مؤتمر ميونيخ للأمن

بدأ "مؤتمر ميونيخ للأمن" أعماله الجمعة، وسط تحذير من رئيسه فولفغانغ إيشينغر، من أن خلافات ونزاعات في العالم قد تؤدي إلى حروب، بما في ذلك بين الولايات المتحدة وروسيا، ويحضر الدورة الـ54 للمؤتمر هذا العام نحو 500 سياسي وعسكري وخبير، بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء من أكثر من 20 دولة ومؤسسة دولية، وستستغرق اجتماعات المؤتمر وجلساته واللقاءات في إطاره وعلى هامشه، ثلاثة أيام تنتهي الأحد، علمًا أن المشاركين سيناقشون ملفات في السياستين الخارجية والدفاعية والعلاقات الدولية. 

وقد يفتقر المؤتمر إلى ملف مركزي طاغ هذه السنة، لكن الواضح أن أحداث الشرق الأوسط ستفرض نفسها على أعماله، خصوصًا مع مشاركة وزيرَي الخارجية السعودي عادل الجبير والإيراني محمد جواد ظريف، كما يحضر رؤساء الوزراء البريطانية تيريزا ماي والعراقي حيدر العبادي والإسرائيلي بنيامين نتانياهو، إضافة إلى الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. 

ولفت إيشينغر إلى "توتر شديد متنامٍ في العلاقات الدولية والمناطقية بين دول"، ما يهدد بـ "اندلاع حروب جديدة"، وأضاف: "منذ أفول الاتحاد السوفيتي، لم نرَ تزايد خطر اندلاع مواجهات عسكرية بين الدول الكبرى، كما الآن"، وتابع أن انعدام الثقة بين القيادتين العسكريتين في موسكو وواشنطن "وصل إلى أدنى نقطة ممكنة"، محذّرًا من أن الأمر "قد يوصل البلدين إلى سوء فهم متبادل وإلى حسابات خاطئة يمكن أن تقود إلى نزاعات عسكرية"، وجزم بأن ذلك "هو أكبر مما يمكن أن يتذكر خطرًا يماثله خلال السنوات الثلاثين الماضية". 

ولفت إلى أن العالم أظهر قلقًا كبيرًا إزاء سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مستدركًا أن "هناك إشارات تفيد بأن الأمور هدأت الآن في واشنطن، بفضل قوى تشدد على الاستمرارية في نهج بلدها وباتت في موقع القرار"، لكنه أبدى قلقًا من نهج الولايات المتحدة للانسحاب من معالجة الشؤون السياسية الدولية، وتابع: "آمل بأن يساهم مؤتمر ميونيخ في بدء حوار آخر على الأقل، ليس بين موسكو وواشنطن فحسب، بل بين موسكو ودول أخرى ذات صلة، وأعتقد مثلًا أوكرانيا، ونقاط أخرى ساخنة في العالم، لذلك، لست بلا أمل، لكن علينا أن نكون واقعيين، لا يزال العالم سيئًا جدًا في هذا الوقت، من حيث الاستقرار العالمي"، وفي هذا الصدد عُلم أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر سيعرضان أمام المؤتمر، ملامح من السياسة الخارجية والدفاعية للولايات المتحدة. 

وأفادت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بأن وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا سيناقشون الأزمة الأوكرانية، علمًا أن "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" شكت أخيرًا من تزايد العمليات القتالية شرق البلاد، مشيرة إلى أن انتهاكات وقف النار بين القوات الحكومية والانفصاليين الموالين لموسكو زادت بنسبة 30 في المئة، في حين أعلنت الخارجية الروسية أن لافروف سيبحث خلال المؤتمر في الأزمة السورية والأوضاع في أوكرانيا والعلاقات مع الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، كما يشارك في اجتماع "مجلس رجال الأعمال الروسي– الألماني"، ويلقي كلمة عن "مستقبل العلاقات بين روسيا والاتحاد"، وأشارت الوزارة إلى أن اللقاءات الروسية ستتمحور حول "الأمن الأوروبي ومحاربة الإرهاب والوضع في الشرق الأوسط، إضافة إلى الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية". 

وعلى خلفية التوتر بين روسيا والاتحاد الأوروبي و"الأطلسي"، يلتقي لافروف الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، للمرة الأولى منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لمناقشة إمكان استئناف اجتماعات "مجلس روسيا– الأطلسي"، المجمّدة منذ اندلاع أزمة أوكرانيا وضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014، فيما أصدرت الخارجية الروسية بيانًا خاصًا عن اجتماع "مجلس رجال الأعمال الروسي– الألماني"، في حضور لافروف ونظيره الألماني زيغمار غابرييل، وأشار البيان إلى "ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين بنحو 22 في المئة عام 2017، وبلوغه 50 بليون دولار. 

واستبق لافروف مشاركته في المؤتمر بتأكيد أن موسكو منفتحة على استئناف "حوار مفيد" مع الاتحاد الأوروبي، من دون "تهديد وطلب توبة واعتذار"، وأكد أن موسكو لن تطالب برفع العقوبات الغربية المفروضة عليها، لافتًا إلى "أقلية عدوانية" في الغرب "تحاول تعطيل تطبيع العلاقات مع روسيا"، فيما رجّح المدير العام لـ "مركز التقديرات والتوقعات الاستراتيجية" في موسكو سيرغي غرينيايف أن تواجه روسيا حملة ضخمة في ميونيخ، إذ يُعقد المؤتمر في ظروف بالغة التعقيد في الشرق الأوسط والعالم. 

وقال إن روسيا "ستحاول تثبيت نجاحها في سورية، على أبواب انتخابات الرئاسة الشهر المقبل، وستُذكّر الغرب بخطاب شهير ألقاه الرئيس فلاديمير بوتين عام 2007، فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الغرب، وأسّس نهجًا دبلوماسيًا روسيًا قويًا"، وتوقّع أن "يواصل الغرب نشر أساطير عن روسيا الجديدة، واستغلال ذلك لمتابعة الضغط عليها، عبر لائحة الكرملين"، في إشارة إلى لائحة أميركية تضمّ مرشحين للعقوبات، تتضمّن جميع المسؤولين الروس في استثناء بوتين، وأغنى رجال الأعمال الروس على لائحة مجلة "فوربس".