اشتباكات متواصلة في منطقة عفرين في شمال سورية

تواصل القوات الحكومية قصفها الصاروخي المكثف على غوطة دمشق الشرقية، مستهدفة مناطق في مدينتي عربين وحرستا، إذ ارتفع إلى 41 على الأقل عدد الصواريخ التي يعتقد أنها من نوع أرض -أرض استهدفت خلالها القوات الحكومية أماكن في حرستا وأطرافها منذ صباح الأربعاء، بينما استهدفت القوات الحكومية مساء اليوم بـ 7 صواريخ أرض – أرض أماكن في مدينة عربين، ما أسفر عن سقوط جرحى، كما تجددت الاشتباكات بشكل متقطع بأطرف عربين، بين القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها من جهة، وفيلق الرحمن من جهة أخرى، وسط استهدافات متبادلة بين طرفي القتال، وقتل 4 أسرى من القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها في حرستا في الغوطة الشرقية، واتهمت حركة أحرار الشام الإسلامية القوات الحكومية بقتل الأسرى عبر استهداف منطقة تواجدهم، ولا يعلم إلى إلى الآن فيما إذا كان عناصر من أحرار الشام قضوا خلال القصف ذاته

وتستمر الطائرات الحربية والمروحية باستهدافها المكثف على الريف الإدلبي، حيث نفذت عدة ضربات جديدة مستهدفة مناطق في بلدات وقرى سراقب والشيخ ادريس وقطرة والصيادي والريان وتل السلطان  بأرياف إدلب الجنوبي والشرقي والجنوبي الشرقي، وتسببت الضربات على بلدة سراقب، باستشهاد مواطنة وطفلتها حرقاً عقب احتراق منزلها نتيجة الضربات، ويتزامن القصف المتجدد مع اشتباكات مستمرة بعنف في منطقتي تل السلطان ورأس العيم في المنطقة الواقعة بين غرب أبو الضهور وبلدة سراقب، بين القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المقاتلة والإسلامية وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، إثر استمرار القوات الحكومية في هجومها محاولة التقدم والوصول إلى منطقة سراقب وطريق حلب – دمشق الدولي، بعد المعارك العنيفة التي شهدتها ساعات النهار والتي نجم عنها تقدم للنظام في 13 قرية بغرب أبو الضهور وتقدمت غرباً ليفصلها نحو 15 كلم عن بلدة سراقب، وترافقت الاشتباكات مع تفجير مقاتل من الجنسية الأندونيسية لنفسه بعربة مفخخة في غرب منطقة أبو الضهور.

ويأتي هذا القصف الجوي في إطار القصف المتصاعد والهجمة الجوية الشرسة التي يتعرض لها الريف الإدلبي، وبشكل خاص الريف الشرقي، من قبل الطائرات الحربية والمروحية التابعة للنظام والطائرات الروسية، والتي أوقعت عشرات الشهداء والجرحى خلال الـ 72 ساعة الأخيرة، ليرتفع إلى 194 بينهم 50 طفلاً و36 مواطنة عدد القتلى المدنيين في القصف من قبل الطائرات الحربية والمروحية، ومن قبل القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها على مناطق في ريف إدلب، منذ الـ 25 من كانون الأول / ديسمبر من العام الفائت 2017، وحتى الـ 31 من كانون الثاني من العام 2018، فيما أصيب عشرات الجرحى بإعاقات دائمة وجراح بليغة، ما يرشح عدد الشهداء للازدياد، كما تسبب القصف في تدمير مئات المنازل والمحال وممتلكات المواطنين، إضافة للدمار في البنى التحتية للمناطق التي شهدت قصفاً مكثفاً، في إدلب وحلب وحماة.

وتتواصل المعارك العنيفة التي تخوضها القوات التركية والفصائل السورية المعارضة ضد المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين في شمال سوريا، موقعة المزيد من الضحايا ومتسببة بنزوح سكان القرى الحدودية هرباً من الغارات الكثيفة، وقال مراسل وكالة فرانس برس إن وتيرة القصف اشتدت منذ الثلاثاء في محيط مدينة عفرين مقارنة مع الأيام الأخيرة.

وأعلن مسؤولون أكراد الأربعاء عن قصف بالصواريخ استهدف حي الاشرفية في مدينة عفرين، تسبب بإصابة 12 شخصاً بجروح، ودارت الأربعاء “معارك عنيفة بين الطرفين تتركز في منطقتي جنديرس وراجو، حيث تمكنت القوات التركية والفصائل من السيطرة على قرية شنكال الحدودية”، الواقعة شمال غرب مدينة عفرين، واستقدمت القوات التركية بعد منتصف الليل “تعزيزات عسكرية جديدة تضم مقاتلين وآليات الى شنكال، في محاولة لتثبيت نقاط سيطرتها ودعم قواتها”.

