صنعاء - اليمن اليوم
قُرابة سبعة أشهر من التفشّي الخفي والمُخيف لوباء 'الملاريا' وإيقاعه آلاف الإصابات المؤكّدة والمشتبهة في مختلف مديريات تعز، الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، أعقبها حالة هلع وذعر كبيرين في أوساط المواطنين والسلطات الصحية، التي دقّت أجراس الخطر، وكشفت عن أكثر من 16 ألف حالة، منها 2850 إصابة مؤكدة، وهي إحصائية تقريبية، ولم تشمل المناطق البعيدة والنائية، التي لم تصل منها بلاغات إلى السطات الصحية في المدينة.
ترجّح مصادر رسمية أن الأرقام الحقيقية أكبر من ذلك بكثير، كون وباء 'الملاريا' منتشراً في كل مديرية، وترتفع مؤشرات تفشيه بشكل يومي، في ظل غياب التدخّل الرّسمي، وجهود المكافحة. وأوضح مصدر مسؤول في مكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة لموقع 'بلقيس': "هذا العام لم يشهد أي عمليات مكافحة، وذلك جراء عدم تجاوب وموافقة وزارة الصحة، والبرنامج الوطني التابع لها، ومنظمة الصحة العالمية، والسلطات المحلية، والمنظمات العاملة في تعز، على خُطط مكتب الصحة والبرنامج الوطني لمكافحة الملاريا في المحافظة".
وأوضحت المصادر أن السلطات الصحية -خلال العام الجاري- لم تقمْ بأي جهود لمكافحة 'الملاريا'، مشيرةً إلى أن المؤسسات الصحية غادرت دورها الإنساني، وطغى عليها الطابع السياسي، إذ تمّ تسييسها مع الكوادر الصحيّة، وعمّتها المهاترات، والمناكفات، والمماحكات، والصراع الحزبي، ما أوجد مشكلة جديدة، وأسهم في زيادة انتشار 'الملاريا'.
وتشهد المدينة، الواقعة جنوب غرب البلاد، تفشياً ملحوظاً للعديد من الأمراض والأوبئة، بما فيها الحُميات الفيروسية، التي أوقعت -خلال الأشهر الماضية- مئات الإصابات، وسجّلت تزايداً كبيراً، مقارنةً بالعام الماضي، ويعود ذلك إلى توفّر البيئة والمناخ الملائمين لتكاثر النواقل، وغياب جهود المكافحة والنظافة، وتكدّس النفايات، وطفح المجاري، وتكاثر بِرك وأحواض وأوعية الماء المكشوفة.
وتُسهم العديد من العوامل في ارتفاع معدلات انتشار الملاريا، أبرزها: عدم وجود شبكة مياه، ما دفع السكان إلى حِفظ المياه بشكل عشوائي وخاطئ، وذلك في خزانات مفتوحة وعُلب وأوانٍ، وفَّرت بيئة مناسبة لتكاثر البعوض.
وتركِّز السلطات الصحيّة على مواجهة فيروس 'كورونا'، ما جعل 'الملاريا' من الأوبئة المجهولة والمنسية، ومكّنها من التوسّع بشكل كبير، خصوصاً في المديريات الساحلية، ك: الوازعية، ومقبنة، وموزع، وذوباب، التي تأتي بعدها مديرية 'المعافر' وأجزاء من 'جبل حبشي'، و'صبر الموادم'، ثم المديريات الواقعة داخل المدينة، بما فيها 'المظفر'، التي تحتل المرتبة الأولى في عدد الإصابات، تليها مديرية 'القاهرة'، ثم مديرية 'صالة'، طبقاً للمصدر المسؤول.
تداعيات
التجاهل الحكومي للملاريا تسبب في انتشارها بشكل غير مسبوق وشديد الخطورة، وفاقم من أعباء القطاع الصحي الهش، الذي يشكو مسؤولون فيه غياب الدّعم، وتواضع الإمكانيات، وعدم القدرة على خوض معركة جديدة، في الوقت الذي لم تنتهِ مواجهته مع 'كوفيد -19'، التي انخرط فيها كل من وزارة الصحة في الحكومة الشرعية، والسلطة المحلية، والمنظمات الدولية والمحلية.
فتحت 'الملاريا' فصلاً آخر من فصول المعانات للأسر الفقيرة، التي تبذل جهوداً تفوق طاقتها وقدرتها على الاحتمال لتأمين قُوْتها اليومي، في حين تعجز عن تحمّل تكاليف علاج مرضاها، في ظل شِحة الأدوية، وارتفاع أسعارها، وغلاء المعيشة، وانقطاع الرواتب، وندرة الأعمال، وجفاف مصادر الدَّخل، وتردّي أوضاعها المادِّية، والمعيشية، ما حدَّ من قدراتها على تجنّب الإصابة بالملاريا أو علاجها، وتجاوز مخاطرها، ومضاعفاتها الصحيّة.
تتعدد مصادر البعوض الناقل للملاريا، وأماكن
تكاثره، وذلك في الشوارع والأحياء والأزقة والمنازل، التي تحوي خزانات وبراميل وأوعية مياه مكشوفة، كما تقترب من أكوام النفايات، وأماكن تجمّع البعوض، في حين يفتقر المواطنون إلى 'الناموسيات'، ومستلزمات الوقاية الأخرى، ويُتركون لمواجهة مصيرهم، كما تغيب الجهات المعنية عن التدّخل والقيام بالمكافحة.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر