لندن ـ سليم كرم
هدَّدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بمغادرة الاتحاد الأوروبي من دون صفقة تجارية، ما لم يتم الاتفاق على شروط ترتيبات المملكة المتحدة المستقبلية مع بروكسل في الصيف المقبل. وقالت إن وجود فترة التنفيذ، التي من المقرر أن تستمر نحو عامين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار 2019، هي أنه سيسمح لبريطانيا "بالانتقال إلى الشراكة المستقبلية".
واقترحت أنه إذا كانت المملكة المتحدة لا تعرف ما ستبدو عليه الشراكة المستقبلية بحلول نهاية عام 2018، فإن الحكومة يمكن أن تترك الكتلة دون صفقة انتقالية تستهدفها.
ويأتي تهديد السيدة ماي بعد أن اصبحت ضحية لتسريب محرج خلال عشاء خاص حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حينما كانت مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جونكر ونشر في تقرير في الصحافة الألمانية والذي زعم أن رئيس الوزراء "توسلت" اليه للمساعدة في الانسحاب من الكتلة. ويبدو أن السيدة ماي تقترب من نهج خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث أجابت على سؤال في مجلس العموم من إيان دنكان سميث، السكرتير السابق للعمل والمعاشات وقالت للنواب: "إن نقطة التنفيذ هي وضع التغييرات العملية اللازمة للانتقال إلى الشراكة المستقبلية. ومن أجل الحصول على ذلك عليك أن تعرف كيف ستبدو الشراكة المستقبلية.
واضافت ماي: "لقد أثيرت في مناقشاتي مع القادة الآخرين مسألة الجدول الزمني الذي لدينا. وقال مايكل بارنييه في أكتوبر 2018 "أنت تتحدث عن معرفة تفاصيل الصفقة التجارية بحلول الصيف المقبل. "ولكن من حقكم تماما أن يكون هناك حاجة إلى وقت للتصديق على أي ترتيبات مستقبلية من قبل برلمانات وطنية مختلفة. كما نعلم أنه يمكن أن يكون أكثر من واحد".
وقد أوضحت السيدة ماي موقفها بعد سؤال من إيفيت كوبر، رئيس لجنة اختيار الشؤون الداخلية، بعد أن تحدثت عن أعضاء البرلمان حول التقدم الذي أحرزه الاتحاد الأوروبي في اجتماع الاتحاد الأوروبي الذي عقد الأسبوع الماضي. وقالت: إن "فترة التنفيذ هي فترة تكيف مع العلاقة المستقبلية، هذا هو الأساس الذي سنتفاوض على اتفاق بشأنه ". وجاء تحذير السيدة ماي بعد أن أصر جونكر على أن "لا شيء صحيحًا" في التقرير المسرب الذي وصف رئيس الوزراء بأنه "معذبة" و "يائسة". وقال جونكر انه "فوجئ" بل وربما "صدم" من التقرير الذي رسم صورة قاتمة من العشاء الذي وقع خلال الأسبوعين الماضيين.
واتهم رئيس الأركان مارتن سلماير بتسريب تفاصيل العشاء من قبل رئيس هيئة الأركان السابق السيد مايك تيموثي. ورفض سلماير هذا الاتهام، وقال إن جونكر لا يستند إلى الحقيقة. وقال لـ"بي بي سي": اننى فوجئت بالفعل، بل صدمت، حول ما كتب فى الصحف الالمانية. وتقترح نايجل إيفانز، النائبة في حزب المحافظين الأوروبيين، أن الجبهة الأمامية لحزب العمل تتصرف مثل "أوليفر تويست في الاتجاه المعاكس" أثناء توجههم إلى بروكسل وكانهم يحملون وعاء مليء بالنقد لدافعي الضرائب ويقولون "من فضلك يا سيدي يمكن أن تقدم لنا المزيد؟".
وقال فيليب دافيز، النائب الرئيسي في البرلمان الأوروبي، إن المملكة المتحدة يجب أن تدفع لبروكسل وإنه ينبغي استخدام هذه الأموال لمنح العاملين في القطاع العام ارتفاعا في الأجور. وردت السيدة ماي: "من الواضح أننا سنحترم التزاماتنا". يطلب النائب المحافظ من السيدة ماي أن تضمن أن فترة التنفيذ التي تقترحها ستكون محدودة زمنيا. ويقول رئيس الوزراء إن عملية الانتقال ستستمر طالما كانت هناك حاجة لإجراء "تغييرات عملية" ضرورية حتى تتمكن المملكة المتحدة من الانتقال إلى ترتيباتها الدائمة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأكدت أن الانتقال سيستمر "نحو عامين"، وانه "من الضرورى للغاية ان يكون الوقت محدودا لاننا سنترك الاتحاد الاوروبي وسوف نتحرك نحو شراكة جديدة". وتساءلت أوين باترسون، وزيرة البيئة السابقة، عن تيريزا ماي إذا كان هناك "أي تحقيق على الإطلاق خلال مناقشاتها" في قمة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي "لتأثير عدم مناقشة ترتيبات التجارة الحرة". وسأل عما اذا كانت الدول الاوروبية تدرك انهم "سيخسرون اكثر بكثير اذا انتقلنا الى منظمة التجارة العالمية.
وتحث السيدة مورغان، وزيرة التعليم السابقة، رئيسة الوزراء "على عدم الاستماع إلى هؤلاء وتؤكد السيدة ماي ببساطة أن المفاوضات جارية.
وتساءل النائب العمالي ستيفن دوتي كم من المال الذي أنفقته الحكومة للتخطيط لسيناريو عدم وجود صفقة. وتكرر الإعراب عن الإعلان الذي أعلنته مؤخرا عندما قالت إن الخزانة كانت بها مبلغ 250 مليون جنيه استرليني لأغراض التخطيط. وتقول السيدة سوبري، النائبة في حزب المحافظين ، ان هناك رسالة موقعة من قبل شركات تحذر من "عواقب عدم التوصل إلى اتفاق"، وهي تحث السيدة ماي على "الاستماع إلى الشركات البريطانية" و "استبعاد أي اتفاق". ولكن السيدة ماي تقاوم إعطاء مثل هذا الضمان كما تقترح أنها جزء حاسم من استراتيجية التفاوض في المملكة المتحدة. وتشدد على أهمية فترة التنفيذ المقترحة من حيث حماية الشركات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكنها تضيف: "نحن في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي."
وتقول: "إن أفضل طريقة للحصول على صفقة سيئة للمملكة المتحدة هي القول بأننا سوف نقبل أي شيء يقدمونه لنا بغض النظر عن ذلك". وقال السيد ريدوود، النائب البارز في الاتحاد الأوروبي، إن "أفضل مسار" للشركات البريطانية هو "التحضير للانتقال السلس إلى شروط التجارة في منظمة التجارة العالمية" والتي يمكن للحكومة أن تضمنها "من جانب واحد".
وحول احتمال مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق، فإنه يحث السيدة ماي على "أن تأخذ ذلك على الطاولة وأن تفعل ذلك اليوم". لكن السيدة ماي تستجيب بقولها إن استمرار العضوية في السوق الواحدة "سيعني فعليا أننا سنبقى في الاتحاد الأوروبي وسنغادر في مارس 2019". وقالت السيدة ماي أن السيد كوربين يحب الحديث عن سيناريو عدم الاتفاق لأن موقف العمل غير واضح. وتقول: "أستطيع أن أفترض فقط أن حزب العمل يريد التحدث عن أي صفقة لأنهم ببساطة لا يعرفون نوع الصفقة التي يرغبون بها".
وترى ماي أن حزب "العمل" لا يمكنه أن يقرر ما إذا كان يؤيد استمرار الحركة الحرة، إذا أراد البقاء في السوق الواحدة أو إذا كان يريد البقاء في الاتحاد الجمركي.
"هذه ليست الطريقة للحصول على صفقة جيدة للمملكة المتحدة، وهذا هو الطريق للحصول على صفقة سيئة للمملكة المتحدة". وأشارت رئيسة الوزراء إلى أنها "طموحة وإيجابية بشأن مستقبل بريطانيا وهذه المفاوضات". وتقول انه من خلال "الجهد المشترك والسعي" والنهج "البناء" للمحادثات، فإن المملكة المتحدة وبروكسل "سيحققان أفضل النتائج الممكنة لجميع شعبنا". وتصر على ان المملكة المتحدة "تستعد لكل الاحتمالات" لكنها "واثقة" من ان الجانبين يمكن ان يضربا "شراكة عميقة خاصة جديدة". كما تصر رئيسة الوزراء على انه "لن تكون هناك بنية تحتية مادية على الحدود" بين جمهورية ايرلندا وايرلندا الشمالية. وأكدت على استمرار منطقة السفر المشتركة بين المملكة المتحدة وأيرلندا. وتقول إن مواطني الاتحاد الأوروبي يقدمون "مساهمة غير عادية في حياتنا الوطنية ونريد لهم البقاء". وتضيف: "نحن متحدون على المبادئ الرئيسية ... نحن في اتصال بشأن الاتفاق".