وتتزامن المعارك بين الطرفين في الشريط الحدودي بين عفرين وتركيا من جهتي الشمال والغرب مع “قصف عنيف يطال مناطق الاشتباك وغارات تركية تستهدف ناحيتي بلبلة (شمال عفرين) وجنديرس (جنوب غرب)”

وافاد مسؤولون اكراد ان صواريخ سقطت على مدينة عفرين التي لا تزال في منأى نسبيا من المواجهات واسفرت عن 12 جريحا، ورغم نفي تركيا استهداف المدنيين في عمليتها العسكرية، تستقبل مستشفيات مدينة عفرين يومياً الضحايا من قتلى وجرحى، وداخل مستشفى أفرين الرئيسي في المدينة، تسلمت أفراد عائلة مساء الثلاثاء جثة والدهم العجوز بعدما قتل جراء القصف قبل أيام. وتضع امرأة راسها على النعش وهي تبكي بحرقة، وعلى بعد أمتار، استشاط رجل في الثمانينات غضباً بعدما قتل 12 فرداً من أسرته بينهم حفيداه الرضيعان جراء القصف التركي الذي نجا منه بأعجوبة.

وقال للصحافيين وهو يصرخ “كل العالم يعرف ماذا يحصل هنا. كل العالم يعرف أن المدنيين يموتون”، وأضاف وهو مضمد اليدين والرأس “نحن دواعش عفرين، طفل عمره أربعة أشهر وآخر تسعة أشهر. نحن دواعش عفرين”، وتشن أنقرة مع فصائل سورية معارضة هجوماً منذ 20 كانون الثاني تقول انه يستهدف مقاتلي الوحدات الكردية الذين تصنفهم “ارهابيين”، وتسبب القصف التركي منذ بدء الهجوم بمقتل 67 مدنياً على الأقل بينهم 20 طفلًا، لكن تركيا تنفي ان تكون عملياتها تستهدف المدنيين، مؤكدة انها تستهدف المواقع العسكرية للمقاتلين الأكراد.

وقال وزير الدفاع التركي نور الدين جانكلي أمام البرلمان الثلاثاء إنّ العملية العسكرية “لم تلحق أضراراً بالمدنيين” في منطقة عفرين، وقتل جراء المعارك والقصف منذ بدء الهجوم 91 على الأقل من المقاتلين الاكراد مقابل 85 من الفصائل السورية المعارضة، وأعلنت تركيا مقتل سبعة من جنودها، ودفعت المعارك المستمرة 15 ألف شخص للنزوح داخل منطقة عفرين، وفق ما أعلنت مسؤولة في الامم المتحدة أمام مجلس الامن الثلاثاء.

وتمكن الجيش التركي وحلفاؤه من الفصائل منذ بدء الهجوم قبل 12 يوماً من السيطرة على 11 قرية بالإضافة الى تلة برصايا الاستراتيجية المشرفة على مدينة كيليس التركية وأعزاز السورية، وتواجه قوات “غصن الزيتون” وفق عبد الرحمن “مقاومة شرسة من قبل المقاتلين الأكراد المتحصنين في الجبال على الرغم من القوة النارية الهائلة من الجانب التركي”.

وأعلن الجيش التركي الأربعاء تدميره بعد منتصف الليل 22 هدفاً تابعين للمقاتلين الأكراد في منطقة عفرين، وأفادت وكالة أنباء الأناضول الحكومية الأربعاء عن مقتل فتاة (17 عاماً) واصابة مدني بجروح في مدينة الريحانية التركية جراء “اطلاق تنظيم +بي واي دي+ و+بي كا كا” قذيفتين صاروخيتين من منطقة عفرين، في اشارة الى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعتبره أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني، وتخشى أنقرة من اقامة الأكراد الذين يسيطرون على مساحات واسعة في شمال وشمال شرق سوريا، حكماً ذاتياً على حدودها على غرار كردستان العراق، ويكرر مسؤولون أتراك تأكيدهم استمرار الهجوم على عفرين حتى تحقيق أهدافه في وقت تدعو الاحزاب الكردية المجتمع الدولي والقوات السورية الى “ممارسة الضغط بكل الوسائل المتاحة” لوقف الهجوم التركي.

وقال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في تصريحات ضمن مقال نشرته صحيفة “لو فيغارو” على موقعها الالكتروني الأربعاء “اذا اتضح ان هذه العملية ستتخذ منحى آخر بخلاف التصدي لتهديد ارهابي محتمل على الحدود التركية، وتبين انها اجتياح عندها ستكون لدينا مشكلة فعلية معها”، وردا على هذه التصريحات، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم ان “هذه الفكرة مغلوطة من الاساس” مؤكدا ان بلاده لا تتصرف “البتة ضمن منطق الاجتياح”، وأعربت فرنسا ودول عدة بينها ألمانيا وكذلك الاتحاد الأوروبي عن قلقها ازاء التدخل التركي الذي يزيد من تعقيد الحرب السورية المتعددة الأطراف، فيما دعت واشنطن الى “ضبط النفس”.مواجهات عنيفة بمنطقة عفرين في شمال سوريا واستمرار نزوح المدنيين