين وسجل لحياة دوق مالبرو كما رواية يتيمة (سافرولا - 1900) وهي حكاية عن مغامرة أفريقيّة في دولة تقوم فيها ثورة؛ بطلها شخصيّة تشبه كاتب الرواية أكثر من أي أحد آخر. وعلى الرّغم من أنّ كثيرًا من النّقاد الأدبيين يصرّون على فصل النّصوص المكتوبة عن كاتبيها لا سيّما في فضاء الرّواية تحديدًا، فإن مؤرخي الثقافة الشعبيّة رأوا أعمال ديزرائيلي موسومة بإرهاصات لا يمكن تجاهلها عن سياساته المُحافظة في السّلطة، كما في رواية تشرشل، وجذور آيديولوجيته بشأن الصّراعات وهو الذي كان خلال العقود التالية لنشرها (بطل) حربين عالميتين راح ضحاياهما عشرات الملايين من البشر.

فماذا تقول لنا كتابات جونسون إذن عن شخصيته السياسيّة الملتبسة؟

روايته الوحيدة إلى الآن وتحمل عنوان (Seventy - Two Virgins) أي 72 عذراء (أو حوريّة من حوريّات النعيم) نشرها عام 2004 وهي نص كوميدي الطابع في 336 صفحة عن محاولة اغتيال ينفّذها إسلاميّون متطرفون ضد رئيس أميركي (يفترض أنّه جورج دبيلو بوش) وهو يلقي خطابًا له أمام البرلمان البريطاني أثناء زيارة إلى لندن، لتنتهي المحاولة بالفشل بعد سلسلة من الأخطاء والزلات المتتابعة واحتجاز رهائن لثلاث ساعات ونصف من النّهار. وقد فشلت الخطّة - تخبرنا الرواية - بفضل نائب في البرلمان البريطاني اسمه روجر بارلو يصبح في النهاية بطلًا ونجمًا إعلاميًّا، تكاد تتطابق معالم شخصيته مع شخصية جونسون نفسه الغرائبيّة لدرجة أنه بدوره يتنقل بالدّراجة إلى مقرّ عمله وكان يصرّ على ضرورة فصل الأمور الشخصيّة عن العمل السّياسي، علمًا بأن جونسون فُصل بعد صدور الرّواية بشهرين من منصب وزير ظلّ في المعارضة المحافظة بعدما تبيّن كذبه العلني بشأن علاقة خيانة زوجيّة.

الرّواية المتهالكة إبداعيا - باعت نحو 50 ألف نسخة لكنها تلاشت من الساحة الأدبيّة عاجلًا - يسيطر عليها نفس استشراقي بغيض متلفّع بالإسلاموفوبيا ويعتبر أن من طبيعة المسلمين الميل إلى القتل والعنف مدفوعين بوعود الجنس الجماعي المفتوح في الجنة، ويعمم وصف العرب بأن «أنوفهم معقوفة» و«عيونهم زائغة»، بينما يدعو البريطانيين المسلمين من أصول غير بيضاء بـ«ملوني القهوة». وهو إلى جوار انحيازه الآيديولوجي الجلي ضد الشرقيين فإن طريقة تقديمه للشخصيات النسويّة في الرواية تشير إلى نظرة جنسيّة محضة تجاههن لا تنجو منها الخيّرات ولا الشريرات. ولذا لا يستغرب المرء من تصريحاته الأخيرة - بعد 15 سنة من صدور الرّواية - في وصف النساء المسلمات المنتقبات بـ«أكياس القمامة المتنقلة». ولا تقتصر الكراهيّة والشتائم على المسلمين وحدهم بل يطال بعضها أيضًا السياسيين الفرنسيين والأميركيين، ولذا نصحه أحد الصحافيين في جريدة «ذي غارديان» البريطانيّة بسحب كل النسخ من الأسواق قبل الالتقاء بالرئيس الفرنسي قريبًا للتداول بشأن موضوعة البريكست!

عمل جونسون الأهم بالنسبة إليه هو كتابه عن «The Churchill Factor How One Man Made History» أو «دور تشرشل: كيف صنع رجل فردٌ التاريخ» الذي صدر عام 2015 وتجاوزت مبيعاته الربع مليون نسخة. ورغم أنه تعرّض لانتقادات كثيرة في الأوساط الأكاديميّة ووصفه بعضهم بـ«التأريخ الكسول»، فإنّه كان أشبه بدعاية بروباغاندا سياسيّة لا نص أكاديمي، تبدو غايته الوحيدة إقناع النّاخبين البريطانيين بأنّ جونسون هو تشيرشل جديد.

بين كتابي الحوريّات والفرد الذي صنع التاريخ نشر جونسون عام 2007 «The Dream of Room» أو حلم روما، ويجادل فيه بأسباب نجاح الإمبراطوريّة الرومانيّة في خلق ثقافة أوروبيّة متجانسة مقابل فشل الاتحاد الأوروبي المعاصر بهذه المهمة. وقد تحوّل الكتاب إلى سلسلة وثائقيّة يقود المشاهدين خلالها عبر أوروبا مستكشفًا أسرار الحوكمة في الإمبراطوريّة القديمة محاولا بالطبع إقناع الجمهور البريطاني بأنّه محافظ مثقف ليبرالي يليق بأيامنا الرّاهنة. وفي الكتاب إشارة سلبيّة بما خصّ الإسلام أيضًا إذ يقول: «ولا شكّ بأن الاعتقاد بتموضع مشكلة العالم الإسلامي في الإسلام نفسه لا يُجافي الحقيقة».

تطرح النّصوص الجونسونيّة - إن جاز التعبير - في مجموعها صورة سياسي ميكافيللي متقلّب، عنده نوازع عنصريّة عميقة ومواقف مسبقة من الآخرين ومع ذلك فهي قابلة للتغيّر بسهولة وفق تحولات الأيّام، ممتلئ نرجسيّة وتوهمًا في تعامله مع ذات متورّمة. لكّن مثل تلك الأوصاف قد لا تكون مدعاة للإدانة التامّة في عالم السياسة المعاصرة. بل لعلّها تحديدًا سرّ تصعيد بوريس جونسون إلى قمّة هرم السلطة في بريطانيا هذه الأيّام.

قد يهمك ايضا:

لقاء مُوسّع في أديس أبابا تمهيدًا لـ"قمة الرياض" برئاسة أحمد أبو الغيط

إثيوبيا توحِّد السودان وتمحو دولة عربية من خريطة أفريقيا

alyementoday
alyementoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوريس جونسون السياسي والرجل في محطات بارزة من خلال مؤلفاته بوريس جونسون السياسي والرجل في محطات بارزة من خلال مؤلفاته



إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 07:18 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

برونو مارس يُعلن فوزه بـ " جائزة غرامي " لأغنية العام

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 03:13 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 01:54 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

بيلا حديد تبرز في ثوب أبيض في شوارع نيويورك

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 23:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الجزيرتان كشفتا عيوبنا

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 14:26 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

"جونو "تدور حول كوكب المشتري منذ العام 2016

GMT 10:07 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض محرز يتجاهل المنافسة مع محمد صلاح

GMT 13:59 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

فريق الباطن يستضيف نظيرة الرائد في الدوري السعودي

GMT 20:02 2018 الخميس ,15 آذار/ مارس

قطة تورط بشكتاش التركي في أزمة مع اليويفا

GMT 04:04 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جمارك سيارة إنفينيتي QX50 موديل 2017

GMT 15:30 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إليزابيث هيرلي تنقل أجواء القاهرة السينمائي لجمهورها

GMT 19:47 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الخام الأميركي يسجل ذروته في 4 سنوات قبل عقوبات على إيران

GMT 17:49 2020 الخميس ,20 شباط / فبراير

قذيفة من ديانج مرت بجوار قائم مرمى الزمالك

GMT 17:23 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تنفي دعوة مصر لاجتماع طارئ لها مع فتح في القاهرة
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen