برلين- اليمن اليوم
على الرغم من أن منطقة جنوب غرب ألمانيا تمثل مهد صناعة السيارات في العالم، إلا أنها تفاجئ الكثيرين بمدى خضرتها وجمال مناظرها. فهنا تتحول الطبيعة إلى منزل أثاثه الحدائق والمتنزهات والدروب الساحرة. وهنا يشعر المرء بالإنسجام بين المباني والطبيعة ويحظى بمناظر تحبس الأنفاس أينما ذهب وأينما حل.
الحزام الأخضر
شتوتغارت، عاصمة ولاية بادن-فورتمبيرغ، مثلاً هي واحدة من أكثر المدن خضرة في أوروبا، وهي محاطة بالتلال المنخفضة والغابات والبساتين وكروم العنب التي تمتد إلى قلب المدينة. وتساهم حدائق ومتنزهات القصور الرائعة لحكام فورتمبيرغ السابقين في تحويل شتوتغارت إلى عاصمة الخضرة.
إن متنزهاتها وحدائقها التي يُطلق عليها "غرين يو"، وهو مسار أخضر على شكل حرف "يو" بالإنكليزية يبلغ طوله 8 كيلومترات، تمتد من حدائق القصر "شلوس غارتن" وحتى الحديقة العامة "هوهن بارك كيلسبيرغ". وإلى اليوم، لا تزال حدائق القصر، التي أنشأها الملك فريدريش الأول في عام 1807، واحدة من أبرز الأماكن في وسط مدينة شتوتغارت، حيث يمكن مشاهدة أفضل تصميم حديقة في الأقسام الأربعة التي تتكوّن من حدائق القصر العليا والوسطى والسفلى "شلوس غارتن" وحديقة الأكاديمية "أكاديمي غارتن" (موقع الأكاديمية العسكرية السابقة).
قصر الحمراء على نهر النيكار!
وبالانتقال إلى الحديقة الحيوانية-النباتية "فيلهيلما"، التي يُشار إليها غالباً بـ "قصر الحمراء على نهر النيكار"، يجد المرء 9 آلاف حيوان من ألف نوع مختلف، ما يجعلها واحدة من أكثر حدائق الحيوان تنوعاً في العالم، وواحدة من الحدائق التي تمثل قطاعاً عريضاً من كل منطقة مناخية على وجه الأرض. هناك أيضاً مجموعة قيمة من النباتات، تشتمل على 6 آلاف نوع. ومع تبدل الفصول يتغبر وجه الحديقة. وبالفعل، فإن الانطباعات التي تخلقها أزهار المغنوليا، زهور الصيف، زنبق البركة في إزهاره الكامل، نباتات متوسطية، نخيل وأشجار قديمة رائعة هي باختصار ساحرة جداً.
نزهة الفيلسوف
ولا يقتصر اللون الأخضر على شتوتغارت، بل يرافقك إلى الكثير من المدن والبلدات الساحرة في منطقة جنوب غرب ألمانيا التي تزخر بالحدائق والمتنزهات والفرص الترفيهية. فمثلاً في هايدلبيرغ، التي لا تزال واحدة من أكثر المدن الأوروبية رومانسية بآثار قلعتها الواقعة على تلة، بيوتها الباروكية، أزقتها المرصوفة، أقدم جامعة في ألمانيا ونهر النيكار، يعتبر درب التنزه المتمثل في "نزهة الفيلسوف" من أجمل مسارات التنزه في أوروبا. وقد سُمي هكذا تيمناً ببروفيسورات الجامعة وفلاسفتها الذين مشوا في هذا المسار بحثاً عن الإلهام بين أشجاره الوارفة.
مناخ صحي ومنتجعات بديعة
كما يرافقك اللون الأخضر أيضاً في بادن-بادن. فبالإضافة لكونها تمثل وجهة أنيقة للاستراحات المتعلقة بالصحة وتزخر بالمنتجعات والفنادق الفخمة وينابيع المياه المعدنية الحرارية، تضع هذه المدينة زوارها في أحضان الطبيعة الساحرة أينما كانوا، إذ يمكنك مثلاً القيام بنزهة ممتعة في الحدائق المحيطة بمبنى "كور هاوس"، أو من خلال زيارة حديقة "باراديس" أو عبر شارع "ليشتنتالر آليه" بأشجاره العتيقة وجسوره المزدانة بأجمل النقوش التي ترسم ظلالها على نهر "أوس". وتزخر بادن-بادن بشتى أصناف الزهور والورود، لاسيما في حديقة "غونر أنلاغه" وحديقة الورود "روزننوهايتنغارتن".
