لندن ـ سليم كرم
تعرّضت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، للإهانة من قبّل جميع زعماء الاتحاد الأوروبي الـ27 في سالزبورغ , حيث رفضوا خطة تشيكرز الخاصة بها لأنها غير قابلة للتطبيق.
ماكرون يُغضب ماي
وغادرت رئيسة الوزراء غاضبة بعد أن قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن بريطانيا قد بيعت للجمهور البريطاني من قبل "الكذابون" وأنه يجب على ماي أن تصوغ "مقترحات جديدة" إذا أرادت إنقاذ الصفقة.
وذهبت ماي إلى النمسا وهي تتوقع استقبالها بكلمات تشجيع حارة من زملائها القادة، ولكن بدلًا من ذلك قال دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، إن الأجزاء الرئيسية من خطة تشيكرز "لن تنجح"، في تقييم قاس لاقتراح ماي.
وبدا أن رفضه لتشيكرز, أدى إلى إثارة غضب رئيسة الوزراء، التي واجهت وسائل الإعلام بعد أقل من 10 دقائق من الاجتماع، وقالت "لا ينبغي لأحد أن يشك في أي شيء، كما قلت دائمًا، نحن نستعد إلى عدم التوصّل إلى اتفاق، حتى إذا وصلنا إلى الموقف الذي يتعذر معه التوصل إلى اتفاق، يمكن للشعب البريطاني أن يكون واثقًا من أننا سنفعل ما هو ضروري لضمان نجاحنا في مغادرة الاتحاد الأوروبي ".
وأشار داونينغ ستريت أن ماي قد تقدّم تنازلات بشأن الضوابط التنظيمية للسلع التي تعبر البحر الأيرلندي في خطوة من المرجّح أن يصفها منتقدوها بأنها متناقضة.
حزب المحافظين على خلاف
ويأتي ذلك قبل ما يبدو أنه مؤتمر حزب محافظ والذي يتسم بالأضطراب، حيث ستواجه ماي ضغوطًا شديدة من جانب الراغبين في مغادرة أوروبا، للتخلي عن تشكيرز لصالح اتفاقية التجارة الحرة على النمط الكندي "FTA" مع الاتحاد الأوروبي.
ويمكن لرئاسة الوزراء أن تتعرّض للتهديد إذا ما كان النواب الذين فقدوا ثقتهم في قدرتها على تسليم عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فربما يقرروا أن الطريقة الوحيدة لتغيير الاتجاه هو تغيير رئيسة الوزراء.
وأعطيت ماي 10 دقائق فقط لإقناع الزعماء الـ 27 الآخرين بمزاياها خلال حفلة عشاء الأربعاء، لكن جهودها لم تلق آذانا صاغية لأنها أُجبرت على الاستماع إلى ماكرون والآخرين يصطفون له .
وقال ماكرون إنه كان هناك "إجماع" بين دول الاتحاد الأوروبي بأن مقترحات المملكة المتحدة "غير مقبولة" في شكلها الحالي.
وكان في هجوم استهدف بوضوح بوريس جونسون وزعماء حملة مغادرة الاتحاد، مضى قائلًا "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو اختيار الشعب البريطاني وهو خيار دفعه بعض الأشخاص الذين توقعوا حلولًا سهلة، لقد أظهر لنا خروج بريطانيا أمرًا واحدًا , أولئك الذين قالوا أنه بإمكانك فعلها بسهولة من دون أوروبا، بحيث تسير الأمور كلها على ما يرام، وهذا أمر سهل، وسيكون هناك الكثير من الأموال، هم كذابون، هذا صحيح أكثر لأنهم غادروا في اليوم التالي، لذلك لم يتمكنوا من إدارة ذلك".
قمة جديدة ولكن بشروط
وقال تاسك، الذي تحدّث بصراحة عن خطة ماي "الجميع يشاطرون الرأي القائل بأنه في حين أن هناك عناصر إيجابية في اقتراح تشيكرز، فإن الإطار المقترح للتعاون الاقتصادي لن ينجح، فأقلها لأنها تقوض السوق الموحدة".
وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن هناك حاجة إلى "إحراز تقدّم كبير" في الأسابيع المقبلة.
وسيطر ماكرون على جدول الأعمال بإصراره على سحب تاسك الإعلان عن قمة أوروبية ,بخاصة في نوفمبر/ تشرين الثاني، لبحث التفاصيل النهائية لصفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبدلًا من ذلك، قال إن الاجتماع الدوري لزعماء الاتحاد الأوروبي في 18 أكتوبر/ تشرين الأول سيكون "لحظة الحقيقة".
وقال إن قمة أخرى ستعقد في نوفمبر / تشرين الثاني فقط إذا تم تحقيق "أقصى تقدّم" بحلول أكتوبر/ تشرين الأول.
ماي تصر على موقفها
واستجابت ماي للطعن في أن الاتحاد الأوروبي يأتي ببدائل قابلة للتطبيق من أجل اتفاق تشيكرز لأنها أوضحت أنه لا يوجد اتفاق بين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وخطوة أخرى.
وقالت "لقد أثيرت مخاوف, أريد أن أعرف ما هي تلك المخاوف, فيما يتعلق بالشراكة الاقتصادية، لا يوجد حل من شأنه أن يحل حدود أيرلندا الشمالية التي لا تستند إلى حركة البضائع من دون احتكاك"، مضيفة "لا تزال ورقتنا البيضاء هو الاقتراح الجاد والموثوق به الوحيد على الطاولة لتحقيق هذا الهدف".
وأصرت ماي على أنها ستلتزم باتفاقها، قائلة إنها كانت تتوقع دائمًا أن "تكون المفاوضات صعبة وستستخدم التكتيكات".
وقالت إن المملكة المتحدة ستتقدم قريبًا بمقترحات جديدة بشأن ما يطلق عليه ترتيبات "الدعم" لأيرلندا الشمالية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن المقاطعة، وسوف تتألف من تحسين الضوابط التنظيمية، ولكن ليس الجمارك، للبضائع التي تعبر البحر الأيرلندي. كما أن بعض السلع، بما في ذلك المنتجات الزراعية، تخضع بالفعل لمثل هذه الإجراءات.
ودعا سيباستيان كورز، مستشار النمسا، الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، إلى اتباع نهج أكثر ليونة، وقال "أعتقد أنه من المهم أن يتحرك الجانبان تجاه بعضهما البعض، ويجب علينا تجنب الخروج الصعب لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
جزب المحافظين غاضب
وأكّد جاك ريج موغ، عضو حزب المحافظين المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أن تاسك عزز الاعتراضات على خطة تشيكر التي حددها كبير المفاوضين بالاتحاد الأوروبي ميشيل بارنييه.
وقال "الجميع توقعوا أن يكون هناك بعض التخفيف في خط بارنيير، وهذا لم يحدث، لقد أصبح أكثر صلابة، أعتقد أن تشيكرز ليس لديها أي مؤيدين على الإطلاق، أشك في أن داوننغ ستريت أصبح يدعم خطة تشيكرز ,ولكن أعتقد أن الوقت قد حان للسيدة ماي أن تقول" هذا لن ينجح".
وأشار ستيف بريكر، وزير الخروج البريطاني السابق "أن الحل الوسط الصحيح ليس تشيكرز، وهو أمر يزعج الجميع, والفهم الصحيح للأرضية المشتركة هو أن الجميع يفضّلون فكرة اتفاقية التجارة الحرة المتقدمة في الخروج من دون أي شيء متفق عليه".
ويستعد مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لاختطاف بداية المؤتمر في برمنجهام من خلال عقد مسيرة "تشاك تشيكرز" بالقرب من المقر الرئيسي في علامة على مدى انقسام الحزب على خطة ماي.
استفتاء جديد
و اقترح زعماء الجمهورية التشيكية ومالطا إجراء استفتاء ثان لإعطاء الشعب البريطاني فرصة لإعادة التفكير في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس الوزراء المالطي جوزيف مسكت إن هناك تأييدًا "شبه إجماع" بين زعماء الاتحاد الأوروبي لبريطانيا لإجراء تصويت ثان.
و أكّدت ماي مجددًا موقفها قائلة "سنغادر الاتحاد الأوروبي، وسنغادر في 29 مارس/ آذار 2019 ولن يكون هناك استفتاء ثان"