كشف مسؤول في حكومة إقليم كردستان عن أن أنقرة تُنسق مع فرنسا والأمم المتحدة، لطرح مقترح "ضامن"، للأكراد بهدف التراجع عن الاستفتاء في شأن الانفصال، وانضمت السعودية إلى الأصوات الدولية الرافضة الخطوة الكردية ودعتهم إلى قبول الوساطة الدولية.
ومع قرب موعد الاستفتاء في 25 من الشهر الجاري، ما زالت القيادة الكردية تتمسك بموقفها للمضي نحو الانفصال حتى تقديم "بديل ضامن"، للتخلي عن الخطوة، وسط تزايد الضغوط على الصعيدين الإقليمي والدولي لدفع الأكراد إلى الدخول في مفاوضات مع الحكومة العراقية.
وقال مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة أربيل فلاح مصطفى عقب اجتماعه مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في نيويورك إن "أنقرة ترفض إجراء الاستفتاء، وهي تعمل حالياً مع فرنسا والأمم المتحدة على اقتراح يشمل الضمانات التي تطالب بها القيادة الكردية".
وتزامن ذلك مع إعلان رئيس الإقليم مسعود بارزاني رفضه طلباً قدمه وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون خلال اجتماع في أربيل لتأجيل الاستفتاء "والبدء بجولة جديدة من المفاوضات مع بغداد وفق أجندة واضحة ومفتوحة وبإشراف دولي"، ونقل بيان رئاسي عن بارزاني قوله إن "البدائل المطروحة حتى الآن لا تضمن البدء بحوارات ثنائية مع بغداد من شأنها تحقيق الاستقلال وبضمانات دولية لتنفيذ التعهدات".
وأصدرت "لجنة الفتاوى" في الإقليم الثلاثاء، فتوى اعتبرت فيه "الاستفتاء حق شرعي وقانوني ودستوري، فالإسلام دين الدولة وفق الدستور، والإجراء لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية"، داعية "دول العالم إلى احترام قرار شعب كردستان الذي لا يتعارض مع الأديان والإنسانية".
وواصل النواب الأكراد مقاطعة جلسات البرلمان العراقي، وعاد غالبيتهم إلى أربيل احتجاجاً على قرار إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم، وسط تصاعد وتيرة الاتهامات والدعوات إلى "استخدام القوة" لوقف الاستفتاء.
ودعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الذي كثف اجتماعاته مع القادة السياسيين في إطارة مبادرة تسوية، خلال لقائه نائب رئيس البرلمان آرام محمد إلى "تفعيل الحوارات والنقاشات لنزع فتيل الأزمة بين بغداد وأربيل، وممارسة شركاء العملية السياسية دورهم الوطني في الحفاظ على اللحمة الوطنية والتعايش السلمي بين العراقيين كافة".
وأفاد بيان لـ "التحالف الوطني" بأن قادته "اتفقوا في اجتماع برئاسة عمار الحكيم على عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء ورفضهم القاطع إجراءه لعدم دستوريته"، وحضوا الإقليم إلى "الاعتماد على الدستور بكل مواده أساسا للحوار دون انتقائية، وإجراء حوار وطني جدي عميق ومتوازن لحل الخلافات"، داعين "الحكومة العراقية إلى اتخاذ كافة الوسائل الداعمة لترسيخ وحدة البلاد أرضاً وشعباً".
وأعلن حزب "الدعوة الإسلامية" الذي ينتمي إليه العبادي أن "الاستفتاء أربك المشهد السياسي وأثار القلق على الوضع الأمني والاستقرار بسبب هذا القرار الانفرادي غير الشرعي الذي سيؤدي إلى تمزيق العراق، وتفجير الحروب والقتال والنزاع"، ودعا إلى "إلغاء الاستتفاء سواء داخل الإقليم أو خارجه (المناطق المتنازع عليها)، والاحتكام إلى الدستور لحل الخلاف، وأهمية وجود ضمانات وطنية متقابلة بين الشركاء والاستفادة من بعثة الأمم المتحدة وفق تقدير الحكومة الاتحادية، مع رفض التوجهات نحو تدويل الأزمة، تجبناً لمصادرة سيادة البلاد".
ودعا نواب عن "ائتلاف دولة القانون" في بيانات متفرقة إلى اعتقال محافظ كركوك وفرض حالة الطوارئ في المحافظة، وممارسة بغداد الضغط على تركيا وإيران لوقف استيرادها نفط الاقليم، فيما اتفق زعيم "المجلس الأعلى الإسلامي" همام حمودي في لقاء مع زعيم حركة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي على أن "العراق اليوم هو أقوى من أي مرحلة سابقة وقادر على إفشال أي محاولة تقسيم".
في المواقف الدولية، أكد وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان عبر تغريدة في "تويتر" الثلاثاء، أنه "يتطلع لحكمة وشجاعة بارزاني بقبول الوساطات الدولية لحل الأزمة الحالية ضمن مقترحات الأمم المتحدة وتجنيب العراق لأزمات هو بغنى عنها"، وذلك بعد ثلاثة أيام من محادثات أجراها السبهان مع بارزاني في أربيل، اقترح خلالها استعداد السعودية "للتوسط بين أربيل وبغداد".
من جهة أخرى، ذكر بيان حكومي أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي "بحث هاتفياً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أزمة الاستفتاء، وأك الموقف الواضح باتخاذ كل الخطوات اللازمة لحفظ وحدة البلد ومنع كل ما يهدد السلم الأهلي"، في حين جدد أردوغان "رفضه الاستفتاء ودعم بلاده الكامل للحكومة العراقية وخطواتها لحفظ وحدة أراضيها والحرص على التنسيق الثنائي لاستقرار المنطقة".
وأعلن وزير الخارجية التركي في مقابلة مع موقع "المونيتور" الأميركي استعداد بلاده "للقيام بدور الوساطة إذا ما كانت مشكلات الأكراد تكمن فقط في الحصول على حقوقهم الدستورية، ونستطيع ضمان هذه الحقوق"، وزاد: "يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يؤدي دوراً مهماً في هذا الشأن".
إلى ذلك حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال لقائه الأمین العام لمنظمة الأمم المتحدة انتونیو غوتیریش في نیویورك على هامش اجتماع القمة للدول الأعضاء فی الجمعیة العامة للمنظمة، من الخطوة الكردية التي "تنطوي على خطورة كبيرة وأي خطوة أخرى لتغيير جغرافيا المنطقة".
وأكد غوتيريش أن "المشكلات الراهنة في سوریة والعراق لا یمكن تسویتها إلا بالحوار، وأن تقسيم هذين البلدين لا یخدم الاستقرار فی المنطقة ونحن مستعدون للتعاون مع إیران لترسیخ أسس السلام والأمن في المنطقة".
وحذر رئيس مجلس خبراء القيادة في إيران آية الله جنتي في افتتاح الدورة الخامسة للمجلس من "إجراء الاستفتاء، فالعدو بصدد إيجاد إسرائيل أخرى في المنطقة، ما يتطلب مواجهة هذا الأمر، وهو مطلب أميركا وإسرائيل والسعودية حيث تحاول إضعاف الأمة الإسلامية وعلينا نحن أن ندعم الشعب العراقي".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر