أنقرة - اليمن اليوم
قال السفير الباكستاني في تركيا، محمد سايرس سجاد قاضي، إن بلاده لن تساعد باكستان والهند في حل أزمتهما فحسب، وإنما ستسهل تحقيق السلام الدائم في المنطقة.
جاء ذلك في مقابلة أجراها قاضي مع الأناضول، تطرق خلالها إلى الأزمة المتصاعدة بين بلاده والهند، معربا عن ترحيب إسلام أباد بالوساطة التركية لاحتواء فتيل التوتر بين الجارين النوويين.
ويأتي عقب تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال فيها إن أنقرة "مستعدة للمساهمة في تخفيف التوترات بين باكستان والهند".
وقال: "نرحب بالعرض التركي للوساطة، ليس فقط من أجل نزع فتيل الأزمة الحالية، ولكن أيضا لأن الوساطة التركية ستسهل تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في جنوبي آسيا".
وأوضح أنّ الوساطة التركية ستساعد في "جمع باكستان والهند على طاولة حوار هادف وذا مغزى حول القضية الأساسية في جنوبي آسيا وهي كشمير" المتنازع عليها بين الجانبين.
ووصف "قاضي" تركيا بأنها "صديقة عظيمة وشقيقة لباكستان".
والخميس، أبلغ رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، هاتفيا، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتطور الأحداث الجارية بين إسلام أباد ونيودلهي، إضافة إلى جهود خان في تخفيف حدة الأزمة.
وفي سياق متصل، شدد "قاضي" على أن بلاده تسعى دوما لـ"الحد من التوترات وتعزيز السلام في جنوبي آسيا، غير أن أي خطأ قد يشوب العلاقة بين نيودلهي وإسلام أباد من شأنه أن يكلف المنطقة ثمنا غاليا".
وتابع: "الطرفان (الهند وباكستان) بحاجة للحوار، فجميع المشكلات يمكن حلها عبر المحادثات الهادفة".
سفير إسلام أباد لدى أنقرة قال إن بلاده "لن تصعد من حدة التوترات"، لافتا إلى أن بلاده اتخذت قرارا بـ"الالتزام بضبط النفس".
لكنه في المقابل قال إنه "في حالة تصعيد من جانب الهند، فسنلجأ مع الأسف إلى الرد بالمثل، لأنه لن يكون هناك خيار سوى الرد، كملاذ أخير".
وأضاف: "لا نريد أن نسلك هذا الطريق، ونأمل من شركائنا الهنود على الجانب الآخر من الحدود تأييدنا بذلك".
وعما إن كان تصاعد الأزمة قد ينذر بحرب نووية بين الجانبين، استبعد قاضي ذلك.
ومضى قائلا: "لديّ اعتقاد راسخ بأنه لكل إشكال حل وأن هناك حل دبلوماسي متاح لجميع الأمم الناضجة والعاقلة".
وشاب الساعات الماضية توتر شديد وتصعيد عسكري بين الهند وباكستان، إذ شنت 12 طائرة تابعة للقوات الجوية الهندية من طراز "ميراج-2000"، الثلاثاء الماضي، غارات على معسكر لجماعة "جيش محمد" في جزء من إقليم كشمير يقع تحت سيطرة باكستان، وألقت الطائرات الهندية عدة قنابل موجهة يبلغ وزن كل منها 1 طن واحد، مما أدى إلى تدمير هذا المعسكر بشكل كامل.
واعتبرت باكستان ذلك اختراقا لمجالها الجوي واعتداء عليه، فأسقطت مقاتلتين هنديتين، واحدة منهما سقطت داخل إقليم آزاد كشمير، والأخرى "داخل الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من إقليم كشمير"، مشيرة إلى أسر طيار هندي.
والجمعة، سلمت السلطات الباكستانية الطيار الهندي الذي كان محتجزا لديها إلى نيودلهي، تنفيذا لبادرة السلام التي أطلقها، أمس، رئيس الوزراء عمران خان.
وتأتي هذه الغارات الهندية عقب نحو أسبوعين من قيام أحد عناصر تنظيم "جيش محمد" بتفجير نفسه بالقرب من قافلة شرطة مسلحة في ولاية غامو وكشمير، وقد أسفر هذا الانفجار عن مقتل 45 شخصا، مما تسبب في تعقيد العلاقات الهندية الباكستانية المتوترة أصلا ووضع المنطقة على حافة النزاع العسكري مجددا.
وكانت كشمير دائما موضع خلاف بين كل من باكستان والهند حتى قبل الاستقلال عن بريطانيا عام 1947 (اقرأ القصة الكاملة منذ بداية الصراع بين البلدين).
وخاض البلدان أكثر من حرب بسبب كشمير، وأدى تفاقم المشكلة إلى ارتفاع معدلات البطالة والشكاوى من انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قوات الأمن التي تواجه المتظاهرين والمتمردين في الشوارع.
وبدأت حالات العنف بالظهور في الولاية منذ عام 1989 ، لكن موجة العنف تجددت في عام 2016 بعد مقتل الزعيم المتشدد برهان واني، الذي كان يبلغ من العمر 22 عاماً، وكانت له شعبية واسعة بين جيل الشباب في وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبر على نطاق واسع أنه وراء حالة التشدد في المنطقة.
وقُتل في معركة مع قوات الأمن، الأمر الذي أدى إلى انفجار موجة من المظاهرات الضخمة.
ومنذ ذلك الحين، ازدادت حالات العنف في الولاية، وخاصة بعد أن قُتل نحو ثلاثين شخصاً كانوا قد حضروا جنازته في مسقط رأسه، سريناغار في أعقاب اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن.
وفي عام 2003، وافقت الهند وباكستان على وقف إطلاق النار بعد سنوات طويلة من الصراع الدموي، على طول الحدود الفعلية بين البلدين، والمعروفة باسم خط المراقبة.
ولكن في عام 2014، جاءت حكومة هندية جديدة إلى السلطة وأقرت القيام باجراءات متشددة ضد باكستان، وفي الوقت نفسه أبدت استعدادها للخوض في محادثات سلام.
وحضر نواز شريف، رئيس وزراء باكستان آنذاك، مراسم أداء اليمين الدستورية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في دلهي.
لكن بعد مرور عام، ألقت الهند باللائمة على الجماعات التي تتخذ من باكستان مقرا لها لشن هجوم على قاعدتها الجوية في باثانكوت بولاية شمال البنجاب.
وألغى مودي زيارة كانت مقررة وقتها إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد لعقد قمة إقليمية في عام 2017. ومنذ ذلك الحين، لم يحدث أي تقدم في المحادثات بين الجارتين.
وفي عام 2018، قُتل أكثر من 500 شخص من المدنيين وقوات الأمن والمسلحين، وكان ذلك أعلى عدد من الضحايا خلال عقد من الزمن.