ببرازيليا - رامي الخطيب
تبدو المناورات السياسية في البرازيل على صفيح ساخن، في الوقت الذي تبحث عن فيه الرئيسة ديلما روسيف عن طرق للبقاء في السلطة بعدما حرك مجلس النواب، أحد أذرع الكونغرس في البرازيل، إجراءات الاتهامات ضدها، وبدأت تستعد نائبها ميشيل تيمير لأخذ مكانها.
ووفقا لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، فإن الخيارات باتت محدودة أمام روسيف في ظل ما تعيشه البرازيل من مرحلة جديدة من الاضطرابات السياسية البالغة الضرر. فبعد أن تخطت غرفة النواب في برازيليا، يوم الأحد، حاجز ثلثي الأصوات بـ367 مقابل 137، وهي النسبة المطلوبة لتحريك الاتهام لروسيف إلى الأمام، انتقلت القضية الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث تضاءل هناك دعم رئيسة البرازيل أيضا، وحسب الصحيفة، فليس هناك ما يشير إلى أن روسيف ستترك السلطة بهدوء، فلقد أصر النائب العام في البرازيل إدواردو كاردوزو، يوم الاثنين، على أن "الرئيسة لن تيأس ولن تتوقف عن القتال"، وقال: "إذا كان هناك من يعتقد أنها في طريقها إلى التنحي الآن، فهم يخدعون أنفسهم".
وتحدثت روسيف من مكتبها، بعد ما يقرب من مضي 24 ساعة على لتصويت، وأوضحت صراحة أنها مصرة على الوقوف ضد جميع أولئك الذين يريدون عزلها من منصبها. وقالت: "لدي الطاقة والقوة والشجاعة لمواجهة هذا الظلم"، ومع ذلك، فإن الأمر لا يحتاج سوى موافقة أغلبية الأصوات في مجلس الشيوخ المكون من 81 مقعدا على محاكمة الرئيسة، المتهمة بالتلاعب في الحسابات العامة، ومن المتوقع أن تستمر محاكمتها في مجلس الشيوخ 180 يوما أو أقل، وخلال هذا الوقت عليها أن تتنحى جانبا وتسمه لنائبها تيمير بتولي مهامها، ويمكن أن يكون ذلك في منتصف مايو المقبل، قبل أن يتخذ مجلس الشيوخ القرار الأولي حول ما إذا كان عليه أن يضغط في المضي قدما في الأمر أم لا. وأفادت وسائل الإعلام المحلية أن ما لا يقل عن 41 عضوا في مجلس الشيوخ، توصلوا بالفعل إلى التخلي عن روسيف ودعم إجراءات إقالتها، إذ يحتاج الأمر موافقة أغلبية ثلثي الأعضاء لعزلها من منصبها.
وترددت تكهنات بأن روسيف، التي يجب أن تستمر ولايتها الثانية في السلطة حتى نهاية 2018 ، قد تحاول تجنب مساءلة إذلالها على هذا النحو، بالدعوة الى إجراء انتخابات جديدة. وبينما تعد مثل هذه الخطوة غير مرحب لها لدي كثير من البرازيليين، فإنه لا يوجد نص لها في الدستور الحالي للبلاد.
وأشار مساعدو روسيف، إلى أن رئيسة البرازيل ستلجأ إلى مساعدة إلى المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى محكمة في البرازيل، في محاولة للتصدي لحملة إقالتها، التي تصفها وأنصارها بـ"الانقلاب" الحزبي المنظم، الذي زعموا أنه يدعموه تيمير، الذي كان يوما ما حليفا للرئيس، وتميز التصويت، الذي دام لمدة 6 ساعات، في مجلس النواب، يوم الأحد، بلحظات من التمثيل المسرحي والفوضى، لذا بدت البرازيل، أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، تشهد منذ لأسابيع وربما أشهر من أكبر الاضطرابات السياسية، التي من المرجح أن تكون مفلتة للنزر مع تزايد عدد من الاحتجاجات في الشوارع والإضرابات، حتى في الوقت الذي تستعد لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية، وعلى مدى الأسابيع والأشهر الأخيرة، شهدت البرازيل موجة من السخط الشعبي على الحكومة، تغذيها الوضع الاقتصادي المتدهور بسرعة في البلاد فضلا عن الحديث اليومي عن قصص مرتبطة بتفشي الرشوة و قصة الفساد المتورط فيها عدد من كبار السياسيين، ليست من بينهم روسيف، وعملاق النفط الحكومي "بتروبراس"، في الوقت الذي احتفل الآلاف في شوارع برازيليا وأماكن أخرى ابتهاجا بمسألة التصويت، يوم الأحد، ضد روسيف، ساد الحزن بين كثير من المواطنين المتعاطفين مع روسيف، التي لا يزال لحزبها "العمال" الفضل على نطاق واسع في مع انتشال الملايين من الفقر مع سياسات الإدماج وسخاء الدولة في نهاية العقد الماضي.
وقادت روسيف، التي اختارها الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، خلفا له، الازدهار الاقتصادي المكتشف حديثا في البرازيل عندما انتخبت لأول مرة في عام 2010، ولكن بمرور واجهت إعادة انتخابها بعد 4 سنوات، وتحول بريق الازدهار الاقتصادي من انخفاض أسعار السلع الأساسية إلى عدم الكفاءة والفساد المستشري الذي أصبح دون معالجة، وكرئيس لحزبه "الحركة الديمقراطية "البرازيلية، يتمتع السيد تيمير، 75 عاما، بدعم واسع في الكونغرس، إلا إنه متورط أيضا في قضية الاشكالات المالية التي يعود تاريخها إلى إعادة انتخاب روسيف، ولكن يشكك كثيرون في استعداده خلال أسابيع لاستلام زمام أمور البلاد. وقال تيمير:"الآن يأتي الجزء الأصعب"، وذلك تعليقا على تصويت يوم الأحد.