وسائل الاعلام الاجتماعية تظهر على اليسار المقاتل البريطاني شباز سليمان

وثق أحد مقاتلي تنظيم "داعش" المتطرف، الشاب شاباز سليمان، 21 عامًا، من إمكانية عبوره من سورية إلى تركيا، بعد إجراء بعض التعديلات على مظهره لإخفاء من يكون، حيث تغيير الملابس والهاتف وإمساكه بمصباح يدوي، ودفع سليمان الأموال إلى الأشخاص المناسبين، نحو ألف دولار أميركي إلى مهرّب حتى يتمكّن من عبور الحدود، و3 آلاف دولار للحصول على هوية سورية مزورة، ولكن بعد رشوة الحراس في الحاجز الأول على طول الطريق من الرقة، سقط في الحاجز الثالث بسبب لغته العربية الثقيلة.

وأوضح سليمان من سجن بلدة جرابلس الحدودية، أنّه "حاولت المغادرة عدة مرات خلال الفترة التي كنت فيها مع "داعش"، ولكني كنت أعرف أن أفضل فرصة ستحل حين يصبح القتال سيئًا للغاية، وكان الأمر نزوحا جماعيا، كنت أعرف أن علي الخروج والعودة إلى بريطانيا، ولكنني لم أفكر حقا في الخطة"، ويبحث الآلاف من مقاتلي "داعش" عن مخرج، في الوقت الذي ينهار فيه التنظيم المتطرف في سورية والعراق، بينما تستعد الحكومات الأجنبية لهؤلاء العائدين.

ويجد حراس سليمان في السجن صعوبة في تصديق أن رجلًا بريطانيًا صغيرًا لديهم، كان عضوا في المجموعة المتطرفة الأكثر تخويفا في العالم، فقد حصل سليمان على تربية مميزة، وتخرج من المدرسة الملكية في باكنغهامشاير، بتقديرات جيدة، ولكن بدلا من البقاء في الجامعة مثل والديه اللذان غادرا باكستان بحثًا عن حياة أفضل، قرر سليمان مغادرة بريطانيا متوجها إلى سورية في صيف 2014، وقال إنه كان يريد مساعدة الجماعات التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد، وتعرض لعملية غسيل دماغ من قبل الجهاديين المسؤولين عن حملة الدعاية لأقناع الشباب الصغار بالالتحاق بصفوف "داعش"، وبعد تلقيه تدريبات على الأسلحة، قال إنه ارسل لمحاربة الجماعات الكردية بالقرب من الحدود العراقية، وكان جنديا احتياطيا ولم يطلق النار أبدا على أحد.

وشعر سليمان بخيبة أمل مع تنظيم "داعش"، بعد 5 أشهر من الالتحاق به، وحين عاد من خط المواجهة طلب الابتعاد عن منصبه، ولكنه تعرض للتعذيب، وبعدها أخده أعضاء التنظيم ليعمل في الشرطة العسكرية، وهو فرع أنشأه "داعش" للحفاظ على النظام العام، وقبل أسابيع من تعرض مدينة الرقة لهجوم من القوات السورية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في حزيران/ يونيو الماضي، وجهت أوامر سليمان وغيره بالانسحاب من أراضيهم في محافظة دير الزور من الشرق.

ويعتقد سليمان إن "داعش" تخلت عنه، وقد كانت بداية النهاية والكل يعرف ما قامت به "داعش"، مؤكدا أن معظم البريطانيين الآخرين لقوا حتفهم، وبعد أوامر الهروب، التقى سليمان عائلة سورية في أحد المطاعم، وأقنعهم بانه لم يعد يريد القتال في صفوف الجماعة المتطرفة، وبدأوا يساعدوه في وضع خطة للهرب، وبالفعل اتفقوا مع أحد المهربين لتهريب سليمان بعد حلول الظلام في 11 تشرين الأول/ أكتوبر.
وتمكن سليمان من اجتياز حاجزين أمنيين على طول طريق الطبقة ومنبج، واللتان احتلتهما "داعش"، ودفع رشاوى صغيرة ليعبر، ولكن عند اقترابه من المعبر جنوب جرابلس قبل العبور إلى الحدود التركية، أدرك حراس الجيش الحر أنه مقاتل أجنبي واعتقلوه على الفور، وقال عمر العبد من اللواء الشمالي والذي يحتجز سليمان إنه اعتقل سليمان ومقتلين أجانب آخرين من بينهم فرنسي ودنماركي، وما كشفه أن لكنته العربية ثقيل، ولم يكذب حين سألته القوات عن هويته، وقال إنه كان مع "داعش" ولكنه لم يقاتل.

ويؤكد المهربون أن عمليات التهريب زادت بعد دخول القوات الكردية إلى الرقة في حزيران/ يونيو، وقد ساعدوا العشرات في العبور إلى تركيا، باستخدام عناصر من الداخل والخارج، ولكن هذه الرحلة تكلفتها مرتفعة، كما يعتمد سعرها على جنسية الشخص المهرب، فالمقاتلين السوريين يدفعون من 2 إلى 3 آلاف دولار، بينما الأجانب من 5 إلى 10 آلاف دولار بسبب المخاطر الإضافية، أما الأطفال بنصف السعر.

وقال أحد المهربين الذي رفض الكشف عن هويته إن "داعش" كان يسيطر على الرقة، وكان لديه أصدقاء مدنيين يعيشون في هذه المنطقة، وكانوا يتعاونون معهم فيما يخص الراغبين في الهروب، حيث يضعونهم تحت المراقبة لعدة أيام للتأكد من ما إذا كانوا جادين أو لا، وحال التأكد، يعطونهم هويات سورية مزورة، ويرشون الحراس على طول الحدود، ليتمكنوا من الهرب، وقال مهرب آخر اسمه أبو خالد إنه أشرف على 5 عمليات ناجحة لفرنسي وأميركي وتركي وسوريان، ويؤكّد أبو خالد إنه ساعد امرأة شابة فرنسية مغربية من ليون وابنتها الصغيرة لتغادر الرقة في أبريل / نيسان، وسافرت عائلة سارة لامهاراش إلى مدينة غازي عنتاب في جنوب تركيا مع أبو خالد بمبلغ 10 آلاف دولار، وكان الزوج الجهادي الفرنسي البالغ من العمر 21 عامًا قد قتل قبل شهر ووجدت الزوجة فرصة للهروب.