سحر خاص
ويمكنك أن تعيش سحر الطبيعة الخالص في الغابة السوداء "شفارتس فالد"، فالمنظر يتشكل من جبال يغطيها الضباب، بحيرات عميقة صافية، وديان شديدة الانحدار، غابات كثيفة، مروج خضراء خصبة ومناظر تحبس الأنفاس. وتعد مرتفعات الغابة السوداء المكان الأمثل لتقوم بإعادة شحن طاقتك. فسواء كنت في أعالي الجبال أو في الأسفل عند أحد البحيرات أو تتجول عبر المروج، فهناك دوماً نسيم نقي وعليل في فصل الصيف. وتعد بحيرة "تيتي زيه" مع ضفتها الشهيرة المتمثلة في طريق "زيه شتراسه"، واحدة من الوجهات السياحية الأكثر شعبية في أوروبا.
الصحة والرياضة والبيئة معاً
وبدورها، تعتبر مدينة فرايبورغ أيضاً وجهة رائعة للاسترخاء. وكمدينة "خضراء" تضع فرايبورغ المسائل الصحية والبيئية على رأس أولوياتها. وتُعرف فرايبورغ اليوم بأنها مدينة رياضية تركز على اللياقة البدنية، حيث يمكنك التمتع بملاعب الغولف، مرافق الرياضة وكرة المضرب، وحمامات المياه المعدنية الحرارية.
ويمثل تلفريك "شاو إنس لاند بان" وسيلة مريحة وصديقة للبيئة عند الرغبة في الصعود إلى قمة جبل "شاو إنس لاند"، حيث يحصل المرء على إطلالات تحبس الأنفاس.
بحيرة كريستالية وجزيرة زهور
كما تمثل بحيرة كونستانس (بالألمانية: بودن زيه) التي تقع بين ألمانيا والنمسا وسويسر وإمارة ليختنشتاين، منطقة عطلات محبوبة، لاسيما جزيرة الزهور "مايناو" الشهيرة بالحدائق والمتنزهات الساحرة المحيطة بالقلعة الباروكية، فهي وجهة مناسبة في كافة أوقات السنة وفي كافة المواسم، حيث تذهل زوارها بعبق الزهور وسحر النباتات. وعلى الرغم أن هذه الجزيرة تعتبر نقطة الجذب الرئيسية في المنطقة، حيث يزورها مليون زائر سنوياً، إلا أنها تعتبر رائدة في مجال حماية البيئة. وتعتبر الدراجة الهوائية واحدة من أفضل سبل استكشاف البحيرة وريفها الخلاب.
أفضل الأفضل!
وفي أحضان كل هذه المناظر الطبيعية الساحرة التي تتمتع بها ولاية بادن-فورتمبيرغ لن يستغرب المرء إذاً من حصوله على ضيافة وإقامة مثاليتين تضمنان إجازة رائعة مفعمة بالرفاهية والراحة. فمن خلال تسعة فنادق من فئة الخمس نجوم وفنادق فاخرة (تُشكّل جمعية تُدعى "أفضل ما في جعبة جنوب غرب ألمانيا")، يحظى الزوار بإقامة لا تُنسى. فكل فندق منها مكرس لشيء واحد هو: العناية بضيوفه. ويعتمد كل منها على أساس متين من الجودة، تبدأ من غرف النوم وأماكن الاستقبال وحتى المنتجعات الصحية والمطاعم. كل فندق مختلف عن الآخر ويعبر عن العائلة التي تمتلكه وتديره، مستمرةً في التقاليد التي توارثتها جيلاً عن جيل. وكل فندق لديه شخصيته المميزة وقصته الخاصة ليحكيها. بعضها مثل "تراوبه تونباخ"، "بارايس" و"دولنبيرغ"، بدأ كنزل بسيط في الغابة السوداء الجميلة، بينما أصبح اليوم من بين أفضل الوجهات راحة في أوروبا، مع طهاة حاصلين على نجمة ميشلان يقومون بإعداد وجبات طعام عالمية المستوى.
وهناك فنادق المدينة ذات التقاليد العريقة مثل فندق ومنتجع "برينيرز بارك" في بادن-بادن، "كولومبي" في فرايبورغ، "إرببرينتس" في "إتلينغن"، وفندق "أويروبيشه هوف" في هايدلبيرغ. ففي نبض الحياة المدنية العصرية، يقدم كل فندق واحة من الذوق الرفيع والأجواء المريحة.
ولا ننسى فندق "ريفا" الذي يتميز بإطلالات مذهلة على بحيرة كونستانس، وفندق "فالد اند شلوس هوتيل فريدريشسروه" الذي يتميز بسحر المنزل الريفي.