عدن ـ حسام الخرباش
أكّد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أنّ “العملية الانقلابية لم تنقلب فقط على الإجماع الوطني الذي مثلته مخرجات مؤتمر الحوار الوطني فحسب، ولم تقتصر على مصادرة الدولة ومواردها السيادية لحساباتها الخاصة، ولم تكتفِ بالقضاء على البيئة السياسية والهامش الديمقراطي، بل ذهبت بعيداً في وقاحتها لتصادر ثورة اليمنيين الأولى، بقيمتها الأكثر تعبيراً عنها، وهو النظام الجمهوري، لتحل محلها أفكار الكهنوت والطغيان والاستبداد والاستعباد”.
وأضاف هادي، في خطابه الذي وجهه أمس لليمنيين في الداخل والخارج، بمناسبة العيد الوطني الـ55 لـ”ثورة 26 سبتمبر”: “ها هو شعبنا اليمني الباسل يحتفل بطريقته بثورته المعجزة، ويشهر (سيف أيلول) الظافر في وجوه أعداء النظام الجمهوري، والخائنين له، ممن تغنوا باسمه طويلاً، وتكسبوا من التغني به عقوداً من الزمن، قبل أن تنكشف حقيقتهم وقبحهم. وها هو شعبنا اليمني في مواجهة مباشرة معهم يخوض ملحمة سيدونها التاريخ بأحرف من نور”.
وأشار هادي إلى أن “ما نشهده هذا العام من احتفاء شعبي وزخم وتفاعل غير مسبوق بين كل فئات الشعب الذين يحتفلون بذكرى الثورة المجيدة بطريقتهم منذ أكثر من شهر، هو رسالة صريحة واضحة للإماميين الجدد، ولأذنابهم من المغفلين الذين سلموا لهم البلاد، وباعوا أسوارها حقداً وانتقاماً، لأن مصالحهم الشخصية وأحلامهم المريضة تقاطعت مع خيارات شعبنا الثائر الباسل”، وأكد أن “الحقيقة تقول، ومن خلال ما شهدناه، إنه حين عادت الإمامة الجديدة، فإنها لم تقتصر على إلحاق الضرر بالشعب اليمني فحسب، بل امتدت لتصبح تهديداً يتجاوز اليمن، ويعم المنطقة، ويهدد الأمن والسلامة (الدولي والإقليمي)، ويضع مستقبل اليمن كله، بكل ما يحمله من حضارة وتاريخ، رهينة بيد مجموعات مراهقة باعت نفسها للشيطان، وارتهنت للخارج، وقد رأيناهم اليوم خنجر غدر وسهم خيانة ووكيلاً إقليمياً لأطماع فارس، التي أرادت به النيل من أرض اليمن وبلاد الحرمين، وتهديد الأمن والسلم الدوليين”.
ولفت الرئيس اليمني إلى أن “الإمامة تقف اليوم في مواجهة مباشرة مع كل اليمنيين، شمالاً وجنوباً، بل لم يسبق أن اصطف اليمنيون ضد الإمامة بهذا الزخم الهادر الذي يتجلى اليوم في تلاحم الشعب المجيد، ليستعيد أمجاد وأجواء الثورات المجيدة، وليعيش الثورة من جديد، ويخوض النضال مرة أخرى”، وقال هادي إن “مشروعنا كامل الوضوح، تمثله مخرجات الحوار الوطني الشامل التي توافق عليها اليمنيون، ولاقت تشجيع ومساندة الإقليم والعالم، لبناء يمن اتحادي قوي، يحقق القدر الأكبر من الشراكة في بناء الوطن، وفق المبادئ الوطنية والقيم العليا التي اجتمع عليها الشعب اليمني؛ من المساواة والمواطنة والحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وضمان حقوق المرأة ومشاركة الشباب وتحقيق أهداف الثورة، وكل نضالات الشعب اليمني الممتدة عبر التاريخ الطويل”.
وأضاف هادي “علينا أن نحارب الجهالة بنور العلم، وأن نطمس معالم الكهنوت الجديد بمنائر الوعي، وأن نحطم أغلال العبودية الجديدة بفضاءات الحرية، وأن نكسر هيمنة التعصب بالتسامح، وأن نرفض ثقافة الكراهية وتمجيد الحروب، فالكراهية لا تبني الأوطان، والحروب لا تكتفي بجيل واحد. والتحية لكل أبناء شعبنا الذين يخوضون معركة الكرامة، والتحية لكل الرافضين للخيانة وللصابرين على الألم”، وعبر هادي عن شكره وتقديره لدول التحالف العربي، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، “على موقفهم الشجاع في نجدة إخوانهم ونصرة قضية الشعب اليمني، والشكر لكل ما يبذلونه للتخفيف من المعاناة الإنسانية الكارثية التي تسببت بها الحرب المفروضة على الشعب اليمني”، مقدماً شكره لهم لمكافحتهم الأوبئة والأمراض والوقوف مع اليمن.
وأكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، أن الحكومة لا تزال تنشد السلام الدائم والعادل الذي يؤدي إلى تحقيق إرادة الشعب اليمني في قيام دولة اتحادية تضمن العدالة في توزيع السلطة والثروة.
وكشف الوزير المخلافي في الندوة التي نظمها المركز العربي البريطاني للدراسات الاستراتيجية والتنمية اليوم في نادي الصحافيين السويسري في جنيف "أن الالتفاف الشعبي خلف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة يعكس مدى الوعي والإدراك أن الإمامة هي أسوأ أنواع الاستعمار وأنها نظام الجهل والفقر والمرض وأن ميليشيات الحوثي وصالح تحاول إعادة إنتاجها من جديد بانقلابها على الشرعية الدستورية ومخرجات الحوار الوطني التي أقرت شكل الدولة القادمة وبتكريسها الطائفية من خلال تحريف المناهج الدراسية".
وأضاف المخلافي "أن من كان يزايد باسم الثورة هم أنفسهم من مهدوا الطريق أمام الإماميين الجدد لاجتياح العاصمة صنعاء وتقويض سلطات الدولة وإعلان التعبئة العامة والزحف نحو باقي محافظات الدولة، وأن الشعب اليمني العظيم الذي صنع ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين قادر على الحفاظ عليها من أي محاولات للالتفاف عليها أو إجهاضها .
وأوضح المخلافي أن الشعب اليمني هو شعب عظيم لن ينكسر وسينتصر في معركته الحالية وسيتمكن من إعادة الاعتبار لهذه الثورات، مشيراً إلى أن ثورة ١١ فبراير من أعظم الثورات وهي ثورة سلمية شارك فيها جميع أبناء اليمن، واستعرض المخلافي في كلمته الجهود التي بذلتها وتبذلها الحكومة الشرعية في سبيل تحقيق السلام العادل من خلال المشاركة الإيجابية والصادقة في جولات مشاورات السلام في الكويت بغية الوصول إلى حل للأزمة، ولافتاً إلى أن الإنقلابيين كانوا غير صادقين فيما يتعلق بالوصول إلى حل سلمي وعملوا خلال جولات المشاورات على المراوغة وإضاعة الوقت، وقال "نحن أمام قوة لا تعرف معنى السلم والسلام، ولا تعرف معنى الدولة المدنية ولغتها الوحيدة هو السلاح والقوة، وأن انقلاب الحوثي وصالح لم يكن انقلاب اعتيادي على السلطة بل انقلاب على الدولة وعلى مؤسساتها وعلى النسيج الاجتماعي".
ولفت المخلافي إلى أن تدخل التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، لم يأتي إلا بعد 6 أشهر من بداية الانقلاب والحرب وبعد استنفاذ كل وسائل الحوار مع هذه الميليشيات، مؤكداُ أن تضحيات اليمنيين والتحالف العربي لن تذهب سدى وستصنع اليمن الجديد بإذن الله.