القاهرة - اليمن اليوم
• [991] عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ). رواه مسلم.
في هذا الحديث: الأمرُ بتلاوة القرآن، وأنَّه يشفع لأصحابه، أي أهْلِهِ القارئين له، المتمسِّكين بِهَدْيِهِ، القائمين بما أمر به، والتاركين لما نهي عنه.
• [992] وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: (يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِالقُرْآنِ وَأهْلِهِ الذينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنْيَا تَقْدُمُه سورَةُ البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا). رواه مسلم.
فيه: فضيلة لمن حفظ سورة البقرة، وسورة آل عمران وعمل بهما.
• [993] وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ). رواه البخاري.
في هذا الحديث: أكبرُ فضيلةٍ لمن حفظ القرآن وعمل به، وعلمه النَّاس، قال الله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49]. وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَقَدِ اسْتَدَرَجَ النُّبُوَّةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُوحَى إِلَيْهِ). انتهى.
فإذا حاز خير الكلام، وتسبَّبَ مع ذلك أن يكون غيره مثله فقد أُلحق ببعض درجات الأنبياء، وكان من جملة الصِّدِّيقين القائمين بحقوق الله تعالى، وحقوقِ عباده.
• [994] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أجْرَانِ). متفقٌ عَلَيْهِ.
الكرام البررة: هم الملائكة. قال البخاري: وجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله وتأديته، كالسفير الذي يصلح بين القوم.
وذكر الحديث بلفظ: (مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له، مع السَّفَرة الكرام البَرَرَة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران).
وقال ابن كثير: وقوله تعالى: *{كِرَامٍ بَرَرَةٍ}*، أي خلقهم كريم، حسن شريف، وأخلاقهم وأفعالهم بارَّة طاهرة كاملة. ومن هاهنا ينبغي لحامل القرآن أن يكون في أفعاله وأقواله على السداد والرَّشاد.
• [995] وعن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ: رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ: لا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثلِ الرَّيحانَةِ: ريحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ: لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ). متفقٌ عَلَيْهِ.
شَبَّهَ المؤمن القارئ بالأُتْرُجَّةِ لِما اشتملت عليه من الخواص الموجودة فيها مع حسن المنظر، وطيب الطعم، ولين المَلْمس، ويستفيد المتناول لها بعد الالتذاذ بها طيب النكهة، ودباغ المعدة، وقوة الهضم، فاشتركت فيها الحواس الأربع: الشَّمُّ، والبَصَرُ، والذَّوْقُ، واللَّمْسُ.
وشَبَّهَ المؤمن غير القارئ بالتمرة لاشتماله على الإيمان كاشتمال التمرة على الحلاوة.
وشبَّه المنافق بالرَّيْحانة لطيب تلاوته، وخبث عمله، وشبَّه المنافق الذي لا يقرأ بالحنظلة، وهي الشجرة الخبيثة.
قال الحافظ: وفي الحديث فضيلةُ حامل القرآن، وضربُ المَثَلِ للتقريب للفهم. وإن المقصود من تلاوة القرآن العمل بما دل عليه.
• [996] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ). رواه مسلم.
يعني من عمل بالقرآن رفعه الله في الدنيا والآخرة، ومن ضيَّع حدوده وضعه الله وإنْ كان شريفًا.
• [997] وعن ابن عمر رضي اللهُ عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لا حَسَدَ إِلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ). متفقٌ عَلَيْهِ.
(والآنَاءُ): السَّاعَاتُ.
قوله: (لا حسد)، أي: لا غبطة تنبغي إلا في هذه الخَصْلتين، وهي من جنس. قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148].
قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].
وقال البخاري: باب اغتباط صاحب القرآن، وذكر الحديث بلفظ: (لَا حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْكِتَابَ وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللهُ مَالًا فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ).
قال الحافظ: وهو عند مسلم من وجه آخر: (وقام به آناء الليل وآناء النهار). والمراد بالقيام به، العمل به تلاوةً وطاعةً. ولأحمد من حديث يزيد بن الأخنس السلمي: (رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ويتَّبع ما فيه).
• [998] وعن البراءِ بن عازِبٍ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ، وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُه يَنْفِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا أصْبَحَ أتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلقُرْآنِ). متفقٌ عَلَيْهِ.
(الشَّطَنُ) بفتحِ الشينِ المعجمة والطاءِ المهملة: الحَبْلُ.
المراد بالسكينة في هذا الحديث: الملائكة.
وقيل: هي ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان.
وقيل: هي روح من الله، وقيل غير ذلك.
قال النووي: والمختار أنها شيء من المخلوقات فيه طمأنينة ورحمة، ومعه الملائكة.
• [999] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَرَأ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، لا أقول: ألم حَرفٌ، وَلكِنْ: ألِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ). رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
في هذا الحديث: أنَّ قارئ القرآن يُعطى بكل حرف عشر حسنات لكل قارئ. وأما الضابط المتقن فله عشرون حسنة، كما في رواية البيهقي من حديث ابن عمر: ((من قرأ القرآن فأعرب في قراءته، كان له بكل حرف منه عشرون حسنة، ومن قرأ بغير إعراب كان له بكل حرف عشر حسنات)).
• [1000] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الَّذِي لَيْسَ في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ). رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
في هذا الحديث: التحريض على حفظ القرآن، أو بعضه ليكون جوفه عامرًا به.
• [1001] وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا). رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَسَنٌ صَحيحٌ).
في هذا الحديث: أنَّ حافظ القرآن الملازم لتلاوته وتدبره، والعمل به أنه يصعد في درج الجنة حتى يبلغ منزلته على قدر عمله وحفظه، وبالله التوفيق."
[رياض الصالحين: كتاب الفضائل]