آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الروائي محمد الأشعري ينجز كتابة روايته الجديدة "ثلاث ليال"

اليمن اليوم-

اليمن اليوم- الروائي محمد الأشعري ينجز كتابة روايته الجديدة "ثلاث ليال"

الروائي محمد الأشعري
الرباط - اليمن اليوم

إن أردْتَ أن تصبح روائياً، فأنت في حاجة إلى تأسيس مشروع، أو الأصحّ الى طرحه وترتيبه بالأحرى، لأنك لن تأتي به من عدم، وإنما من حياة مختزنة، وذاكرة مراكِمة، ومن سلالة ستحييها بنقلها من معيش كان، إلى آخر يتكوّن، قد زرعت النطفة، اللغة، الروح في رحم التخييل، أي فن السرد، لتبدأ عندئذ حياة جديدة اسمها الرواية.

هكذا بدأ محمد الأشعري، لما قرّر أن يوسّع تربته الإبداعية في الأدب المغربي، فينتقل من الشعر، الذي تبرعم فيه في السبعينات، إلى الرواية التي يرسخ فيها قلمه اليوم، بعد غارات خاطفة في العقد الموالي، بين القصة القصيرة، والكتابة الصحافية الحاذقة. وقد مكر الكاتب، بعد وعيه بأهمية استعادة الجذور (بومندرة، قرية الأجداد) والحفر في تضاريس تاريخ لا قيمة للحاضر من دونه والإلحاح على فتح "علبة الأسماء" (رواية سابقة، 2015) لتدوين بعض سيرة التنكيل الجسدي والروحي، كما كابدها هو وجيلنا في زمن قريب، بعد هذا يتجسّد المكر في تحويل ما يمكن أن يتكوّن ويؤوّل مجرد قطعة من سيرة ذاتية، أو تخييل ذاتي، إلى فسيفساء بالتراب والخزف والزخرف والتخاريم، أي بالسرد والشعر معاً.

ثورة الذات
المشروع اذًا، هو تحويل السيرة إلى طريق كتابة، بحكايات، بأناس وعوالم، ونظام، أي لعب فني محكم. فهي تمتد إلى سِير آخرين، لأننا جميعاً لم نعش في مغرب الاستقلال وزمن العرب الحديث غير ذلك التنكيل والقهر والحِجر، معجون في آمال خائبة وجراح مفتوحة لا ينفك الكلام الأدبي ينكأها، إنما السرد التخييلي يربط الزمن التاريخي ببؤرة الذات، ليلحقهما بالإنساني.

ولعلّ آخر قطعة في هذه الفسيفساء، روايته الجديدة "ثلاث ليال" (المركز الثقافي العربي، 2017). يعمد فيها، خلافاً لسابقتيها "القوس والفراشة" و "علبة الأسماء" إلى اصطناع تركيب ضمني بين ثلاث قصص أو روايات قصيرة، مواصلاً، بتعديل، التيمة ذاتها هي بمثابة مهيمِنة على المشروع الروائي قيد التكوين، مجتهداً، بحكم هذا المقتضى، في وصل المنفصل ليتصل.

إننا أمام نص سردي، يشتمله عنوان واحد، من ثلاث طبقات. كل طبقة بشقّة ذات غرفتين معيّنتين زيادة على الملحقات. ثلاثة أزمنة تأتي ضمن أمكنة، عوالم، جغرافيا وعمران بشري اجتماعي، سياسي، وفضاءات حيوية، خارجية، تحفل كثيراً بالداخلية. هي الذوات التي يتسع فيها الحكي وينشر الليل فوق لحمها وأديم عمرها سدوله وشجونه، وفي عتماتها تينع شجرة الاستعارة.

تحكي الليلة الأولى ظلال القوة والمجد وهما ينسحبان عن القامة الجبارة للباشا لكلاوي، أحد كبار أعيان مراكش في المغرب. هو من المتعاونين مع الاستعمار الفرنسي، ومن ممثلي إقطاع وحكم زمن واقع بين سلط وتاريخ متعدد: ملك مستضعف، واستعمار حديث، وسلطة أعيان هو قوتها ورمزها ترفض الزوال، وتمثل كل سمات ماض يزحف عليه حاضر سيسومه الخسف والهوان، ليبزغ فجر مغرب جديد لو قدِّر له البزوغ.

لا يعني السارد- وهو في كل المراحل والقصص المروية عليم، سرد التاريخ، وقائعه، فإنه وجده سابقاً، ومبتغاه، أحد رهاناته ومخاطره- أن يعيد رسم بعض عضلات جبروت الباشا وأفول زمنه، ببشائر عودة الملك المنفي، تزامناً مع إصابته في مقتل، في فحولة تنطفئ بعد قوة عارمة، بين الفضاء، المخدع الحريمي وسيف الحكم البتّار، المطلق، المتمرد على السلطة المركزية، والمخاتل مع الاستعمار، المستسلم أخيراً في ليل السلطة المدلهم إلى فتنة مينة، المختطفة من أحضان أمها وقريتها وغريم. فالمرأة، مصدر الهوى والهاوية، بوصفها افتراضاً الخيط الناظم بين قصة وأخرى، متيناً نسِج هذا الخيط أو رخوا.

وفي الليلة الثانية، نجد مناسبةً في التحقيب بقدومها بعد الإستقلال، وامتدادها إلى نهاية الألفية الثانية. لا يتغير فيها شيء سوى تلاوين الظلام، وبعض طقوس تجذر كينونة المستبد وهيمنة سلطة المطلق والخفاء، حيث تكمن أقبية الحريم، تسوسهما إرادة استبداد يتأبّد. من الباشا لكلاوي إلى حاكم لا يتسمّى انسحر ايضاً بفتاة من الجنوب، واجتثّها من حضن أمها، من إكمال تعليمها، فخلخل تصريف أفعال الزمن (هذا فصل يقوم على لعبة نحوية صرفية). شرّد الأهل وحرق الأكباد، وسجن أرواح المحظيات والعواتق خلف الأسوار، قابعات ينتظرن شرر شهوته، أو رضا منه ليقترننّ، باقيات ملك يمينه، بواحد من خدامه. ومن ثمّ يعاقب بأن يلد إبناً مسخاً (صورة لحكم ممسوخ)، قبل أن ينهي فصله الموت، هازم اللذات. فتتحرر فتاة الجنوب، وينهي حاكم جديد عهد الحريم، ليسدل الستار على ليلة أخرى، "من غير أن ينجلي ليل كأن نجومه بكل مغار الفتل شدّت بيذبل".

alyementoday
alyementoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الروائي محمد الأشعري ينجز كتابة روايته الجديدة ثلاث ليال الروائي محمد الأشعري ينجز كتابة روايته الجديدة ثلاث ليال



GMT 19:01 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رواية "جبرين" للروائي العماني سعيد السيابي في مختبر السرديات

GMT 14:33 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

إصدار طبعة جديدة من رواية "أشباح وطنية" لإبراهيم عيسى

GMT 11:24 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اشهار رواية " أنا مجرة " للكاتب سيف عموص

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen