محافظة المجمعة في منطقة الرياض

كشفت أعمال التنقيبات الأثرية لموقع غيلان الأثري في عودة سدير في محافظة المجمعة في منطقة الرياض، عن عددٍ من الكسر الفخارية لأوانٍ مزجّجة وغير مزجّجة تعود للفترة الإسلامية المبكرة، ما يشير إلى أن الموقع يحتوي على فترة استيطان مُبكّرة ربما تظهر بكثافة في أجزاء أخرى من محيط القصر.

وأظهرت أعمال التنقيبات التي يقوم بها فريق مُتخصص من قطاع الآثار والمتاحف في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون بدعم وتمويل من كليات الشرق العربي للدراسات العليا، أن قصر غيلان بُني في موقع مميز على سفح جبل يطل على وادي سدير؛ حيث تبلغ مساحته 18 ألف متر مربع بارتفاع 684 مترًا عن مستوى سطح البحر، ويتبع للقصر مباني ملحقة تحاذيه من الخلف، وقد بني من مداميك الحجارة المرصوصة المختلفة الأشكال يربط بينها مونة من الطين على طبقتين، إضافة إلى اختلاف طريقة وأسلوب بناء القصر عن أسوار وحوامي البلدة القديمة لعودة سدير التي بُنِيت بطريقة العروق الطينية وهو أسلوب البناء التقليدي لأسوار بلدان نجد قديمًا.

وأوضحت أظهرت الكشوفات التي تمّت في الموقع وبمقارنة بناء القصر وتقسيماته بالمواقع القريبة منه الواقعة بعودة سدير المسجلة لدى الهيئة وهي: قارة الزبير، موقع مسافر، موقع القرناء، موقع جماز، أنّ غالبية هذه المواقع بُنيت بالحجارة والطين حسب ما تم مشاهدته من بقايا الأساسات وأسوار قصر غيلان.

وتتشابه تلك المواقع في طريقة البناء وتقسيمات المنشآت، ووجود بعض أساسات القنوات المائية كموقع مسافر وجماز والآبار، كما تم تسجيل ملتقطات سطحية متشابهة في النوع وطريقة الصناعة، ما يعطي دليلًا على أن المواقع الأثرية بعودة سدير مرتبطة ببعض وفي فترة تاريخية متقاربة وربما هي أحياء لمدينة في وادي سدير.

واكتُشفت بعض الكسر الفخارية لأواني مزججة بلون أخضر ولون أزرق وكسر فخارية حمراء داخل البئر المنحوتة في الجهة الشمالية الشرقية من القصر الملاصق السور الشمالي المتهدم، حيث يبلغ قطره 1.30 متر، والذي طمرته الأتربة على مر الأزمنة ولم يتضح منه إلا عمق 1.20متر.

و أظهرت الكشوفات أن الوحدات الداخلية في القصر متهدمة، مع وجود بعض الأساسات من الحجارة كبيرة الحجم بشكل متقطع باتجاه أو اتجاهين وغير مكتملة يتفاوت سماكتها ما بين 60-80 سم، وهي تمثل تقسيمات لغرف متعددة الاستخدام داخل القصر وتحوّلت إلى ركام من الحجارة، والكثير منها نُقل وأُعيد استخدامه كأرصفة أو حواجز جانبية للسيول والأمطار لتحويلها من رأس الجبل إلى المزارع المحيطة بالقصر، بالإضافة إلى استخدام بعض حجارة القصر في بناء بعض أساسات منازل وأسوار بلدة عودة سدير القديمة.

واشتملت أعمال التنقيب الأثري في موقع غيلان على منطقتين، ركّزت الأولى منها على القصر وظواهره المعمارية، بينما اشتملت المنطقة الثانية على إزالة الأتربة والرديم من البئر الملحقة بالقصر، حيث تقع البئر في الجهة الشمالية الشرقية من القصر وترتفع عن مستوى سطح الأرض 6 أمتار، وعمقًا قبل الحفر لا يتعدى 1.20مترًا، ولم تظهر أعمال الحفر دخل البئر التي وصلت إلى 8 أمتار أي أدوات أثرية أو غيرها باستثناء كمية كبيرة من الحجارة المتساقطة من جدران البئر المختلطة بكسر من الفخار وأحجار سور القصر المتهدم، يتوقع أنها طمرت البئر في وقت لاحق تفاديًا لسقوط المارة بها بعد هجر الموقع.

يذكر أنّ المشروع يأتي ضمن مذكرة التعاون المشتركة بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وكليات الشرق العربي للدراسات العليا، للمسح والتنقيب الأثري لموقع غيلان الأثري بعودة سدير في محافظة المجمعة في منطقة الرياض؛ حيث بدأ فريق علمي من قطاع الآثار والمتاحف ومكتب الآثار بمحافظة المجمعة المرحلة الأولى من أعمال التنقيب في الموقع يوم الأحد 25 مارس/آذار الماضي لمدة 15 يومًا.

ويُعدّ موقع غيلان ضمن أهم المواقع الأثرية في عودة سدير التابعة لمحافظة المجمعة الواقعة في الجزء الشمالي من منطقة الرياض على بُعْد 160 كيلومترًا على سلسلة جبال طويق؛ حيث إنَّ قصرها من أهم المعالم الاثرية في غيلان، والذي بقي منه أجزاء مرتفعة عن سطح الأرض، ويقع القصر على بعد 600 متر جنوب مركز عودة سدير ويحده من الشمال أرض فضاء، ومن الجنوب مخطط سكني، ومن الغرب أرض زراعية، ومن الشرق طريق سدير الرياض القديم.

وقامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بعمل تهيئة أولية للموقع بتحسين المدخل، وعمل مسار صعود للمشاة من مدخل الموقع إلى الجبل، وعمل صيانة أوليه لمبنى استقبال الزوار وغرفة الحراسة، وذلك لأهمية موقع غيلان الأثري ولارتياده من العديد من الزوار، وكذلك لجدولته ضمن المسار السياحي للمنطقة لزيارة البلدة القديمة بعودة سدير والفعاليات الثقافية المقامة فيها، وزيارة المواقع الأثرية.