القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تقريرًا حول زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لفلسطين، فلفتت الى أن الملك عبد الله لم يزُر رام الله منذ عام 2012، الا انه في زيارة سريعة ونادرة الى المدينة، أمس الأول الإثنين، أرسل الملك الأردني رسالة إلى عدة جهات في نفس الوقت، حسب ما قاله السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر اسحاق ليفانون، الذي كان قبل أن يشغل منصب سفير لاسرائيل لدى مصر في الفترة من 2009 إلى 2011، تعامل لسنوات مع قضايا العالم العربي بمختلف أشكالها داخل وزارة الخارجية. وهذه الجهات تضم إسرائيل ودائرة الملك المحلية في الأردن، والسلطة الفلسطينية، وأيضاً حركة "حماس".
وأشار ليفانون إلى أن الملك عبد الله ليس زائراً متكرراً لإسرائيل أو السلطة الفلسطيينة. وكانت هذه هي الزيارة الأولى التي قام بها الملك إلى رام الله منذ عام 2012، وهي الزيارة السادسة فقط منذ 17 عاماً. وقد زار إسرائيل مرتين فقط خلال نفس الفترة، حيث كانت الأولى في إبريل/نيسان من العام 2000، والثانية كانت زيارة سرية لمزرعة رئيس الوزراء آنذاك آرئيل شارون عام 2004
وبما أن زيارات الملك عبد الله إلى المنطقة نادرة جداً، فقد ذهب إلى رام الله وليس الى إسرائيل، في تصرف يظهر أنه وفي ظل الأحداث التي حدثت في المسجد الأقصى، والحادث الذي وقع في السفارة الإسرائيلية في الأردن، فإنه "ليس وقتاً مناسباً لزيارة إسرائيل". ويبدو أن الملك عبد الله تصرف كما يتصرف شخص يحصل على دعوتي عشاء، لكنه لا يقبل سوى واحدة، تاركاً الطرف الآخر عمداً.
وقال ليفانون: "الملك الأردني لا يأتي دائماً لنقول أنه لم يزر إسرائيل هذه المرة فقط، والملك يقول: "أنا ذاهب إلى أبو مازن رئيس السلطة الفلسطيينة بشكل واضح، وإن هذه الزيارة مرتبطة بالتوتر الذي كان حاصلاً خلال الشهر الماضي حول المسجد الأقصى". وأضاف "لم يكن هناك سبب يدعوه إلى الذهاب الى رام الله الآن، والرسالة هي أنه يدعم السلطة الفلسطينية ويدعم أبا مازن والقرارات التي اتخذها خلال الأزمة". وكان من المهم أن ترسل هذه الرسالة إلى الفلسطينيين الذين أغضبهم قرار الإفراج عن حارس أمن السفارة الإسرائيلية الذي تعرض لهجوم بمفك وقتل كل من المهاجم وشخصاً آخراً في مكان الحادث.
وبحسب ليفانون، فقد كانت هناك أيضاً رسالة واضحة إلى "حماس" بأنَّ الملك عبد الله يقف بجانب السلطة الفلسطينية في المعركة الدائرة بين "حماس" من جهة والسلطة الفلسطينية وحركة فتح مع جهة أخرى.
ويقول ليفانون "ذهب الملك إلى رام الله في الوقت الذي يعرف فيه أن المصريين على اتصال مع المنشق عن "فتح" محمد دحلان، في حين أن أبا مازن يتخذ خطوات لوقف إمدادات الكهرباء إلى غزة، فضلاً عن وقف دفع الرواتب هناك". وقال أن هذا التناقض الواضح في جانب منافسات حركتي "فتح" و"حماس" المريرة هو أيضاً رسالة موجهة إلى جمهور الملك عبد الله المحلي أيضاً". وأضاف أن رسالة أخرى هدفت إلى تعزيز الترتيبات الكاملة على المسجد الأٌقصى حيث يتحمل الأردنيون المسؤولية الكاملة عن الموقع كوصي عليه كما هو منصوص عليه في اتفاق السلام مع إسرائيل. ولكن الإدارة اليومية للموقع تقع في أيدي الأوقاف الإسلامية التي يتم تعيين أعضائها والدفع لها من قبل السلطة الفلسطينية.
وأشار السفير الاسرائيلي الى أن الملك عبد الله قال إنه يريد التأكد من أنه على الرغم من أحداث الشهر الماضي إلا أن الوضع لم يتغير. في حين أن هذا الترتيب مقبول من قبل عباس والسلطة الفلسطينية، إلا أن "حماس" تريد أن ترى الفلسطينيين يسيطرون على الموقع دون أي مشاركة أردنية. وأضاف أيضاً أن زيارة عبد الله مهمة لإعادة عباس إلى الصورة المتعلقة بالمسجد الأقصى، وأوضح أن أبا مازن قد تم تهميشه إلى حد كبير خلال الأزمة.
ولفت إلى أنه "لم يتجه أحد إلى أبي مازن" مضيفاً أن اللاعبين الرئيسيين كانوا إسرائيل والأردن وأميركا ومصر والسعوديون، وإلى حد ما تركيا. وبزيارته إلى رام الله، أعاد العاهل الاردني الرئيس الفلسطيني إلى اللعبة. ووفقاً لليفانون، كانت زيارة عبد الله بمثابة زيارة إلى "الأخ الأكبر" الذي يقدم الدعم لأخ أصغر منه. ولسان حال الملك يقول: "يا أخي، أنا معك هنا، لا تقلق"، وكان ذلك بمثابة تشجيع لعباس لإظهار أن الأردن معه.