صنعاء ـ خالد عبدالواحد
لم يغادر وفد الحوثيين العاصمة اليمنية صنعاء، للمشاركة في مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، والتي كان من المفترض أن تبدأ يوم الخميس الماضي
وحكى الوفد الحوثي عدة أسباب لعدم خروجه من مطار صنعاء الدولي ، فقد رفضت جماعة الحوثي الذهاب إلى مشاورات جنيف، قبل نقل جرحى بين صنعاء وسلطنة عمان، وذكر عضو وفد الجماعة حميد عاصم أنَّ الأمم المتحدة تنصلت عن الاتفاق معهم بخصوص ذلك.
وأكَّد الوفد عدم ذهابهم إلى المشاورات إلَّا بطائرة عمانية تقل الوفد والجرحى وإعطائهم ضمانات بعودتهم إلى العاصمة صنعاء
الضغط السياسي والعسكري
وأرجع أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الرفض الحوثي إلى الضغط السياسي والعسكري الذي يواجهونه، وهو ما دفعهم للمراوغة.
وقال مارتن غريفيث المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن" إنَّه حتى الآن لا تأكيدات لدينا حول حضور وفد الحوثيين إلى العاصمة السويسرية جنيف ، وربما قد تلغي الأمم المتحدة المشاورات في حال عدم وصول وفد الحوثيين إلى مدينة جنيف".
وفد الحكومة
وحمل وفد الحكومة المتواجد في جنيفَ الحوثيين المسؤولية عن فشل انطلاق المشاورات، المتوقفة في البلاد منذ العام 2016.
وقال وفد الحكومة" إنَّ تخلُّف من وصفهم بـ"الانقلابين" عن الحضور في الوقت المحدد، يمثّل دليلًا صريحًا على نيتهم المُبيتة في إفشال أي خطوات يقوم بها المبعوث الأممي مارتن غريفيث، من أجل إحلال السلام ورفع المعاناة عن الشعب اليمني".
واعتبر وزير الخارجية خالد اليماني عدم مشاركة الحوثيين بالمشاورات بأنَّه ينم عن قلة احترام لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، مؤكَّدًا أنَّهم سيحددون قرارهم بخاصة البقاء في جنيف خلال الساعات القادمة
واعتبر الصحافي اليمني عامر محمد استمرار رفض الحوثيين السفر إلى جنيف فشل المبعوث الأممي الجديد، وقتل للمشاورات في مهدها.
الموقف اليمني الرسمي
وأكَّد خالد اليماني وزير خارجية اليمن رئيس وفد الحكومة المشارك في محادثات جنيف أن بلاده ستقيّم الوضع مع نهاية الجمعة ، وستدرس كل الاحتمالات المطروحة وآخر المباحثات مع جميع الجهات المعنية في مباحثات السلام التي رفض الطرف الانقلابي الحضور إليها، وستنظر في إمكانية الاستمرار والبقاء في جنيف من عدمها.
وأضاف اليماني في اتصال هاتفي مع جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية " تفاعلنا مع المبعوث الخاص، وعقدنا سلسة من الاجتماعات معه، ومع فريق العمل للمبعوث حول كثير من المواضيع التي تركزت في رفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني، من خلال المباحثات التي وكما يبدو لن تتم لتعنت الطرف الآخر".
ومع استمرار رفض الميليشيات الحضور إلى محادثات جنيف، والحديث للوزير اليماني " قرر الوفد البقاء في جنيف تضامنًا وتأكيدًا على موقفنا الداعم لجهود المبعوث الخاص، وكان الهدف من البقاء أن يمارس مزيدًا من الضغط مع كل شركائنا والدول الفاعلة في مجلس الأمن، والدول الأعضاء أصدقاء اليمن الراعين للعملية السياسية مجموعة "19" وأن يدفع هذا الضغط الطرف الانقلابي للحضور إلى طاولة المشاورات".
وأشار اليماني إلى أنَّ الميليشيات الانقلابية "ساقت جملة من الأعذار والشروط الواهية التي لم تكن موجودة أصلًا في الاتفاقات مع المبعوث الخاص من قبل الحضور إلى محادثات جنيف، ومن ذلك آلية نقلهم إلى مقر انعقاد الجلسات، وهو ما فنده مكتب المبعوث الخاص الذي أكد أن هناك طائرة الأمم المتحدة مرابطة في "جيبوتي" جاهزة للإقلاع في أي لحظة لإحضار الوفد الانقلابي إلى جنيف".
وأردف اليماني أنَّ التحالف، قدم المزيد من التسهيلات، وقال" إننا على استعداد لبحث أن تكون طائرة عمانية صغيرة لنقل الوفد، ولكنهم لم يتجاوبوا مع كل التسهيلات التي قدمت لهم من جميع الأطراف لنقلهم إلى مقر انعقاد الجلسات.
وزاد الوزير جرى خلال اليومين الماضيين اتهام التحالف بأكاذيب واتهامات باطلة"، قائلا " إنَّ المبعوث الخاص إلى اليمن، أشاد بتعاون التحالف في كل الإجراءات اللوجيستية وكل التسهيلات التي قدمها للطرف الانقلابي، معتبرًا أن هذه لا تعود لكونها ألاعيب يمارسها الطرف الحوثي اعتقادًا أنَّ العالم سيلتف إليه وسيقدم له التنازلات.
لن تقبل الأعذار
وشدد وزير خارجية اليمن على أنَّ بلاده لن تقبل بأي أعذار ولن تقدم أي تنازلات تمس سلامة وأمن الشعب ورفع المعاناة عنه، وعلى الطرف الآخر أن يأتي إلى طاولة المشاورات لبحث قضايا إجراءات بناء الثقة، إن كان أمر الشعب اليمني يعنيهم، إذ إنه من المعيب والمؤسف أن الملايين من أبناء اليمن تعاني، فيما عصبة تقوم بالتلاعب واستخدام الأعذار الواهية في إطالة أمد هذا النزاع ولا تريد الانخراط في أي مجهود حتى فيما اتفق على تسميته إجراءات بناء الثقة.
وقال اليماني" إنَّ ما تقوم به الميليشيات الانقلابية من تعنت، ما هو إلَّا استخفاف بحق الشعب اليمني في العيش، وهم لا يرغبون المشاركة في أي عملية سلام، لأن "طهران" لم تصدر لهم التوجيهات في ذلك، وما تقوم به إيران مع هذه الميليشيات هو دفعهم نحو الانتحار، وهذه الميليشيات لا تمعن التفكير وتسير في فلك من يوجهها لكونهم عملاء للمشروع الإيراني".
وتساءل الوزير اليماني، عن هذا التعنت في الحضور بخاصة أن ما يطرح هي قضايا تهم المجتمع اليمني، قبل الدخول في إجراءات سياسية، تسبقها إجراءات أمنية لتنفيذ القرار 2216. ومنها إطلاق سراح المعتقلين والأسرى والمخطوفين، ورفع المعاناة عن عشرات الآلاف من اليمنيين الذين فقدوا عوائلهم، وتعمل الحكومة الشرعية على إطلاق سراحهم، كما نتحدث في هذه المحادثات عن دفع الأجور للشرائح الضعيفة من المجتمع، التي تسرق أمواله بالمليارات من الدولارات من أجل أمراء الحرب والقتلة لإطالة أمد الحرب في اليمن، إضافة إلى فتح ممرات آمنة ورفع الحصار الجائر المفروض على مدينة تعز، موضحًا أنَّ الحكومة الشرعية لا تطالب بالمستحيل نحن ندعو إلى إجراءات إنسانية تخفف عن معاناة الناس".
واعتبر الوزير أن ما يقوم به الطرف الانقلابي للمتاجرة السياسية، موضحَّا أنهم لا يريدون السلام، فقد هربوا قبل ذلك من الكويت ورفضوا التوقيع على الاتفاقية الأمنية، واليوم يتعاطون مع إجراءات بناء الثقة في شؤون الناس ومعاناتهم بهذا الاستخفاف والاستهتار بالأمين العام وبدعوة المبعوث الخاص، وبكل الاتفاق الذي ظلوا يؤكدون استعدادهم للانخراط فيه، إلَّا أنَّهم لا ينفذون شيئًا فهم مجموعة من العصابات آخر همها معاناة الناس.
الركود في العملية السياسية
وأكّد الصحافي محمد في حديث إلى موقع "اليمن اليوم" أنَّ عدم سفر الحوثيين إلى جنيف يعني فشل أي حلول سياسية للبلاد، موضحًا أنَّ المشاورات مهة بعد عامين من الركود في العملية السياسية
وأشار الصحافي إلى أنَّ تأخر الحوثيين في الوصول واختلاقهم الأعذار، يؤكد عدم حديثهم في الدخول بالمفاوضات والعودة الى الطاولة السياسية.
وتعليقا على المشاورات، رأى المحلل السياسي ياسين التميمي أنَّ الوفد الحكومي يظهر على الدوام في موقف الضعيف، فيما نجح الحوثيون مجددًا في إظهار أنفسهم كطرف يملي شروطه قبل بدء أي مشاورات.
ويعتقد التميمي أنَّ مشاورات جنيف ليست محل اهتمام أي من طرفي الحرب، وكلاهما يذهب إلى هناك من باب إسقاط الواجب، فلا الحوثيون مستعدون للتنازل عن مكاسبهم عبر الحل السياسي ولا الحكومة تقبل بمنح الحوثيين مكاسب سياسية كنتيجة للحرب التي أشعلوها في البلاد.
تأثير خارجي
من جهته، تحدث الصحافي مأرب الورد عن الموقف الدولي من مشاورات الكويت، وقال" إنَّ أي حل قريب أو بعيد للأزمة في اليمن، مرتبط بموقف الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة في الصراع بشكل مباشر أو غير مباشر، ثم بدرجة أقل موقف الأطراف اليمنية نفسها التي فقدت الكثير من قرارها لصالح الداعمين الخارجيين".
وعلى المستوى الخارجي، أفاد مأرب في مقال له "تبدو مصلحة الدول المؤثرة كأميركا وبريطانيا وفرنسا قائمة باستمرار الصراع وإن دعت علنا للحل السياسي، كونها مستفيدة من خلال بيع الأسلحة وعقد والصفقات مع السعودية والإمارات وتريد ديمومة المسار الذي يجلب المليارات ، علاوة على ذلك فهي غير متضررة من الحرب، إذ ليس لديها مصالح اقتصادية أو قواعد عسكرية تخسرها أو تشعر بالخطر عليها وهي بعيدة جغرافيًا عن اليمن ولا يصلها لاجئون مع أن هؤلاء قليل جدا في الخارج مقارنة بالسوريين والعراقيين والليبيين"، على حد قوله.
وخلص مأرب إلى مواقف الأطراف المؤثرة لا يدعم التسوية كما يجب ولا يتوقع تغييره في المدى القريب.
فشل مفاوضات
من جانبه، اعتبر الصحافي محمود عبدالواحد فشل مفاوضات جنيف نجاح الحل العسكري، في البلاد التي تشهد حربًا عنيفة منذ نحو أربعة أعوام
وقال الصحافي عبدالواحد في تصريح خاص إلى موقع "اليمن اليوم"، " لا يوجد أي تفاؤل بنجاح مفاوضات جنيف، أو أي مفاوضات قادمة، فاطراف الصراع لم تبدي حسن النية قبل انطلاق المفاوضات".
الحسم العسكري
وأطلقت القوات الحكومية عملية عسكرية لاستكمال تحرير محافظة الحديدة، البوابة الغربية إلى اليمن، والتي تعتبر المنفذ البحري الوحيد الذي لازال تحت سيطرة جماعة الحوثيين".
وتمكنت القوات عدة الحكومية بدعم من طيران التحالف العربي، تمكنت من التقدم نحو الميناء، والسيطرة على مناطق واسعة في المحافظة الافقر في البلاد، وسط سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجماعة".
وسيطرت القوات الحكومية على مناطق مختلفة في محافظات صعدة والجوف وحجة، والبيضاء، في سياق استكمال استعادة بقية الأراضي اليمنية.
تدهور الأوضاع الاقتصادية
وتشهد اليمن بالتزامن مع المشاورات حراكًا قويًا في المحافظات الجنوبية، احتجاجًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، تقف وراءها قوى تسعى لفصل جنوب اليمن عن شماله.
وتتواصل أعمال الشغب والاحتجاجات في شوارع العاصمة المؤقتة عدن، جنوب اليمن، لتتبعها باقي المحافظات الجنوبية الآخرى، بالتزامن مع مساعي غريفيت لحل الأزمة اليمنية.
وبدأت الإحتجاجات بإحراق الإطارات وقطع الشوارع تنديدًا بالانهيار الاقتصادي، ووصلت إلى الهجوم ورفع شعارات معادية لقادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وهما من يقودا التحالف العربي، الذي تدخل لدعم الشرعية منذ أكثر من ثلاث سنوات.
نقطة البداية
وكانت احتجاجات عدن نقطة البداية، حيث خرج عشرات المحتجين للشوارع صبيحة الأحد الفائت، وقاموا بإحراق الإطارات وقطع الشوارع، مما تسبب في وقف حركة المرور وتعطل الأعمال في الدوائر الحكومية والمراكز التجارية.
واستمرت تلك الاحتجاجات على نفس الوتيرة ليومين متواصلين، حيث لم تُرفع أي شعارات غير تلك المنددة بما وصلت له العملة المحلية من إنهيار وانعكاسات ذلك الانهيار على الوضع المعيشي للمواطنين، لكن ذلك لم يستمر، فقد أصدر ما يُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، بيانًا أعلن من خلاله تبنيه لأعمال الشغب الحاصلة في عدن والمحافظات الجنوبية، وذلك ردًا على عدم موافقة قيادة الشرعية على حضور ممثلين عن الانتقالي في مفاوضات جنيف المقبلة، حسبما يشير البيان.
ودعا البيان، الذي رصده موقع "اليمن اليوم" أبناء المحافظات الجنوبية للخروج والتظاهر ضد الحكومة الشرعية وكذا الخروج لرفض نتائج المفاوضات القادمة، مبديًا تحمل الانتقالي مسؤولية حماية تلك الإحتجاجات وبكل الوسائل المتاحة.
دائرة الاحتجاجات
ومنذ أن أُصدر البيان، حتى توسعت دائرة الاحتجاجات لتشمل المحافظات الجنوبية، وتاخذ منحىً آخر، ففي منطقة ردفان كبرى مديريات لحج خرجت تظاهرة حاشدة ردد فيها المحتجون شعارات مُعادية للمملكة العربية السعودية، وهي ظاهرة أولى من نوعها منذ أن اندلعت الحرب وتدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
وكانت محافظة الضالع هي الأخرى، شهدت احتجاجات مماثلة ردد خلالها المحتجون شعارات رافضة لوجود التحالف، وهو أول تطور من نوعه في المحافظة
وشهدت محافظة حضرموت احتجاجات ضد الطرف الآخر ، وأُحرق خلالها صورٌ لأمراء دولة الإمارات، وهو ما استثار وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش والذي قال في تغريدات على حسابه في "تويتر"،" إنَّ السلوك المخزي تجاه رموز الإمارات والتحالف في حضرموت وبعض مناطق الجنوب والتي يوجهها الإصلاح لن تثنينا عن تأدية المهمة"، متهمًا بذلك وقوف حزب الإصلاح خلف تلك الأعمال، بالرغم من عدم نفي المجلس الانتقالي الجنوبي صلته بتلك المجاميع، كون المجلس من دعا لتلك الاحتجاجات وتبناها بشكل رسمي"، ولا يأمل الشارع اليمني، في مفاوضات جنيف فبعد الفشل المتلاحق للأمم المتحدة، في إيجاد حل سلمي على مائدتها في، مدينة جنيف والكويت خلال الأعوام الماضية، أو إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية والإنسانية الراهنة.