برلين-اليمن اليوم
تُعد المساحة الكبيرة مسرحاً للأفكار الفذّة، تنتفي الحدود بين التوصيفات والتصنيفات فيولد كل متماسك، متناغم ومتوازن تحفّه البساطة من كل جانب وتبزغ من تفاصيله ملامح الفرادة والتجديد. ولعل إنجاز مهندسة الديكور الألمانية "جوليا فون ويرز" لهذا المشروع يشكّل مثالاً موضوعياً على المعادلة البارعة التي ابتكرتها هذه المهندسة الشابة. ولئلا يبقى الأمر وكأنه سجين دائرة الألغاز، سيكون مناسباً زيارة المكان ومعرفة قصته. في البداية هو عبارة عن «بنتهاوس» في أعلى إحدى العمارات - يعود بناؤها الى سبعينيات القرن الماضي- في حي بوغنهاوزن، أحد أرقى أحياء مدينة ميونخ، "دوبلكس" مريح ولكن توزيعه الداخلي لا يراعي متطلبات الحياة المعاصرة. لذا كان على "جوليا" أن تقدم استثماراً بارعاً للمساحة، ولأن «اللوفت» هو أنسب «القوالب» للحياة المدينية المعاصرة، عملت من خلال تصميم بسيط، جميل وعملي على توليد شقتين بروحية «اللوفت»، أو ما يمكن تسميته ميني لوفت في هذا المكان الرائع.
وتجمع معالجات بين الحداثة والأجواء التقليدية المحلية... مدعومة بخيارات مدهشة من الألوان الحيادية الناعمة والداكنة في عملية تكامل وتوازن جذابة.
فهذه المهندسة الشهيرة التي وقّعت العديد من المشاريع في بلدان مختلفة من العالم اختارت أخيراً مدينة الضباب «لندن» للاستقرار فيها والعمل والانطلاق إلى آفاق عالمية جديدة.
اقرا ايضا:
تفاصيل الإقامة على متن أكبر سفينة بحرية في العالم
وهي تقدم من خلال تنفيذها لهذه الشقة جواً جديداً في عالم التصميم الداخلي يعتمد على البساطة في الخطوط واختصار التفاصيل داخل مساحة مفتوحة، موحّدة ومشعّة بالأضواء.
إنها معادلة جديدة للرفاهية من خلال صياغة داخل بلا جدران ومن دون حُجب، ومن أجل ذلك كانت بعض المواجهات اللونية ضرورة يمليها التعايش في فضاء المساحة. فإذا باللون الأبيض العاجي يحتضن بعض الأحجام الداكنة فيبرز فعالياتها، وهي في الوقت نفسه ترد له هذا الاحتضان فتؤكد نقاء فضاءاته وترفد الأجواء بحضور باذخ في خطوطه الهندسية الصارمة والمحددة. على أن هذه المواجهات تبدو في غاية الأهمية حيث إنها تحقق للجانب العملي كل قيمه الجمالية المطلوبة.
وتتميز الشقة بحلّتها الجديدة برحابة يدعمها التخلي عن الجدران الداخلية، بينما تتيح لها نوافذ وأبواب كبيرة تصل الى حدود السقف، الانفتاح على شرفة تحيط بالشقة من كل جوانبها، مما يضيف الى مساحتها الداخلية بعداً حيوياً ويؤسس لتواصل بصري بديع بين الداخل والخارج، حيث تطل الشرفة على حديقة تزخر بالنباتات والأشجار.
يكتسي داخل الشقة باللون الأبيض، وكذلك السقف والأرضيات، مما منح المكان نقاء وصفاء يقترب من أجواء الـ«زن»، وترفد بعض البُسط وقطع السجاد البسيطة هذه الفكرة بعناصر داعمة، مؤكدةً مزاج سيدة المكان.
أما قطع الأثاث التي اختارتها «جوليا فون ويرز» بعناية ودقة لكي تنسجم مع تشكيلات الداخل فهي تحمل توقيعها... فكون هذه المهندسة محبّة للطبيعة وصديقة للبيئة، اختارت من المواد أكثرها نبلاً وأجملها، ومنها الخشب والزجاج والمعدن والأقمشة الطبيعية بألوان حيادية متناغمة، وأخرى متضاربة لخلق جو من المواجهات الزخرفية.
صالون بمدفأة مدمّجة وصالة طعام ومطبخ «زُرعت» في مساحة مفتوحة بلا جدران أو حواجز بموازاة شرفة تم تنسيقها بجلسات مريحة تتخللها أحواض للنباتات الخضراء والمزهرة. في الصالون، حول المدفأة تم تنسيق قطع أثاث عبارة عن كنبات مريحة بلون فاتح تتناغم مع أجواء المكان ومقاعد وثيرة من الجلد الأسود الذي يتناغم مع لون أثاث خشبي كبير يفصل بين الصالون وصالة الطعام والمطبخ. أرفف هذا الأثاث الذي يذكّر بالمكتبات العامة، مليئة بالكتب، كما نلاحظ أن الزاوية المقابلة بجانب المدفأة قد خُصّصت أرففها للكتب أيضاً، أما اللوحة التجريدية المعلّقة في صدر المكان فقد منحت هذا الفضاء المثقّف حركة بديعة من خلال ألوانها الصارخة.
صالة الطعام تلبس حلة من البساطة البليغة... تتوسطها طاولة مبتكرة من الخشب تحمل توقيع «جوليا فون ويرز»، تحيط بها كراسٍ مبتكرة باللون الداكن، ويتدلى فوق الطاولة مصباحان للإضاءة يشغلان فضاء المساحة بنمنمة ملحوظة.
يطل على ركن الطعام هذا مطبخ مفتوح تم تنسيقه بخزائن منخفضة يندمج فيها ويعلوها مسطح عمل من الرخام اللامع تتوزعه وحدات للطهو والماء، تقابلها في الجهة الأخرى من المطبخ عند النوافذ المطلّة على الشرفة مجموعة أخرى من الخزائن المخصصة للتخزين وتوضيب الأدوات الكهربائية، وهنا أيضاً تمت الاستعانة بأثاث كبير ليحتل ركناً من مساحة المطبخ، هو عبارة عن الخزائن المرتفعة حتى السقف بأبواب ناعمة الملمس تخفي داخلها رفوفاً ومساحات للتخزين تستوعب الكثير من الأدوات والأشياء بعيداً من العيون.
على أن الاستعانة بهذه الأحجام العملاقة لم تؤثر في وحدة الفضاء العام في الشقة أو تشغل رحابته، بل على العكس، أضافت الى هذا الفضاء رحابة افتراضية لكون المساحات المحيطة بها لا تزال على مقدار كبير من الرحابة وتأمين حرية الحركة والانتقال.
من المدخل المؤدي إلى هذا الصالون وركن الطعام والمطبخ، تتغير المشاهد بإيقاعها المتكامل، فتتقاطع أحياناً مع بعض الأكسسوارات المصنوعة من القصب أو القش أو الزجاج أو المعدن، والتي تزيدها بعض اللمسات الفنية البارعة رونقاً وجاذبية، خصوصاً أن الفراغ في هذا القسم من الشقة يفرض حضوراً جميلاً، كما أنه يساهم في تظهير جماليات الديكور بمختلف مكوناته من أعمدة الإضاءة واللوحات الفنية والتحف المختلفة وقطع السجاد بأكثر من صورة.
وعبر ممر يتصل بالمدخل، يمكننا الوصول إلى غرف النوم الغارقة في جو من الهدوء والحيوية في آن واحد. غرفة النوم الرئيسة يحتلها سرير بسيط الشكل مزيّن بغطاء من اللون الأبيض تزيّنه وسائد بسيطة ومبتكرة، وقد رُصّع الجدار عند جانب السرير، ببعض الأكسسوارات الطريفة للزينة.
أما الغرفة الثانية فيحتلها في الجهة المقابلة للسرير مكتب بسيط ومقعد باللون الأحمر تناغماً مع بعض الملصقات التي تزيّن الجدار وتخلق جواً طريفاً في الغرفة التي نُسّق فيها... الى جانب المكتب خزانة للملابس، وتجمع بين الغرفتين صالة للحمام بسيطة الطابع تحتل أحد جدرانها مرآة كبيرة.
ينتهي أحد الممرات الجانبية في الشقة بباب زجاجي مطلّ على الشرفة، بينما يؤدي الجانب الآخر الى درج يقود الى السطح الذي يشغل جزءاً من مساحته حوضٌ خاصٌ للسباحة.
قد يهمك ايضا:
شقة بطراز "البنتهاوس" توفّر إطلالات شاملة على أفق لندن
نظرة داخل شقة "بنتهاوس" داخل مدينة ميامي بتكلفة 68 مليون دولار