توقع صندوق النقد الدولي تسارع النمو على المدى المتوسط في معظم اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن بينها مصر، لكنه رأى أنه سيظل دون المستوى المطلوب لمعالجة البطالة المرتفعة في المنطقة ورفع المستويات المعيشية لجميع السكان.
وقال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى بالصندوق -في مؤتمر صحفي عقده اليوم الخميس بالرباط لإعلان الإصدار الرسمي لتقرير (آفاق التوقعات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)- إن التقرير يوضح آفاق النمو الراهنة وأهم قضايا السياسات داخل المنطقة، مع التركيز على أهمية تنفيذ الإصلاحات في الفترة الحالية لتقوية التعافي العالمي.
وأضاف أن آفاق الاقتصاد لا تزال ضعيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، وهو ما يرجع في الأساس إلى استمرار التكيف مع أسعار النفط المنخفضة والصراعات الإقليمية الدائرة، وأنه ينبغي على بلدان المنطقة أن تستفيد من الانتعاش الذي يشهده النمو العالمي حاليا لوضع مالياتها العامة على مسار أكثر ملائمة وتعجيل الإصلاحات المؤدية إلى خلق فرص العمل وتنويع النشاط الاقتصادي.
وتابع أزعور أن انخفاض النمو الكلي قد يصل إلى نهايته في البلدان المصدرة للنفط،عند مستوى 1.7% في عام 2017، بسبب انخفاض إنتاج النفط وفقا للاتفاق الذي تقوده منظمة أوبك، لكنه توقع في المقابل، أن يتعافى النمو غير النفطي ليسجل 2.6%، تقريبا في 2017 مع اعتماد وتيرة أبطأ في تخفيض عجز الموازنة.
ونوه بأنه رغم التقدم الذي تحقق بالفعل، فقد أدت أسعار النفط المنخفضة إلى استمرار عجز المالية العامة الكبير في كثير من البلدان المصدرة للنفط، مما يبرز الحاجة إلى مواصلة التركيز على تخفيض العجز، فقد قفز عجز الموازنة في البلدان المصدرة للنفط إلى 10.6% من إجمالي الناتج المحلي في 2016، صعودا من 1.1% من إجمالي الناتج المحلي في 2014
وتوقع أن تنخفض هذه النسبة إلى النصف في العام الحالي بفضل الارتفاع المحدود في أسعار النفط والجهود الكبيرة المبذولة لتخفيض العجز. ولكن بالنظر إلى ما يُتوقع من بقاء أسعار النفط في حدود 50-60 دولارا للبرميل، ما يجعل على البلدان المصدرة للنفط أن تواصل الجهود لتخفيض عجز الموازنة – وتكثيف هذه الجهود في بعض الحالات.
على الجانب الآخر، توقع أزعور ارتفاع النمو في البلدان المستوردة للنفط ومن بينها مصر إلى 4.3% هذا العام، صعودا من 3.6% في عام 2016، على أن يستمر الانتعاش في 2018 مدعوما بتزايد الطلب المحلي والإصلاحات المساندة وتحسن النمو العالمي.
وأكد انه لا يزال كثير من البلدان المستوردة للنفط تعاني من عدم كفاءة تعبئة الإيرادات من ناحية، وارتفاع النفقات الجارية (بما في ذلك فاتورة أجور القطاع العام) من ناحية أخرى ما أدى إلى ارتفاع الدين العام في معظم البلدان إلى أكثر من 50% من إجمالي الناتج المحلي.
ونصح بضرورة أن تركز البلدان المستوردة للنفط ،على تحسين تحصيل الإيرادات وتخفيضات الإنفاق الموجهة، مع حماية الإنفاق الاجتماعي والداعم للنمو.
وشدد أزعور على أهمية أن تغتنم بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، فرصة التحسن الذي يشهده النمو الاقتصادي العالمي، لتنفيذ إصلاحات تخلق مزيدا من فرص العمل، وطالب البلدان التي تحتاج إلى مثل هذه الإصلاحات بأن تعالج مستوى البطالة المرتفع حاليا ، واستيعاب الشباب المتوقع دخولهم سوق العمل بحلول عام 2022 ، والذين سيتجاوز عددهم 26 مليون نسمة.
ونبه إلى أن الحكومات تستطيع القيام بدور مهم في دعم القطاع الخاص عن طريق تحسين بيئة الأعمال، وزيادة الشفافية والمساءلة في المؤسسات العامة، وتحسين فرص الحصول على التمويل، وقال إنه من المهم أيضا تحسين التعليم ،بحيث يصبح أكثر توافقا مع مهارات العمالة المطلوبة، والدفع نحو مزيد من الحرية في حركة العمالة. وفي نفس الوقت، ينبغي الحفاظ على شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة في المجتمع.
وأضاف أن البلدان في المنطقة يجب أن تستفيد من التعافي الاقتصادى العالمى، ومن التجارة الدولية، لدعم نموها الاقتصادي، لافتا إلى أن البلدان المستوردة للنفط أكثر اندماجا بالفعل في سلاسل الأنشطة العالمية ذات القيمة مضافة ،ولديها قواعد صادرات أكثر تنوعا، ومن ثم ينبغي أن تركز على تحسين جودة الصادرات،أما البلدان المصدرة للنفط، فعليها تنويع إنتاجها حتى تتمكن من التوسع في أصناف السلع والخدمات المصدرة.
وأكد أزعور أنه يمكن لكل البلدان أن تستفيد من اتفاقيات التجارة وفرص التكامل الجديدة، مثل مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين، وميثاق مجموعة العشرين مع إفريقيا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر