سعد الحريري و الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

وصل رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل، سعد الحريري، إلى فرنسا صباح السبت، بعد أسبوعين من تواجده في السعودية، وهو الأمر الغامض الذي أثار تكهنات باحتجازه هناك، حيث لم يشرح أسباب بقائه في المملكة، وقد استقبله الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في قصر الإليزيه؛ لتناول الغذاء، حيث أكد عودته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، خلال أسبوع.
 
وقال مكتب الرئيس الفرنسي، إن الاجتماع مع ماكرون جاء بعد ساعات من اتصال بينه والرئيس اللبناني ميشال عون، الذي شكر نظيره الفرنسي على التصرفات الفرنسية التي تصب في صالح لبنان، وأكد أن الحريري سيتواجد في بيروت في عطلة عيد الاستقلال، يوم الأربعاء.
 
من جانبه، كشف الحريري في تصريحات لوسائل الإعلام، أنه سوف يعلن عن موقفه من الأزمة في البلاد بعد إجراء محادثات مع عون، مضيفًا "كما تعلمون، استقلت، وسوف نتحدث عن هذا الأمر هناك"، في إشارة إلى لبنان، قبل مغادرته قصر الإليزيه بعد اجتماع استمر 30 دقيقة مع ماكرون، قبل أن يتناول الطعام مع وزوجته وابنهما الأكبر.
 
وذكر مكتب الحريري في وقت سابق السبت، أن زوجته لارا وابنه حسام سيحضران الغداء في قصر الإليزيه على شرف رئيس الوزراء اللبناني، وقد رافقته زوجته على متن طائرة من المملكة العربية السعودية، وقيل إن ابنه أتى من بريطانيا، ولم يظهر الطفلان الصغيران للحريري، في اللقطات التيلفزيونية عند وصوله، حيث التحق كليهما بالمدرسة في السعودية، ولكن غيابهما كان عقبة أمام إنهاء المخاوف بأنه لم يتصرف بحرية، فقد ترك مجالًا للمضاربة بأن السعوديين قد ضغطوا عليه لتركهم في البلاد لممارسة النفوذ عليه.
 
وكان قد أعلن الحريري، في 4 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري، من الرياض عاصمة السعودية، أنه يتنحى عن منصبه كرئيس للوزراء في لبنان، لكن المسؤولين في لبنان قالوا إن رحيله لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد استقالته من منصبه في بيروت، إذ أن رحلة الحريري غير المتوقعة واستقالته لن تساهم في استقرار منطقة الشرق الأوسط، حيث بوادر أزمة سياسية في لبنان، وأثار مخاوف من الحرب، وكان ينظر إلى السعودية على أنها تضغط عليه للاستقالة كجزء من التصعيد الإقليمي مع إيران وجهودها لعزل حزب الله، والذي يشكل جزءً من حكومة الحريري.
وتدخل الدبلوماسون الأوروبيون في الأزمة، حيث تلعب فرنسا دور الوسيط، وقام ماكرون بزيارة مفاجأة إلى الرياض في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، وبعد أسبوع التقى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، الحريري في العاصمة السعودية، لما لفرنسا من علاقات قوية مع لبنان، حيث كانت أحد حكامها الاستعماريين.
 
ومن جانبها، أكدت ريما طرباي، مستشارة الشؤون الأوروبية للحريري في مقابلة هاتفية "إنها مناسبة لفرنسا لإظهار أنها يمكن أن تكون وسيطًا ولها دور في أزمة الشرق الأوسط"، لكنها أضافت أن الأزمة تجاوزت الاستقالة التي أعلن عنها الحريري، ما أدى إلى غرق الوضع السياسي في لبنان في حالة من عدم اليقين، متابعة "نحن نواجه وضعًا معقدًا جدًا، لا يرتبط على وجه التحديد بمسألة سعد الشخصية، ولكن فيما يتعلق بما سيحدث بعد ذلك، ما أثار مخاوف بشأن احتمال عودة العنف في المنطقة، والحرب بين السعودية وإيران".

وأوضح ماكرون في مؤتمر قمة الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، للصحافيين، أن فرنسا لا تريد أن تختار جانبًا في الشرق الأوسط، مضيفًا أن "دور فرنسا هو التحدث إلى الجميع" إلا أنه حث إيران على مواصلة " استراتيجية إقليمية أقل عدوانية"، والتقى الحريري يوم السبت في مقر إقامته في فرنسا مع اثنين من أقرب مستشاريه، هما وزير الداخلية نهاد مشنوك، ونادر الحريري أحد كبار مساعديه،  حيث لم يكن على اتصال معهم أثناء وجوده في السعودية.
 
ووصل الحريري إلى السعودية بعد حملة الاعتقالات التي نفذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في حق بعض الأمراء بتهمة الفساد، وكذلك في الوقت الذي اتهمت فيه الرياض المتمردين في اليمن بإطلاق صاروخ على الرياض، ولم يكن واضحًا ما إذا كانت رحلة الحريري مرتبطة بهذه الأحداث، وفي لبنان لا تزال الأمور غير واضحة بشأن استقالة الحريري، ولكن بغض النظر عن الخطوات المقبلة، سيبقى الحريري في المملكة، حيث تربطه علاقات قوية بالرياض، ولكن إجبار السعودية له على اتخاذ نهجًا أكثر تصادمية مع إيران وحزب الله يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، وربما ينتهي الأمر برئاسة الحريري لحكومة انتقالية قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في العام المقبل.
 
وفي السابق، وصل السيد الحريري إلى الأردن كملاذ آمن، وقال المسؤول إن الطلب رفض، لأن السعوديين ضغطوا على الأردن لعدم قبوله.