لندن - كاتيا حداد
كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أنها تحصلت على وثائق تثبت قيام الأمم المتحدة، بتعيين العشرات من أصدقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وشركائه السياسيين، في إطار عمليات الإغاثة التي تتمّ في بلاده.
وتظهر قوائم الموظفين العاملين لدى الأمم المتحدة، أن أقارب وزراء سوريين، رفيعي المستوى، كانوا متواجدين على جدول الرواتب التابعة لوكالات الأمم المتحدة العاملة في دمشق، من بينها وكالة اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية.
وقال أحد المديرين السابقين في الأمم المتحدة أن كل وكالة عاملة لدى المنظمة، لديها على الأقل موظف واحد من الأقرباء المباشرين لأحد كبار مسؤولي الحكومة السورية.
وكانت منظمة الأمم المتحدة قد طلبت من "الغارديان" عدم ذكر أسماء أيّ من موظفيها حرصًا على سلامتهم.
ويقول أحد المتحدثين باسم المنظمة أن الروابط العائلية للموظفين العاملين لديها، لا يتم وضعها في الاعتبار إطلاقا، حيث لا يتم التحقيق في هذا الأمر من الأساس، موضحا في الوقت نفسه، أن الانتماءات السياسية للمنظمة الدولية ليست محل اهتمام.
فيما نفى أن يكون وجود أشخاص مقربين من الرئيس السوري في المنظمة الدولية، سببا في تهديد عملها، مؤكدًا أن العاملين لديها، والمختصين في الشأن السوري، ينبغي أن يكونوا جزءا من نسيج الشأن السوري بأكمله، وممثلين لكل أطيافه.
وأصرّت الأمم المتحدة أنها لا تتحيز إلى طرف على حساب الآخر في الأزمة السورية، موضحة أن هناك ضرورة للعمل مع أطراف الصراع كافة.
على الجانب الأخر قالت حملة سورية، وهي مجموعة مناهضة للحكومة السورية، أنه من غير المعقول تماما أن يتم توظيف أشخاص مقربين من الرئيس السوري في الوكالات الأممية "التي تعمل لخدمة مصالح ضحايا "النظام".
فيما تقول الأمم المتحدة أنها تمكنت من تقديم مساعدات إلى حوالي 13.5 مليون سوري في ظل ظروف تبدو صعبة وخطيرة للغاية، موضحة أن عملها مقيّد في ظل إصرار الحكومة السورية على أن تقوم الوكالات التابعة للمنظمة الدولية بعملها من خلال شركائه فقط.
ووفقا للوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة البريطانية، فإن ثلثي المساعدات والامدادات المتعلقة بالطوارئ الصحية اللازمة في سورية، تذهب إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، حيث أظهرت أن 64 بالمائة من الأدوية التي تقدمها منظمة الصحة العالمية، منذ شهر كانون الأول/ يناير الماضي، تم تسليمها إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.
في حين أن 13 بالمائة فقط من المساعدات الأممية، تم توصيلها إلى المناطق السورية المحاصرة، والتي تخضع لسيطرة المعارضة .
كما ترى المنظمة الدولية أن استجابتها للأزمة في سورية متوازنة ومحسوبة بشكل جيّد، وذلك إذا ما وضعنا في الحسبان الحالة الأمنية التي تعيشها سورية في المرحلة الراهنة، وكذلك العقبات الإدارية التي تواجهها هناك.
ويضيف المتحدث باسم المنظمة أنه في بعض الحالات تمكنت الوكالات التابعة للأمم المتحدة من الوصول إلى المناطق البعيدة عن سيطرة الحكومة السورية.
إلا أن الوكيل العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة والطوارئ ستيفن أوبراين، أوضح أن العوائق والتحديات لا تأتي فقط من جانب الحكومة، فالمعارضة قامت من جانبها بمنع فرق الأمم المتحدة من القيام بعمليات إجلاء طبي للمحاصرين، في شرق مدينة حلب السورية، وذلك خلال وقف إطلاق النار الأخير.
وأضاف أنه ربما كانت حالة القلق من جراء التحديات المختلفة التي تواجه المنظمة الدولية، دفعت أكثر من 73 منظمة إغاثة لوقف التعاون مع نظام تقاسم المعلومات التابع للأمم المتحدة حول الأزمة السورية، وذلك حتى يتم إجراء تحقيق شفاف حول مخاوفهم من التأثير الذي يحظى به الرئيس السوري في توجيه المساعدات الإنسانية.
وتأتي هذه التصريحا ت في الوقت الذي تتزايد فيه حالة الجمود الدبلوماسي، في ظلّ تزايد الضغوط الناجمة عن استمرار الدور الروسي في شرق حلب، وذلك بالرغم من توقف عمليات القصف هناك.
وكان أوبراين قد ألقى خطابا أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة معربا عن غضبه الشديد، من جراء فشل الجهود الدولية في التخفيف من المعاناة الكبيرة التي يعيشها سكان حلب.