باريس - اليمن اليوم
نطلقت فعاليات النسخة الرابعة من مهرجان السينما الفلسطينية، في العاصمة باريس وضواحيها، والفيلم الذي أخرجه مؤيد عليان، هو واحد من ٢٨ فيلما تتوزع عروضها على ثلاث صالات، وعلى مدى عشرة أيام، ابتداء من مساء ٢٥ أيار/مايو. وبعد أن كان "نظرة على عام ١٩٦٧"، عنوان النسخة الثالثة من التظاهرة نفسها، العام الماضي، حيث تركزت العروض حول هزيمة حزيران/يونيو، ينصب التركيز هذا العام على نكبة الشعب الفلسطيني، عام ١٩٤٨، حيث تتزامن العروض مع الذكرى السبعين للكارثة.
وبما أن العجز السياسي الفلسطيني هو لسان حال راهن المرحلة، لا سيما في غياب أي رد فعل جديّ عربيّ حيال إعلان "القدس عاصمة لإسرائيل"، ونقل سفارة واشنطن إليها، أخيراً، فإن الفعل الثقافي- والسينما هنا ببعديها الفني والتوثيقي- يحاول التأكيد، على فاعليتها في تجاوز كل عجز وأي انسداد. كما يأتي المهرجان بعد أيام فقط من اختتام فعاليات المهرجان العالمي الأهم، "كان"، الذي شهد المشاركة الأولى للسينما الفلسطينية، بتمثيل رسمي وجناح خاص لفتا الأنظار خالقين شيئاً من الأمل، بعد أن كان الأمر مقتصراً على الحضور الفلسطيني الفردي.
وبالعودة إلى المهرجان الباريسي، فلا مبالغة بالقول، نظراً إلى الازدياد الملحوظ لأعداد زائريه، إنه بات يستقطب شريحة أوسع من الفرنسيين، وغيرهم، من مخرجين ومنتجين وصناع سينما وهواة ومشاهدين، على السواء، وإن كانت السينما الفلسطينية، على رغم الإنجازات الفردية إلى حينه، لا تزال في طور البناء وتشكيل هوية بصرية مستقلة.
وبخصوص التيمة الأساسية، النكبة، يستضيف المهرجان هذا العام المخرج كمال الجعفري، عبر عرض أعماله، لكونها تتناول الموضوع من عدة زوايا، بالإضافة إلى تقديمه "ماستر كلاس". ومما عُرض للجعفري، كان فيلمه التجريبي، Recollection (استعادة). فهذا الفيلم الذي عرض، عام ٢٠١٦، في جامعة كولومبيا، بنيويورك، يقوم على تجربة استثنائية. حيث أن ابن مدينة الرملة، الذي نشأ في يافا، يلجأ في فيلمه إلى البحث والتنقيب في أكثر من ٦٠ فيلماً إسرائيلياً صُورت في المدينة المتوسطية، بين الخمسينيات والتسعينيات.
وبإحساس عال، يلتقط الجعفري عدة مشاهد من تلك الأفلام، وبتقنيات سينمائية حديثة، يُغيّب المشاهد التي يظهر فيها ممثلون إسرائيليون وأميركيون، ويعيد تركيب المشاهد والمدينة في آن، فتستحيل يافا بطل السرد البصري، دون أي حوار أو بناء درامي أو سيناريو. وفيلم آخر حول التيمة نفسها، هو الشريط الطويل "الطريق ١٨١"، الذي يمتد على أربع ساعات ونصف الساعة، للفلسطيني ميشيل خليفي والإسرائيلي إيال سافان، وهو رحلة سينمائية على الحدود التي رسمها قرار الأمم المتحدة، رقم 181، عام 1947. وأيضاً، يحضر "عمواس: استعادة الذاكرة"، لديمة أبو غوش، الذي يقوم على فكرة إعادة بناء قرية عمواس على هيئة مجسم هندسي، بالاعتماد على ذاكرة أهلها.
وعلى ما جرت العادة في استضافة شخصية سينمائية فلسطينية، فإن ضيفة شرف نسخة العام، هي المخرجة مي مصري. وجدير بالذكر أن سينما "لومينور" اُضطرت إلى فتح صالة ثانية، لاستيعاب أعداد من حضروا للاستماع إلى الماستر كلاس الذي قدمته. استعرضت مصري محطات مفصلية في السينما الفلسطينية، وركزت على دور المرأة فيها، لا سيما وأنها، مصري، أول من قدم تجربة بصرية فلسطينية ناضجة من السينمائيات الفلسطينيات، لا سيما في الشريط "٣٠٠٠ ليلة".
ولمرة أولى، بموازاة العروض، أقيمت جلسات "أيام صناعة السينما"، حيث التقى سينمائيون فلسطينيون وعالميون، مخرجون ومنتجون، لتبادل الخبرات، ولبحث إمكانيات توسيع نطاق التوزيع والإنتاج السينمائي الفلسطيني. وسُلط الضوء في هذه الفعالية على الفيلمين الأخيرين للمخرجة الفلسطينية، آن ماري جاسر، "لما شفتك" و "واجب"، باعتبارهما حققا نجاحات كبيرة. كما كان لافتاً في هذه الفعالية حضور خبراء وسينمائيين أوروبيين وفلسطينيين محترفين، مثّلوا عدة مؤسسات ومنظمات تبحث في تطوير التجربة الفلسطينية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر