ميناء الحديدة

تحوَّل ميناء الحديدة اليمني المطل على البحر الأحمر والخاضع لسيطرة الحوثيين إلى محور لحل الملف اليمني في المحافل الدولية. وفي مايو/ أيار حمل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، خارطة سلام جديدة لليمن مفتاحها الميناء الخاضع لسيطرة الحوثيين منذ أواخر 2014، وأكبر المرافئ اليمنية في الساحل الغربي على البحر الأحمر. 

واقترحت الأمم المتحدة ضرورة أن يتسلم طرف محايد ميناء الحديدة على البحر الأحمر الذي يعد نقطة حيوية لنقل المساعدات حيث تصل إليه 80 في المائة من واردات الغذاء. وحذر مجلس الأمن التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية من أي محاولة لنقل الحرب إلى الميناء. وصدر بيان عن مجلس الأمن الأسبوع الماضي حث فيه الأطراف اليمنية على الموافقة للخطة التي قدمتها للأمم المتحدة والتي تهدف إلى إبقاء ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون بعيدا عن القتال واستئناف دفع أجور موظفي الحكومة. مؤكداً إن هذه المقترحات ستكون بمثابة آلية لبناء الثقة بين أطراف الصراع اليمني ومقدمه لوقف الأعمال العدائية على نحو دائم.

وكان ولد الشيخ أحمد أبلغ مجلس الأمن يوم 30 مايو/ أيار أنه اقترح اتفاقا لتجنب أي اشتباكات عسكرية في الحديدة، موضحا أنه سيجري التفاوض عليه بالتوازي مع اتفاق لاستئناف دفع أجور موظفي الحكومة على مستوى البلاد،وهاجم الحوثيين ولد الشيخ بعد حديثة بمجلس الأمن عن ميناء الحديدة واتهموه بعدم الحياد. ويرى المبعوث الأممي لليمن ان خارطته وازنت بين مطالب طرفي النزاع، فبالنسبة للتحالف، تضمن الخطة أن الميناء لن يستخدم في تهريب السلاح وتهديد الملاحة، وبالنسبة للحوثيين، لن يسلّم الميناء لخصومهم من التحالف والقوات الحكومية من أجل إدارته.
   
ولوح التحالف العربي مرارا باستعادة الميناء من أجل تأمين ممرات الملاحة الدولية، فيما كانت الأمم المتحدة تقف كحائط صد للحيلولة دون اندلاع تلك المعركة لما لها من تبعات إنسانية كبيرة على البلد المنهك.  وتتهم قوات التحالف العربي الحوثيين باستخدام الميناء في تهريب أسلحة وذخائر ودعت إلى نشر مراقبين من الأمم المتحدة بالميناء بينما تنفي قوات الحوثيين ذلك. وأشار وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون, في جلسة للجنة المخصصات التابعة لمجلس الشيوخ في واشنطن الأسبوع الماضي إن بلاده تعتقد أنه يمكن وضع ميناء الحديدة اليمني تحت سيطرة جهة ثالثة لم يسمها للسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.

وقالت سميرة زُهرة وهي عضوة بالحوار الوطني اليمني، أن ميناء الحديدة من أهم المنافذ البحرية اليمنية وتصل من خلاله البضائع والسلع والمساعدات، وأي عملية عسكرية للسيطرة عليه ستكون لها نتائج كارثية على الوضع الإنساني. واعتبرت زُهرة بأن مقترح الأمم المتحدة بتسليم ميناء الحديدة لطرف ثالث محايد، وبإشراف أممي, بالإضافة إلى تشكيل صندوق مستقل يستقبل واردات الدولة المالية لجميع المحافظات ومنه يقوم بتسليم رواتب جميع موظفي الدوله دون استثناء افضل للشعب اليمني من نواحي عدة، كون ذلك سيجنب الميناء عملية عسكرية لها نتائج كارثية وموارد الميناء ستحول لصالح رواتب الموظفين المنقطعة منذ أشهر كون موارد الميناء تذهب للحوثيين بينما الحكومة اليمنية تبرر عدم صرف الرواتب بعدم إرسال الحوثيين للواردات بالبنك المركزي في عدن.

وأكدت زُهرة أن نجاح هذه الخطوة سيكون بمثابة المفتاح لحل الأزمة اليمنية ووقف الحرب وسيعزز الثقة لاجراء مشاورات ستصل إلى اتفاق نهائي يوقف الحرب باليمن بدعم دولي لهذه المشاورات، مشيرة أن هذه الخطوة أيضاً ستساعد على استعادة نشاط الصيد في سواحل البحر الأحمر، حيث تعرض قطاع الصيد لشلل كبير نتجت عنه مجاعات بالمديريات الساحلية التي يعتمد معظم سكانها على الصيد بسبب الحرب في الساحل اليمني والضربات الجوية التي تستهدف الزوارق، إضافة إلى الهجمات البحرية التي يشنها الحوثيين على التحالف.

ويعاني الآلاف من موظفي الدولة من فقر مدقع في ظل عدم حصولهم على رواتبهم منذ شهور عدة، بعدما نقلت الحكومة المعترف بها دوليا البنك المركزي من صنعاء إلى مدينة عدن. وقتل أكثر من عشرة آلاف شخص في الحرب الأهلية اليمنية المستعرة منذ أكثر من 3 سنوات كما انتشر الجوع. وتتحدث تقارير للأمم المتحدة أن هناك نحو 19 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي إجمالي السكان، في اليمن يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وأن هناك 14.5 مليون شخص لا يحصلون على مياه الشرب النظيفة وخدمات الصحة، كما ترتفع معدلات سوء التغذية إلى مستويات مُنذِرة بالخطر في ظل وجود 3.3 ملايين سيدة وطفل يعانون من سوء التغذية.

وتفشى مرض الكوليرا في 20 محافظة يمنية ولايزال انتشار المرض مستمرًا، وأعلنت منظمة الصحة العالمية ارتفاع عدد حالات الوفاة بسبب الكوليرا في اليمن، إلى ألفٍ ومائةٍ وسبعين حالة. وبحسب المنظمة فإن نسبة الاصابة بالكوليرا في اليمن يوميا تقدر بألفي حالة، مؤكدة أن استمرار الحرب يضاعف من صعوبة التصدي لانتشار الوباء وأن اليمن يعاني الآن من أكبر انتشار لوباء الكوليرا في العالم. وانتشر الكوليرا باليمن في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وتزايد حتى ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام، ثم تراجع لكن دون السيطرة الكاملة عليه. وعادت حالات الإصابة للظهور مجددا بوضوح في أبريل/ نيسان الماضي. ويقتل الكوليرا عشرات الاطفال وتقول منظمات دولية معنية برعاية الطفولة، إن وباء الكوليرا بات خارجا عن السيطرة ويتسبب في إصابة طفل واحد على الأقل في كل دقيقة.