أفادت مصادر في القطاع الصحي الخاضع لسيطرة الميليشيات الحوثية بأن مرض «الملاريا» عاد مجدداً للتفشي بشكل كبير في أوساط اليمنيين من مختلف الأعمار بمدن تقع تحت سيطرة الميليشيات، وذلك في ظل توالي التحذيرات المحلية والدولية من أن الوباء لا يزال يهدد حياة ثلثي سكان البلاد، ووسط اتهامات لقادة الجماعة بنهب مخصصات برامج المكافحة.
وتم تسجيل 110 آلاف إصابة جديدة في سبع مدن خاضعة لسيطرة الميليشيات خلال الفترة من أبريل (نيسان) وحتى مطلع يونيو (حزيران) من العام الحالي، منها 3 آلاف و200 حالة وفاة لنساء حوامل وأطفال دون الخامسة.
وطبقاً لهذه البيانات التي أحصاها عاملون صحيون في مناطق سيطرة الجماعة، فإنه إلى جانب تفشي الملاريا انتشرت بمناطق الجماعة خلال الفترة ذاتها أمراض وأوبئة أخرى بينها حمى الضنك والكوليرا وغيرها.
وأرجعت مصادر طبية في صنعاء أسباب ارتفاع حالات الإصابة بمرض الملاريا بمناطق الحوثيين إلى هطول الأمطار مؤخراً على عدة مدن وانتشار المخلفات، في ظل غياب كامل لسلطات الميليشيات وتقاعسها عن القيام بدورها في مكافحة الأوبئة والأمراض الناقلة.
وتوقعت المصادر أن تكون الأرقام الفعلية لحالات الإصابة بالملاريا أكثر من الحالات المبلغ عنها، التي اعتمدت على بعض تقارير الترصد الإلكتروني للإنذار المبكر للأمراض.
وبينت أن عودة تفشي المرض بمدن إب وحجة وعمران والمحويت وريف صنعاء وذمار وقرى تحت سيطرة الجماعة بالحديدة بأنه يعود إلى إمعان الميليشيات منذ الانقلاب بتحويل مدن سيطرتها إلى ساحة مفتوحة ومستنقع كبير لتفشي الأوبئة.
وربط سكان محليون بين تفشي عديد من تلك الأمراض الوبائية بمناطق الجماعة وبين سرقة قادتها لمخصصات قطاع النظافة ومؤسسات المياه وبرامج مكافحة الأوبئة، وإيقاف رواتب ومخصصات المستشفيات والمرافق الصحية، وكذا تسخير عائدات الجمارك والضرائب وغيرها من الجبايات الأخرى لخدمة مشاريع الجماعة وحروبها ضد اليمنيين ولإثراء قادتها.
وحسب التقارير والمعلومات الطبية، لا تزال الحديدة كعادتها كل عام تتصدر الترتيب الأول بمعدل الإصابات بالملاريا خلال تلك الفترة، تليها مباشرة في الترتيب الثاني محافظة إب، في حين احتلت كل من محافظتي عمران وحجة المرتبة الثالثة والرابعة، لتأتي بعدها بقية المحافظات تباعاً في المراتب الأخيرة.
وعبر أطباء وعاملون صحيون في صنعاء عن قلقهم إزاء تزايد خطر الإصابة بالملاريا بمناطق سيطرة الجماعة، خصوصاً في أوساط شريحة النازحين الذين يحتاجون لمزيد من الدعم والمساندة.
وقال البعض منهم لـ«الشرق الأوسط»، إن الانقلاب والحرب التي افتعلتها الجماعة وسياسات الفساد والنهب والعبث المنظمة التي انتهجتها طيلة سنوات فائتة خلقت عدداً من التحديات والصعوبات والعراقيل أمام برامج مكافحة نواقل الأمراض والأوبئة، وتقديم خدمات الترصد الوبائي.
كانت مصادر عاملة في القطاع الصحي في صنعاء أطلقت بوقت سابق تحذيرات من أن الأمراض الوبائية المدارية، على رأسها الملاريا، لا تزال تشكل تهديداً حقيقياً لحياة اليمنيين، خصوصاً مع استمرار موسم الأمطار المصحوب بانتشار البعوض الناقل للمرض، وفي ظل الانهيار المتسارع للمنظومة الصحية وتزايد معاناة السكان من تبعات الفساد الحوثية.
وكشفت المصادر ، عن أن الستة الأشهر الأولى من العام الماضي شهدت تسجيل نحو 260 ألف حالة إصابة بمرض الملاريا في كل من إب وعمران وذمار وصنعاء ومناطق متفرقة من الحديدة والسواحل المجاورة لها بحجة.
وفي حين اعتبرت المصادر أن المعدلات المرتفعة لسوء التغذية أدت إلى زيادة خطر الإصابة بالملاريا بين الفئات الضعيفة، خصوصاً الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل، بسبب انخفاض نظم المناعة لديهم. قالت أيضاً إن من بين تلك الحالات المسجلة قرابة 20 ألف حالة وفاة معظمها من الأطفال دون الخامسة ونساء حوامل.
وقبل أسابيع وأشهر قليلة ماضية، أفادت تقارير محلية وأخرى دولية بأن مرض «الملاريا» لا يزال متوطناً في اليمن، ويتهدد صحة وحياة ثلثي السكان هناك.
كانت منظمة الصحة العالمية أكدت في بيان سابق، أن الملاريا لا تزال تصيب الملايين كل عام وتفتك بأرواح أكثر من 400 ألف، معظمهم من الأطفال، بسبب تعثر جهود مكافحة المرض الذي ينقله البعوض.
وحذرت المنظمة من أن تمويل مكافحة المرض، الذي يودي بحياة طفل كل دقيقتين، هزيل بشكل عام. ونظراً لأنه ينتقل عن طريق البعوض، فإن نصف سكان العالم يواجهون خطر الإصابة بالمرض. ودعت حينها الدول المانحة وحكومات البلدان التي ينتشر بها المرض لتكثيف جهود مكافحته.
منظمة «أطباء بلا حدود» هي الأخرى أكدت في وقت سابق أن «الملاريا» يواصل تأثيره على آلاف السكان اليمنيين، في ظل نظام صحي ضعيف من جراء الحرب الدائرة في البلاد. وأعلنت المنظمة أنها عالجت خلال عام 2017 فقط أكثر من 10 آلاف مصاب بالملاريا.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر