المبعوث الخاص للأمين العام غسان سلامة

حذر ديبلوماسي في مجلس الأمن من "كارثة" يمكن أن تحلّ بليبيا ما لم تضع الأطراف الليبية المختلفة مصالح البلاد فوق مصالحها الفردية والفئوية، وما لم تتحل بالمرونة الكافية لتعديل الاتفاق السياسي استجابة لجهود رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل)، المبعوث الخاص للأمين العام غسان سلامة، وخريطة الطريق التي وضعها في بداية مهمته بدعم دولي واسع.

ومع الإحاطة التي قدمها المبعوث الدولي أمس إلى أعضاء مجلس الأمن، قال الديبلوماسي، الذي طلب عدم نشر اسمه، لـ"الشرق الأوسط"، إن "سلامة لا يزال يظهر قيادة استثنائية. ونحن نواصل دعمنا الكامل له"، مضيفا أن "هناك عناصر في ليبيا تضع مصالحها الخاصة فوق مصالح البلاد". وإذ أشار إلى "صعوبة التفاوض" على تعديل اتفاق السلام الليبي "بما يسمح بإصلاح الدستور وإجراء انتخابات"، حض الديبلوماسي الزعماء السياسيين الليبيين على "الانخراط بصورة بناءة" في العملية السياسية، محذرا من أن "الصدامات الأخيرة، بما فيها ما شهده مطار معيتيقة، تهدد المدنيين"، واعتبر أنها "تذكير بأنه ينبغي ألا نفترض على الإطلاق أننا تجاوزنا مرحلة العنف". كما طالب الديبلوماسي في مجلس الأمن بـ"محاسبة الذين يرتكبون تلك الانتهاكات"، موضحا أن "التعقيدات الموجودة تتعلق بالعلاقات بين الشرق والغرب والعسكر". وعبر في المقابل عن اعتقاده أن "البعض يلائمه شخصيا الوضع القائم، وهذا ما قد يؤدي إلى كارثة في البلاد".

من جهته، وفي إحاطته إلى أعضاء مجلس الأمن، أفاد سلامة بأن الأمم المتحدة تواصل تعزيز وجودها في ليبيا، وقال بهذا الخصوص إن "فهم البلاد هو وحده الذي يمكننا من النجاح في تنفيذ خطة العمل لليبيا، ومساعدة مواطنيها على وضع حد لعملية انتقالية طالت"، داعيا إلى "البقاء متيقظين"، لأن "شبح العنف لا يزال حاضراً"، وموضحا أن "القوى العسكرية تستعرض عضلاتها في العديد من الأماكن في البلاد"، وأعطى بهذا الخصوص أمثلة عن اشتباكات تحصل عند الحدود مع تونس وشرق طرابلس، وتوترات في درنة، مشيرا إلى "خطورة" التقارير التي ظهرت أخيرا عن "شحنة كبيرة من المتفجرات اقتفاها خفر السواحل اليوناني".

وشدد الديبلوماسي على أن "(الستاتيكو) الهش لا يمكن أن يستمر"، مضيفا أن "ليبيا تحتاج إلى حكومة قادرة وفاعلة". وأكد أن "تعديل الاتفاق السياسي الليبي برأينا هو الوسيلة الأنسب لتحقيق هذه الغاية"، كاشفا عن أن مفاوضات لجنة التعديل المشتركة "صقلت الإجماع على التعديلات الواجبة لتشكيل السلطة التنفيذية". واعتبر أن التوصل إلى اتفاق بات "في المتناول".

ورأى المسؤول ذاته أنه "بمجرد أن تصل مسارات المصالحة إلى المستوى المطلوب يمكن أن نتحرك صوب عقد الملتقى الوطني، حيث يمكن لكل الليبيين أن يجتمعوا ويتوافقوا على رؤية مشتركة وإطار موحد من أجل ليبيا". وطالب بضم "أبناء الجماعات المهمشة إلى العملية السياسية، كشركاء متساوين ومقبولين"، مبرزا أن نحو "600 ألف ليبي سجلوا حديثا للانتخابات، ليتجاوز السجل الانتخابي بذلك مليوني ناخب وناخبة".

كشف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، أمس، عن اعتزامه إجراء تغيير وزاري على تشكيلة حكومته، بينما تحدثت مصادر محلية عن مخاوف من اندلاع اشتباكات جديدة بين الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس. وقال مصدر مطلع في طرابلس لـ"الشرق الأوسط" إنه تم رصد تحشييد عسكري من ميليشيات، كان فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني قرر حلها مؤخراً، بعدما اتهمها بالتورط في الهجوم العنيف، الذي تعرض له مطار معيتيقة وسجن قريب منه، الاثنين الماضي.

وتابع المصدر، الذي طلب عدم تعريفه، موضحاً أن "كتيبة 33 مشاة"، التي يقودها بشير خلف الله، المكنى بـ"البقرة": "تقوم بحشد عناصرها، وثمة توقعات بمعارك عنيفة"، مشيراً إلى أنها "تحاول الانتقام لهزيمتها في المعارك، التي خاضتها مؤخراً في شوارع طرابلس ضد قوات الردع الخاصة التابعة لحكومة السراج".

وتبادل سكان محليون وناشطون نصائح عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بتفادي المرور باتجاه جزيرة دوران معيتيقة، من جهة سوق الجمعة، مشيرين إلى أنه تم إقامة سواتر ترابية تحسباً لهجوم متوقع من قبل عناصر ميليشيات "البقرة".

في غضون ذلك، قال المجلس الرئاسي في بيان أمس، إنه بحث في اجتماع عقده بمقره في طرابلس، إجراء تعديل وزاري مع توسعة للحكومة في أقرب وقت ممكن وبدء المشاورات اللازمة، موضحاً أنه ناقش أيضاً الوضع الأمني والأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتجهيز للترتيبات المالية للعام الحالي، إضافة إلى الإجراءات المتخذة لتحسين أداء قطاع الخدمات.

من جهة ثانية، تقدم أبو بكر الفورتية، رئيس مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية الأفريقية، باستقالته من منصبه على الهواء، عبر قناة تلفزيونية محلية، محملاً حكومة السراج مسؤولية ما وقع في مطار معيتيقة، ومتهماً الميليشيات التي هاجمت المطار بالتبعية لهذه الحكومة. وبعدما أكد إصابة أربع طائرات تابعة للشركة، لفت الفورتية إلى أن وجود التشكيلات العسكرية داخل المطار دائماً ما يسفر عن هذه النتائج، قبل أن يوضح أن ما وصفه بـ"الإدارة الموازية" جلبت كل الطائرات إلى مطار معيتيقة، بدلاً توزيعها على عدد من المطارات الليبية.

إلى ذلك، أعلن أنطونيو تاياني، رئيس البرلمان الأوروبي، إرجاء زيارة كانت مبرمجة لوفد من البرلمان إلى ليبيا لأسباب أمنية، وقال في تصريحات نقلتها وكالة "أكي" الإيطالية: إنه "يجب أن تنطلق البعثة البرلمانية الأوروبية إلى ليبيا، لقد واجهتنا مشكلة أمنية، وكان علينا إرجاء مهمة البرلمانيين الأوروبيين لمسائل تتعلق بالأمن، لكننا نواصل مراقبة احترام حقوق الإنسان، وهي أداة أساسية للحد من ظاهرة الهجرة".

ورأى تاياني، أنه يتعين على "أوروبا مواجهة المشكلة في أفريقيا باستثمارات كبيرة"، لافتاً إلى أن "قضية الهجرة تعني أوروبا بأسرها". وكان البرلمان الأوروبي يعتزم إرسال وفده إلى ليبيا خلال الشهر الماضي بهدف "الوقوف على الوضع في البلاد، وعلى وجه الخصوص احترام الحقوق الأساسية". وعلى صعيد متصل، قال خفر السواحل الإيطالي، إنه أنقذ نحو 1400 مهاجر من قوارب مكتظة قبالة ساحل ليبيا، أول من أمس، بينما تم انتشال جثتين.

وأفاد بيان بأن "سفناً تابعة لخفر السواحل الإيطالي وشرطة مالي وعملية الاتحاد الأوروبي لمكافحة التهريب، المعروفة باسم صوفيا، وسفناً تديرها جماعات إنسانية شاركت في 11 عملية إنقاذ". وقالت وزارة الداخلية الإيطالية، قبل عمليات الإنقاذ: "إن 974 مهاجراً وصلوا إيطاليا عبر البحر حتى الآن هذا العام، مقارنة مع نحو 2393 خلال الفترة ذاتها من العام الماضي".

ورغم أن مئات الآلاف من المهاجرين وصلوا أوروبا عن طريق إيطاليا بعد أن انطلقوا في قوارب من شمال أفريقيا على مدى الأعوام الأربعة الماضية، فإنه من غير المعتاد إنقاذ هذا العدد في يوم واحد خلال الشتاء عندما تكون البحار هائجة. إلى ذلك، وبينما بدأ مجلس النواب الإيطالي نقاشاً قبل التصويت على تعزيز تواجد إيطاليا العسكري في ليبيا، وإرسال بعثة عسكرية إيطالية إلى النيجر، قالت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتي، إن بلادها اتخذت التدابير الأمنية اللازمة لحماية رعاياها في ليبيا، بعد الاشتباكات التي اندلعت في قاعدة مطار معيتيقة الدولي بطرابلس.

وكشفت بينوتي في كلمتها أمام البرلمان الإيطالي عن وضع القوات التي تؤمن السفارة الإيطالية في طرابلس في حالة تأهب لحماية المسؤولين الإيطاليين بالسفارة. وأعلن مجلس النواب في بيان، أمس، أن نقاشاً بدأ لبحث مرسوم رئيس الحكومة الإيطالية بشأن مشاركة بلاده في البعثات العسكرية الدولية للعام الحالي، والتي تشمل إرسال وحدة عسكرية إلى النيجر.

وتحتفظ إيطاليا حالياً بأكثر من مائة جندي يتولون حراسة وتأمين مستشفى عسكري في مدينة مصراتة بغرب ليبيا، يتكون طاقمه الطبي من نحو مائتي شخص. وعسكرياً، أعلن الجيش الوطني الليبي عن وصول ستة جثامين لقتلى من "الكتيبة 106" إلى مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، إثر اشتباكات دارت ضد من وصفهم بالعصابات الإجرامية المسلحة في الصحراء جنوب منطقة جغبوب (بحر الرمال) خلال عملية تمشيط ودوريات للكتيبة. وقالت وكالة "الأنباء الليبية" الموالية للجيش: إن الكتيبة 106 فقدت 6 من أفرادها، في حين قتل 7 من أفراد العصابات، مشيرة إلى أن وحدات عسكرية من قوات الجيش انضمت للكتيبة خلال هذه الاشتباكات.