كتاياً للروائية "تشيماماندا نغوزي أديتشي"

تعد الروائية النيجيرية تشيماماندا نغوزي أديتشي (1977م) من أبرز الأسماء الأفريقية الشابة التي استطاعت أن تحقق نجاحًا باهرًا في الكتابة باللغة الإنجليزية، حيث فازت بالعديد من الجوائز والمنح المرموقة، كما لاقت مؤلفاتها استحسانًا واسعًا لدى النقاد والأدباء العالميين، فضلًا عن أنها واحدة من الأصوات الأدبية الأفريقية ذائعة الصيت، حيث ترجمت أعمالها إلى ثلاثين لغة عالمية حتى الآن.

وفي رصيد أديتشي من الأعمال الأدبية، ثلاث روايات ومجموعة قصصية واحدة، فهي ليست كاتبة سرد فحسب، بل متحدثة بارزة في العديد من المؤتمرات والمحاضرات العالمية التي تُعنى بقضايا المرأة، حيث صدر لها مؤخراً باللغة العربية عن دار "روايات" التابعة لـ"مجموعة كلمات" كتاباً تحت عنوان "علينا جميعاً أن نصبح نسويين" عرضت فيه خطابها الاستثنائي الذي ألقته على ضيوف أحد مؤتمرات "تيد إكس" الشهيرة في العام 2013، وكان محور الحديث خلاله (إفريقيا وقضاياها).

وتتناول أديتشي في خطابها الصادر بترجمة لميس بن حافظ، القضية النسوية، وتتطرق إلى العوائق التي تحول بين المرأة وبين حقوقها ومطالبها حول العالم، إذ نجحت من خلال لغة بسيطة وقوية أن تستعرض أبرز القضايا التي تواجهها المرأة من أفريقيا ومختلف ثقافات العالم.

وتدور فكرة الخطاب حول صديق طفولة يدعى "أوكولوما" الذي وصفته بخفّة الظل والذكاء، دائم الابتسامة، والذي كان ينتعل أحذية رعاة البقر ذات الأطراف المدببة، وهنا تبدأ رحلتها مع علاقة الصداقة التي جمعتها مع الصبي اللّماح، وبين نظرته لها ووصفه اياها بالـ" نسويّة" بعد أن اكتشف هذا الأمر من خلال نقاش دار بينهما عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها، لتتناول في الخطاب رحيله في حادثة سقوط طائرة في جنوب إفريقيا عام 2005.

وتصف أديتشي تلك اللحظة بأنها فتحت أمامها آفاقاً جديدة، فوصف صديقها أوكولوما لها بالنسوية أيقظ ذهنها على قضايا المرأة سيما وأنها في القارة الأفريقية عانت من ظروف صعبة حيث كانت تُعنّف من قبل الرجل وليس لها مكان فاعل في المجتمع، فتشكّلت لديها الرؤية بأن تكون ذات صوت يدافع عن من لا صوت لها، وتخوض في الأحداث الثقافية والمعرفية العالمية دوراً استثنائياً في الدفاع المرأة.

مانفيستو نسويّ

وتواصل اديتشي اشتغالها على قضايا المرأة وحقوقها، فإلى جانب خطابها الشهير، تعرض أفكارها في كتاب صدر مؤخراً بالعربية أيضاً عن "روايات" تحت عنوان "عزيزتي هاجر أو مانفيستو نسويّ" خمسة عشر مقترحاً في رسالة كتبتها كردّ على رسالة لواحدة من صديقات طفولتها، طلبت منها أن تعلمها كيفية تربية ابنتها لتصبح نسوية، حيث تكشف أديتشي عن نصائح مدعمة بمعلومات حول الطرق السليمة التي تمكن الابنة من النمو قوية وذات قدرة على الاستقلالية بقرارها وشخصيتها.

وفتحت أديتشي من خلال كتابها الصغير نقاشات محببة عن الملابس والمكياج والنسويّة، حيث عملت على فضح خرافة أن المرأة لا مكان لها سوى البيت، وأن الرجل يمتلك زمام الأمور كلها، فالكتاب استطاع أن يتعمق في أسس العلاقات التي وصفتها المؤلفة بأنها غير عادلة في القرن الحادي والعشرين سواء كانت حول القضايا الاجتماعية والسياسية أو غيرها من الروابط التي تجمع المرأة والرجل.

وتطرقت أديتشي خلال النصائح إلى تدعيم ثقة الفتاة بنفسها من خلال الإيمان بذاتها باعتبارها شخصاً كاملاً وقدمت نماذج ريادية من النساء الصحفيات والمبدعات وغيرهن ممن خضن غمار الحياة بصعوبة، كما تطرقت في النصائح إلى أسس المساواة بين الرجل والمرأة، وحذرت من مفاهيم كالنسوية "المخففة" التي تعتبرها فكرة مشروطة للمساواة بين الجنسين أي الدعوة بأن تكون المرأة إما مؤمنة بالنسوية أو لا.

وكشفت أديتشي في النصائح أهمية التعليم والثقافة للمرأة، وضرورة القراءة والتعلّم من كل ما تمر به المرأة خلال الحياة اليومية والعملية، إلى جانب الدعوة إلى الاستقلالية في كل ما تقوم به المرأة، إضافة إلى ضرورة فرض حضورها وهويتها أمام الجميع