جمعية دنقلة للثقافة في السودان

 أكّدت ست البنات حسن، رئيسة جمعية دنقلة للثقافة في السودان، على أنّ مصر والسودان لهما تاريخ مشترك، وكلمة "العلاقات" بين البلدين ما هي إلا كلمة مجازية، وسابقًا أطلق عليها الأديب الطيب صالح مصطلح "التواصل الثقافي"، موضّحا أن التاريخ المشترك بين السودان ومصر له أكثر من خمسة آلاف سنة، ونحن في السودان لنا تواصل ثقافي مع مصر منذ عهد محمد علي باشا، وقبلة الأزهر الشريف ورواق السنارية الذين كانوا مصدر علم للطلاب السودانيين ثم البعثات التعليمية وجميعها أسهمت في تعزيز التواصل الثقافي بين السودان ومصر.

وأضافت "ست البنات" خلال اللقاء الثالث لصالون الثقافات الأفريقية، في المجلس الأعلى للثقافة، مساء الأحد، أن المجتمع السوداني خلال شهر رمضان يكشف عن عاداته الأصيلة وتقاليده الراسخة التي تجسد قيم المحبة والتواصل الاجتماعي، وتنم عن التجانس بين أفراده، إذ يبدأ الاحتفال بشهر رمضان عند السودانيين قبل مجيئه بفترة طويلة، فمع بداية شهر شعبان تنبعث من المنازل رائحة جميلة، هي رائحة "الأبري" أو "الحلو مر" الذي تصنعه المرأة السودانية.

وبعض الأسر السودانية تستبق شهر رمضان بتجهيزات مختلفة، بداية من الجمعيات الخيرية واللجان الشعبية الذين يتفقدون أحوال المواطنين في القرى للتعرف على احتياجاتهم ومحاولة توفيرها وتكون الاستعدادات بتجهيز المساجد لصلاة التراويح وشنطة الصائم وترتيب البرامج الدينية سواء أكانت دروسا صباحية أو مسائية وحلقات التلاوة، أما الميزة التي قد لا توجد في دولة غير السودان، وهي "شراب المويات"، وهي العبارة التي يطلقها السودانيون على إفطار رمضان الذي له طقوس خاصة في السودان، وهي التي تعطيه طابعه المميز المختلف عن بقية المجتمعات الإسلامية، والكل يقوم بتحضير عصير "الحلو مر" وهو سيد المشروبات الرمضانية في السودان، بجانب البليلة وملاح النعيمية والتقلية وغيرها من الأطباق التقليدية.

وللمجتمع السوداني كما تضيف ست البنات حسن خصوصية أخرى، وهي السجاد السوادني الذي يفترش في الطرق والميادين، وهو سجاد شعبي يصنع من جريد النخيل، وقد تراجع نسبيًا لصالح السجاد العصري.

ومن العادات الرمضانية في القرى الموجودة على طرق السفر بين المدن والولايات، ربط العمة من الأطراف وشدها وسط الشارع العريض، حيث يمسك اثنان طرفا العمة لوقف العربات للافطار لأن بعض السائقين لا يستجيبون للدعوة للأفطار في الشوارع وعندما يرون العمة المشدودة أمامهم من الأهالي في نصف الشارع ينزلون احترامًا لهذه العادات والتقاليد في الدعوة لإفطار الصائم، فالكرم عادة يشتهر بها الشعب السوداني.

وروت المتحدثة واقعة شهيرة عن كرم السودانيين قائلة "في ولاية الجزيرة وسط السودان سجلت قضية أغرب بلاغ في التاريخ، حين استقبلت محكمة العبدلاب بلاغًا بشأن خلاف مواطنين بشأن من يكرم المسافرين الصائمين على الطريق ويتشرف بخدمتهم أثناء وجبة الإفطار، فقد ادعى أحدهم أن الآخر سرق منه الضيوف ويسرع لسحب ركاب الحافلات والعربات المسافرة على الطريق لمائدته في رمضان، دون أن يترك له مجالًا لإكرامهم، الأمر الذي أوقع بينهما ملاسنة حادة قادت لفتح بلاغ بالواقعة".

ورفض قاضي المحكمة الفصل في القضية وقدّم محاضرة قيمة بشأن الكرم السوداني الذي تعدّى المتعارف عليه بين الناس.​