الشارقة- اليمن اليوم
ناقشت الأمسية الثقافية التي استضافها ملتقى الأدب ضمن فعاليات الدورة الـ36 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، تحت عنوان "بهجات من لذة النص إلى عذوبة الإبداع"، واستضافت كلًّا من الروائي السعودي الدكتور محمد حسن علوان، والروائي المصري أحمد مراد، وأدارها الشاعر محمد أبو عرب، محاور عدّة كما طرحت العديد من التساؤلات في الأوساط الأدبية التي تدور حول ظاهرة الابتهاج بالنص الأدبي، ومدى إمكانية الكاتب الاحتفاء بما خطه قلمه من إبداعات وروائع، والكيفية التي يتم بها هذا الابتهاج، فلذة الكتابة التي لا يتذوّقها إلّا من داوم عليها، وعمل على ملازمتها، حتّى صارت همّه الذي يشغل معظم تفكيره
واستهلّ أحمد مراد حديثه بالتأكيد "على أنّه لا يغوص في أعماق أي نص إبداعي ولا يستمر في إنجازه، ما لم يجد فيه الشعور باللذة والاستمتاع"، مؤكّدًا على "أهمية أن يكون كاتب النص قارئًا جيدًا قبل أن يكون كاتبًا، كون القراءة تضيف للراوي والمؤلف الكثير من المفردات والأفكار التي تكتمل معها جماليات النص،
موضحًا بقوله "التحدي الكبير الذي يواجهني أثناء كتابة أي نص يتمثل في إمكانية قدرتي على المحافظة على حالة الشغف والتشويق التي يصنعها النص في مخيلة القارئ، إلى جانب الوصول إلى ما أود كتابته وأعبر عنه ضمنيًا، وهنا تكمن عبقرية الكتابة، وأعني بذلك تحقيق لذة الكتابة مع جذب القارئ وتحفيزه على إكمال النص، واعتبر أن احتفاظ العمل برونقه وسحره على امتداد سنوات طويلة هي من أهم مؤشرات نجاحه".
وعلّق مراد على سؤال أثارته الجلسة عن اللغة المستخدمة ودورها في الوصول إلى اللذة بقوله "اللغة هي الوعاء الرئيس الذي يستوعب فكرة النص، التي من خلالها تتمّ ترجمة السيناريوهات، وهي بالنسبة للكاتب بمثابة عصا الساحر التي يصعب عليه التحرّك من دونها، كما أنّها مثل سيف ساموراي وكلّما زاد صهرها زاد لمعانها وثرائها وبريقها، وفي كتاباتي أهتم كثيرًا بالبحث في اللغة العربية لإيجاد مفردات تتناسب مع طبيعة النص، والبيئة التي أنتجته، كما حدث في رواية "الفيل الأزرق" التي دفعتني إلى إجراء عمليات بحث موسعة في مكتبات متخصصة في الطب النفسي، وزيارات عيادات طبية ومستشفيات في هذا المجال"، مشدّدًا على أنّ أكثر اللحظات التي يصل فيها الكاتب إلى اللذة والاستمتاع هي عندما يجد أنّ أحد نصوصه أثار في شخص غير مهتم بالكُتب شغف القراءة.
وصرّح الدكتور محمد حسن علوان قائلًا "أرى أنّ رواية "موت صغير" هي من أكثر أعمالي التي شعرت معها باللذة، بالرغم من أنه يعتبر من أكبر أعمالي حجمًا، وبلغ هذا الاستمتاع أعلى درجاته، حتّى شرعت في صباح أحد الأيام لمواصلة كتابتي، لاكتشف بعدها أنني قد أنهيت العمل في الليل ودفعت به إلى الناشر، فـ"موت صغير" هي من الأعمال التي تمنيت أن لا تكتمل فصولها، وأن أبقى مواصل في سرد أحداثها، وأعتبر أنّ ممارسة الكتابة في حدّ ذاته أعلى درجة من اللذة، وأنظر إليها على أنها جلسات علاج اختياري، وأحرص على القيام بها بشكل دائم، فلولا الكتابة لما استطعت على تكاليف الحياة".
ولفت علوان إلى أنّ علاقته مع اللغة تعتبر علاقة حب وكراهية، مؤكّدًا بقوله "يعود ذلك إلى أنّ أول محاولاتي في الكتابة كانت عن طريق الشعر الذي كنت أعتبره الجنس الأدبي الوحيد الذي سأكتب به، وعندما حاولت الدخول إلى عالم الرواية لم استطع التخلص من اللغة الشعرية في كتابة السرد، ما أدى إلى إثارة نقاش كبير حول الأسلوب الذي كتبت به روايتي الأولى "سقف الكفاية" حيث اعتبرها البعض فتح جديد في الكتابة، فيما اعتبره البعض الأخر خروج عن السياق المألوف وتشويه للأسلوب السردي"، مضيفًا "وفي روايتي الثانية "صوفيا"، التي صدرت في العام 2004 لم استطع الخروج من الأسلوب الشعري، الذي لاحقني أيضًا في "طوق الطهارة" التي صدرت في العام 2007، قبل أن تأتي "القندس" بأسلوب مختلف عن روياتي الثلاث الأولى، التي كتبتها بأسلوب ساخر أو ما يعرف بالكوميديا السوداء، وحاولت فيها التحدث بأسلوب جديد والتخلّص من لغة الشعر، والذي لا أعتبر نفسي قد نجحتُ فيه إلى في موت صغير"، مؤكّدًا على أنّ التفاعل والنقاش المباشر مع الجمهور من خلال وسائل الاتصال الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعي من أكثر الأشياء التي تُشعر الكاتب بقيمة ما يكتب سواء أن كان النقاش حول النص المطروح سلبًا أو إيجابًا، مشيرًا إلى أنّ هذا النوع من التواصل مع القراء يبرز في كثير من الأحيان جوانب لم يفطن لها الكاتب من قبل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر