مدريد - قنا
وقعت أكثر من 50 منظمة دولية وممثلين عن عدد من الحكومات وشخصيات رياضية ودولية بارزة على مسودة لإنشاء أول منظمة دولية تعني بالنزاهة والشفافية في الرياضة العالمية، وذلك خلال اجتماع ترأسه المركز الدولي للأمن الرياضي بمتحف "ديل برادو" بالعاصمة الإسبانية مدريد.
وسيطلق على المنظمة الوليدة، التي لم يتحدد بعد مكان مقرها الرئيسي، اسم: المنظمة الدولية للنزاهة في الرياضة أو اختصارا "سيجا".
وسبق اجتماع مدريد، اجتماعا آخر مماثل عقد في فبراير الماضي بمعهد المحاسبين القانونيين بإنجلترا وويلز، ومقره العاصمة البريطانية لندن، حيث قررت الأطراف المشاركة آنذاك استكمال المناقشات والمشاورات في اجتماع آخر، انعقد الأسبوع الماضي بمدريد في ضيافة الحكومة الأسبانية وتمخض عن هذا الاجتماع الاتفاق النهائي لتأسيس "سيجا".
وتعنى المنظمة الوليدة بكل ما يتعلق بالنزاهة في الرياضة عبر ثلاث محاور رئيسية مقترحة كأساس لوضع رؤية ورسالة "سيجا" موضع التنفيذ، وهذه المحاور هي: الحوكمة الجيدة التي تستند على معايير مبادرة النزاهة والشفافية في الرياضة والتي تتضمن أعلى المعايير من حيث الديمقراطية والشفافية والمساءلة والتمثيل الحقيقي للشركاء وأصحاب المصالح في عمليات صناعة القرار بالاتحادات والمؤسسات الرياضية المختلفة.
الجانب الثاني هو النزاهة المالية، وذلك وفقا لتوصيات منتدى النزاهة المالية في الرياضة "فيتس"، بما في ذلك الالتزام بالرقابة الشاملة والتوافق مع المعايير.. أما الجانب الثالث فهو النزاهة الرياضية وهو الجانب الذي يشمل مكافحة التلاعب في نتائج المباريات والمراهنات غير الشرعية من خلال تطبيق قواعد ومبادئ الدليل الصادر عن البرنامج المشترك بين جامعة باريس الاولى السوربون والمركز الدولي للأمن الرياضي.
وأكد رئيس المركز الدولي للأمن الرياضي أن جمع كل هذه الأطراف والجهات والمنظمات والمؤسسات متنوعة الأهداف والغايات ومتشعبة المصالح، نحو هدف واحد في إطار مستقل ومحايد يعد في حد ذاته نجاح كبير للجهود التي بذلت في السنوات الماضية، ولذلك فهي لحظة تاريخية أن يشهد العالم ميلاد منظمة دولية بأفكار ومبادرات قادمة من دولة عربية شرق أوسطية.وعبر حنزاب عن فخره بما تحقق وبنجاح فريق المركز الدولي للأمن الرياضي في حشد الدعم من قبل الحكومات والمؤسسات والشخصيات التي وقعت على مسودة تأسيس منظمة "سيجا" وهي على قناعة تامة بأن هذه المبادرة هي الطريق الأمثل لحماية مستقبل ونزاهة الرياضة في كل دول العالم تزامنا مع تفشي الفساد في كرة القدم والرياضة بشكل عام.
وأشار إلى أن هذه المنظمة ستضع الرياضة العالمية على الطريق الصحيح من خلال إعادة هيكلة المؤسسات والاتحادات الرياضية على نحو يجعل أداءها قابلا للقياس من ناحية الجوانب المتعلقة بالنزاهة والشفافية والحوكمة الجيدة، وبالتالي غلق منافذ الفساد الذي استشرى بشكل هائل في جسد الرياضة العالمية.
وقال حنزاب "لقد كنا نترأس اجتماعات الجلسات المغلقة في لندن ومدريد، وهي الجلسات التي ضمت شخصيات ومنظمات دولية بارزة، وكنت أشعر بالفخر بأنني قطري وفخور بأن التاريخ سيسجل أن المنظمة الدولية للنزاهة الرياضية هي صناعة قطرية، وتغمرني سعادة كبيرة بأن أرى الجهود التي بذلت بشفافية ومصداقية ومهنية عالية قد تكللت بالنجاح، فقد وعدنا ببناء تحالف دولي موسع، وتحقق ما وعدنا به عبر منظمة "سيجا" التي تعد أبرز تجسيد لهذا التحالف الدولي المنشود".
وكشف رئيس المركز الدولي للأمن الرياضي عن أن الخطوة القادمة هي الانتهاء من تقارير لجان العمل التي تشكلت عقب توقيع الأعضاء على التأسيس والانتهاء من النظام الأساسي للمنظمة تمهيدا للتدشين الرسمي ،لافتا إلى أن دخول المؤسسات العالمية الراعية من ضمن الأعضاء المؤسسين لمنظمة "سيجا" تعد خطوة غاية في الأهمية لتحقيق الاستقلالية المالية، وبالتالي استقلالية الإدارة واتخاذ القرار وهي جوانب مطلوبة مسبقا لضمان نجاح مستدام لهذه المنظمة الدولية.
وقدم محمد حنزاب الشكر للحكومة الاسبانية التي استضافت الاجتماع الحاسم والأخير لأعضاء "سيجا"، وهو الاجتماع الذي شهد التوقيع على مسودة التأسيس.. كاشفا عن أن الدعوات لأكثر من 60 شخصية ومنظمة دولية خرجت من الحكومة الاسبانية ممثلة في وزارة الشباب والرياضة.من جانبه، أثنى سعادة الدكتور ميجيل كاردينال وزير الرياضة الاسباني على جهود المركز الدولي للأمن الرياضي في التوصل إلى توقيع مسودة تأسيس منظمة دولية تعني بالنزاهة في الرياضة.وقال سعادته، في الكلمة التي ألقاها أمام الحضور في حفل الاستقبال، إنه "لولا جهود السيد محمد حنزاب لما كنا هنا اليوم نتوصل ونتفق على مبادرة ستحمي مستقبل الرياضة العالمية ومنظمة هي الأولى من نوعها في العالم، ونحن في الحكومة الأسبانية ملتزمون بدعم هذه الجهود".
وأضاف "نجتمع اليوم حول تحد حقيقي لتنفيذ المبادئ الأساسية للحوكمة الجيدة والنزاهة المالية والشفافية في مجال الرياضة.. ولذلك فمن واجبنا ألا ندخر وسعا لتسليط الضوء اليوم على الفساد والرشوة أو التلاعب بنتائج المباريات ضمن غيرها من الجرائم المنظمة في الرياضة،وعلينا أن نمنح الأجيال القادمة الأمل.
"وأشار إلى أن اسبانيا تعمل بإصرار على مكافحة المخاطر التي تهدد الرياضة.. وقال "التزامنا يتخطى حدود اسبانيا ليصل للعالم كله.. ونشكر الجميع هنا وكذلك نشكر المركز الدولي للأمن الرياضي.. متمنيا النجاح للمنظمة الدولية للنزاهة في الرياضية". من جهته، أكد سعادة السفير راميل حسنوف، الأمين العام لمجلس الدول الناطقة باللغة التركية، أن توقيعه على مسودة تأسيس المنظمة الدولية للنزاهة في الرياضة جاء إيمانا منه بجهود وأفكار السيد محمد حنزاب.
أما السير ديف ريتشاردز، الأب الروحي ومؤسس البريمييرليج الانجليزي فقد اعتبر أن ما حققه المركز الدولي للأمن الرياضي شئ رائع بكل المقاييس.. وقال : "سيجا" مبادرة عالمية جيدة وأتوقع لها النجاح".
كما اعتبر جويل لانج المدير التنفيذي لتقييم المخاطر بمؤشر بورصة "داو جونز"، أن تأسيس المجتمع الرياضي منظمة "سيجا" يعد خطوة كبيرة الى الأمام تسهم في وضع معايير عالمية للنزاهة المالية والنزاهة الرياضية، "فكما رأينا في القطاعات المالية والشركات يتضح أن وضع المعايير المتفق عليها هي الخطوة الأولى لتعزيز الحوكمة وإرساء ثقافة الامتثال."
وقال لارس كريستر اولسون، رئيس رابطة الدوريات الأوروبية المحترفة لكرة القدم ورئيس رابطة الدوري السويدي للمحترفين إن مجتمع الرياضة يواجه أزمة جماعية وحقيقية تتعلق بالنزاهة، ومن الإنصاف القول "إن الرياضة لا يمكن أن تحقق أعلى منفعة للمجتمع ما لم تتبن نهجا جديدا وراسخا وينطلق من مبادئ النزاهة والشفافية، ولاشك أن "سيجا" تشكل فرصة جيدة لتحقيق كل هذه المبادئ واستعادة كرة القدم والرياضة بصفة عامة لتصبح ملكا للجماهير".