القوات العراقية تقصف بصورة مُنتظِمة مدينة حجين آخر معاقل "داعش"

يستعدّ المئات مِن المفجرين الانتحاريين و4 الآلاف من مقاتلي تنظيم "داعش" للدفاع عن مدينة حجين، شرقي سورية، بالقرب من الحدود مع العراق، وتعدّ المدينة آخر معقل لـ"داعش" ويسيطر عليها منذ 3 أعوام.

حصار حجين سيكون أطول من الرقة

يأتي النضال من أجل حجين بعد عام بالضبط من هزيمة "داعش" في الموصل في 10 يوليو/ تموز 2017 من قبل القوات العراقية المدعومة من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وتغلق قوات متعددة مناهضة لـ"داعش" المدينة الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات في محافظة دير الزور، حسبما يقول شاهد عيان محلي بعد هروبه إلى الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد، حيث قال سطام، وهو معلم عربي، عاش حتى وقت قريب في منطقة بحارة، وهي حي شمالي حجين "سمعت من أشخاص يعملون مع مسؤولين في "داعش" أن هناك أكثر من 200 طفل مفجر انتحاري في حجين، ولا يزال هناك أكثر من 35 ألف شخص و4 الآلاف من "داعش" في البلدة"، مضيفاً أن أقاربه، الذين لا يزالون في حجين، يقولون إن "داعش" حفر أنفاقا عميقة هناك لحماية أنفسهم من الهجوم الجوي.

ويعتقد بأن النضال من أجل حجين قد يستغرق أكثر من حصار الرقة، عاصمة "داعش" في سورية، والتي استولت عليها القوات السورية الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة، وهي جماعة كردية عربية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويقول سطام إن حجين تتعرض للقصف بصورة منتظمة وكذلك لضربات جوية، لكنه لم يتعرض بعد للهجمات الخطيرة من قبل القوات البرية.

حجين معروفة بثراء سكانها

وتقول الحكومة العراقية إن طائرتها من طراز "F-16" استهدفت اجتماعا لقادة "داعش" في ثلاثة منازل، مرتبطين بنفق في حجين في 23 يونيو/ حزيران، وقتلت 45 منهم، ومن بين القتلى نائب وزير حرب "داعش"، ورئيس الشرطة، ونائب أبوبكر البغدادي، الخليفة المعلن للدولة الإسلامية، والذي يعتقد بأنه موجود حاليا في المنطقة الحدودية السورية العراقية.

وعلى نطاق ضيق، يحافظ "داعش" على النظام الإداري المعقد الذي كانت تستخدمه في حكم المدن الكبرى مثل الموصل والرقة والفلوجة والرمادي، وكذلك العديد من البلدات في سورية والعراق.

ويقول سطام "كنت على اتصال ببعض الأصدقاء العراقيين الذين كانوا يعملون في مكتب الضرائب في "داعش" في حجين، كانوا يجمعون رسوما من سكان المدينة الأغنياء لأن العديد منهم هم من أصحاب العقارات والبعض الآخر لديهم أعمال في السعودية وقطر".

ويقول إن البلدة معروفة محليا بمنازلها الكبيرة والمزينة جيدا التي يملكها التجار الذين ينتمون إلى قبائل محلية قوية، ويضيف أنه كان هناك احتكاك في الصيف الماضي بين "داعش" وأهل حجين، قائلا "أتذكر عندما تمكن بعض الشبان العراقيين والسوريين من إشعال النار في مركز لرجال أمن داعش".

"داعش" يمنع السكان من الفرار

ويمنع حاليا "داعش" المدنيين من الفرار من المدينة، وهو أسلوب استخدمته في الموصل والرقة مما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح من جراء الغارات الجوية ونيران المدفعية، وأيا كان توقيت الهجوم النهائي على حجين فستسقط حتما لأنها محاطة بثلاثة جيوش مختلفة.

وينتقد سطام حراس المدينة، وهم قوات سورية الديمقراطية المدعومة من قوات التحالف، وهي قوة كردية عربية لها قيادة كردية في الشمال والشمال الشرقي والغرب، وميليشيات الشيعية شبه العسكرية العراقية "الحشد الشعبي" من جهة الشرق، والجيش السوري من الجنوب.

وتعد أحد أسباب هزيمة "داعش"، على الرغم من مهاراتها العسكرية، هو العدد الهائل لأعدائها، وردا على سؤال بشأن معرفة مكان البغدادي، يقول سطام إن أعضاء "داعش" أو العاملين في مؤسساتهم "لم يعد يتحدثون عنه أو عن أي بيان أو قرار جديد أدلى به".

ويضيف أن الشائع في ريف دير الزور  هو أنه "حتى لو مات الخليفة، فقد ترك المئات من أبنائه كمفجرين انتحاريين"، وأن هذا ليس دليلا على أن البغدادي قد مات منذ ذلك الحين، إذا كان هذا صحيحا، فسيتم قبوله أو أن يكون سرا يمسك به دائرته الداخلية.

إشاعات مقتل نجل البغدادي

وأفادت تقارير الأسبوع الماضي عن ابنه، حذيفة البدري، البالغ من العمر 18 عاما، بأنه قُتل في معارك مع الروس والجيش السوري في محافظة حمص في سورية، ويتم الترويج لمقتله بشكل كبير من قبل قنوات التواصل الاجتماعي لـ"داعش"، رغم أنها غير مؤثرة.

وتعامل تنظيم "داعش" مع الأهالي بشكل جيّد عندما سيطر على المدينة في يوليو/ تموز 2013، لكن في العام التالي، ربما لأن انتصاراتهم جعلتهم مفرطين في الثقة، أصبحوا أكثر تخويفًا وبدؤوا في تنفيذ أحكام الإعدام.

ويقول سطام "الشيء المروع الذي شاهدته عدة مرات هو أن الناس لم يدركوا أن "داعش" سوف تقطع رؤوسهم، ما زلت أتذكر رجلا أعرفه، وهو أبومحمد، الذي كان معصوب العينين، وبكى لـ"داعش" ليؤكّد براءته، لكن فوجئ بسكينة كبيرة قطعت رقبته، وامتدت في حنجرته، وفجأة خرج الدم، الرجل الذي يقطع رأسه كان يصرخ الله يأمرنا بقتل الكفار دون رحمة".

يذكر أن ذلك حدث في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 عندما غضب مقاتلو  "داعش" لأنهم كانوا يحصلون على أخبار سيئة من الموصل، التي كان يحاصرها الجيش العراقي.
وبدأ مقاتلو "داعش" في الوصول من العراق بأعداد كبيرة مع العربات المدرعة والسجينات، وفي وقت لاحق قيل إنهم من اليزيديين ليتم نقلهم إلى الرقة.

وبدأ الهجوم على "داعش" من قِبل قوات سورية الديمقراطية قبل شهرين، مصحوبًا بضربات جوية كل يوم، وانسحب مقاتلو "داعش" المحليون، وتم تسليم العديد منهم للسلطات في سورية أو العراق، وبعد سلسلة من الهزائم الكارثية في العراق وسورية، قد لا يصر محاربو "داعش" على القتال حتى النهاسة، وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذا سيكون خبرا سارا لآلاف الأشخاص المحاصرين في حجين، والذين هم في انتظار بدء المعركة النهائية.