لم يكتمل تنفس الصعداء للاقتصاد العالمي، نتيجة توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين واشنطن وبكين منتصف الشهر الجاري، حتى فتح الرئيس الأميركي دونالد ترمب جبهة ثانية، كانت مؤجلة، مع الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تأثيرات فيروس كورونا، المكتشف في الصين، وأثارت تصريحات ترمب مؤخرًا قلق المستثمرين الأوروبيين، بعدما هدّد حلفاءه بفرض رسوم جمركية على صادراتهم من السيارات.
وشهد الاقتصاد العالمي تراجعًا في معدلات النمو وتراجع الاستثمارات، وهو ما يعزوه البعض إلى تداعيات حرب الرسوم الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم؛ الولايات المتحدة والصين، اللذين وقعا مؤخرًا اتفاقًا للمرحلة الأولى، على أنه حال بدء فصل جديد من فصول الحرب التجارية، التي ستكون مع الاتحاد الأوروبي، هذه المرة، سيتعرض الاقتصاد العالمي إلى انتكاسة، نظرًا لأنه لم يتعافَ بشكل تام، حتى الآن.
ورغم زيادة حدة المخاوف في الأسواق، فإن فرنسا وأميركا توصلتا إلى هدنة ضريبية، وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير، مساء الخميس، إن فرنسا توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة حول أساس محادثاتهما المستقبلية بشأن ضريبة رقمية عالمية على مستوى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، موضحًا: "إنها أنباء جيدة لأنها تقلل خطر فرض عقوبات أميركية وتفتح المجال للتوصل إلى حل دولي بشأن الضريبة الرقمية".
لكن نبرة ترمب في حديثه عن الاتحاد الأوروبي، تشير إلى أمد طويل، قد يصل إلى المدة نفسها التي بلغتها الصين في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، منذ مارس (آذار) 2018، وقد تزيد.
وقال ترمب في تصريحات على هامش منتدى دافوس، إن "التفاوض مع الاتحاد الأوروبي أصعب من التفاوض مع أي أحد آخر. لقد استفادوا من بلدنا على مدى سنوات كثيرة". وتابع: "إذا لم نتوصل إلى شيء ما (اتفاق تجاري)، فسأتخذ إجراءات، وستكون عبارة عن ضرائب مرتفعة جدًا على سياراتهم ومنتجاتهم الأخرى (المصدرة) إلى بلدنا".
غير أنه لفت إلى أنه يريد "الانتظار حتى أنتهي من الصين. لا أريد أن أنشغل بالصين وأوروبا في الوقت نفسه. والآن انتهينا من الصين"، في إشارة إلى الاتفاق الجزئي الذي أبرمته واشنطن وبكين في وقت سابق هذا الشهر.
في غضون ذلك، طالب رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، ديتر كيمبف، ببذل مزيد من الجهود لحل النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقال كيمبف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الألمانية أمس (السبت): "قطاع الصناعة ينتظر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من الآن فصاعدًا مزيدًا من الحيوية الواضحة في المفاوضات المتعلقة بالقضايا الاقتصادية عبر الأطلسي".
وذكر كيمبف أن الشركات ترى في تصريحات الرئيس الأميركي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين في دافوس "إشارات مشجعة" على مفاوضات قوية بشأن اتفاقية تجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وقال: "إتمام مثل هذه الاتفاقية سيكون أمرًا جيدًا من أجل الرخاء في أوروبا وفي الولايات المتحدة، ومزيد من التعاون الثنائي".
وأضاف: "التهديدات بفرض قيود جمركية أميركية على السيارات وقطع غيارها ليس في محله على الإطلاق. السيارات لا تعرض الأمن القومي الأميركي للخطر. الهدف الأسمى يتعين أن يكون الآن الحيلولة دون مزيد من التصعيد"، موضحًا أنه بخلاف ذلك سيُجرى فرض ضرائب على المنتجات في ضفتي الأطلسي، ما يعرض الثقة والاستثمارات على المستوى العالمي للخطر.
ومن شأن إبرام اتفاقية تهدف إلى إلغاء الجمارك على البضائع الصناعية وخفض العوائق التنظيمية أن يؤدي بسرعة ودون تعقيدات إلى تأثيرات إيجابية كبيرة على اقتصاد المنطقتين وشركاتهما.
وفي 2 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قالت الحكومة الأميركية إنها ستدرس احتمال زيادة الرسوم الجمركية على منتجات للاتحاد الأوروبي وستطبق رسومًا على مزيد من المنتجات، مرجعة ذلك إلى عدم تحقيق تقدم في حل نزاع حول دعم صناعة الطائرات.
وردت المفوضية الأوروبية في اليوم التالي، بأنه لا يحق للولايات المتحدة، بموجب قوانين منظمة التجارة العالمية، زيادة الرسوم الجمركية على منتجات الاتحاد الأوروبي على خلفية الخلاف القائم بين أميركا وأوروبا بشأن دعم التكتل لصناعة الطائرات.
وكانت منظمة التجارة العالمية قد أعلنت سابقًا أن الدعم الأوروبي لشركة إيرباص غير قانوني، ثم سمحت للولايات المتحدة بالرد من خلال الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الأوروبي لتكون قادرة على تحصيل تعويضات بقيمة 7.5 مليار دولار.
قد يهمك أيضًا:
الرئيس الأميركي يُعلن أنّ الاتفاق التجاري مع بكين "أفضل بكثير مما توقَّع"
ترامب يؤكد أنه سيُعلن "خطة السلام" في الشرق الأوسط قبل الثلاثاء
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر