الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي

فرضت القوات الموالية للحكومة اليمنية الإثنين، سيطرتها النسبية في مدينة عدن التي تتخذ منها عاصمة مؤقتة جنوب البلاد، بالتزامن مع استمرار التوتر الأمني والاشتباكات المتقطعة لليوم الثاني على التوالي مع المسلحين التابعين لما يسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي تتهمه الحكومة بقيادة «انقلاب» ضدها انطلاقا من «نوازع انفصالية».

وجدّد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي خلال اجتماع عقده مع كبار مستشاريه في الرياض الإثنين، الدعوة لوقف إطلاق النار واعتبر «اللجوء للسلاح للتعدي على الشرعية انقلابا مرفوضا»، وقال إن "المعركة الحقيقية يجب أن توجه ضد الانقلابيين الحوثيين".

كانت أبرز الأحزاب اليمنية الموالية للشرعية والمناهضة لانقلاب الميليشيات الحوثية أكدت في بيان أمس وقوفها إلى جانب الرئيس هادي والحكومة الشرعية وأكدت أن ما شهدته عدن من صدام مسلح سببه التصعيد الذي أقدم عليه «المجلس الانتقالي الجنوبي».

وحملت الحكومة التي يرأسها أحمد عبيد بن دغر في اجتماع «استثنائي» عقدته في القصر الرئاسي أمس بمنطقة معاشيق «المجلس الانتقالي» المسؤولية عن سقوط 16 قتيلا و141 جريحا خلال المواجهات التي امتدت أول من أمس إلى أنحاء متفرقة من المدينة وأدت إلى شل الحركة وسط محاولات المسلحين السيطرة على معسكرات ومقار حكومية.

وأكد الاجتماع الحكومي في بيان رسمي أن الحياة في المدينة عادت إلى طبيعتها، في حين توالى صدور سيل من بيانات التأييد للحكومة الشرعية والرئيس عبدربه منصور هادي من قبل مسؤولي وقادة السلطات المحلية في المحافظات الأخرى.

وسمع أمس في أنحاء متفرقة من عدن أصوات إطلاق رصاص وكذلك دوي قذائف في تجدد للاشتباكات بين قوات «ألوية الحماية الرئاسية» الحكومية ومسلحي «المجلس الانتقالي الجنوبي»، في محيط «جبل حديد» ومعسكر الصولبان.

وأفاد شهود بأن القوات الحكومية انتزعت معسكراً يسيطر عليه المسلحون وفرضت سيطرتها على مختلف الأماكن الحيوية في المدينة.

وزار رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر مقر الحكومة (تحت الإنشاء) بعد طرد المسلحين منه، بينما أعلن طيران «اليمنية» استئناف الرحلات وإعادة فتح مطار عدن بعد إغلاقه أول من أمس في سياق الاحتياطات الأمنية والحرص على سلامة المسافرين.

وأفادت وكالة "سبأ" الحكومية بأن الاجتماع الاستثنائي الذي عقده الرئيس هادي مع كبار مستشاريه في الرياض «وقف أمام الخطوات الانقلابية المرفوضة والأحداث التخريبية المؤسفة التي جرت في العاصمة المؤقتة عدن، والتي أقدم عليها ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، من خلال التمرد المسلح باستهداف معسكرات واقتحام مؤسسات الدولة والانتشار في الشوارع والأحياء، في سلوك عبثي مرفوض رسميا وشعبيا ودوليا». وقالت إن الاجتماع «أكد أن ما يجري في عدن عمل انقلابي مرفوض وممارسات غير مسؤولة روعت المواطنين وأشاعت الرعب والخوف لدى الغالبية العظمى من اليمنيين المصطفين خلف الشرعية في معركة استعادة الدولة، وأودت بحياة ضحايا مدنيين وعسكريين».

وأضافت الوكالة أن المجتمعين مع الرئيس هادي شدّدوا على أن «المستفيد الوحيد من اختلالات وتصدع الصف الوطني هو المشروع الإيراني ووكلاؤه في اليمن» في حين امتدحوا «المواقف الإيجابية لقيادة قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن في إسناد انتصارات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والتأكيد على وحدة الصف الوطني والاصطفاف خلف الشرعية والتحالف في معركة إنهاء الانقلاب».

وأفادت بأن الاجتماع «أشار إلى أن إصرار الفصائل المسلحة التابعة لما يسمى المجلس الانتقالي، على التصعيد يعتبر تحديا سافرا لدعوات السلام والوئام الصادرة عن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، ورفضا صريحا لتوجيهات فخامة الرئيس بوقف إطلاق النار والاحتكام للمنطق ولغة العقل والسلام والتسليم بشرعية الدولة».

وطبقا لما نقلته الوكالة الحكومية "سبأ"، ألقى هادي كلمة في الاجتماع «جدد في مستهلها دعوته إلى الوقف الفوري لإطلاق النار» وأكد أنه «لا يمكن مطلقا للتمرد أو السلاح أن يحقق سلاما أو يبني دولة وأن المعركة الحقيقية والرئيسية هي مع الميليشيات الحوثية الإيرانية».

وقال هادي الرئيس «لا يمكن القبول بأي احتكام للسلاح لتنفيذ مشاريع سياسية وأي تعد على الشرعية أو مؤسساتها هو انقلاب حقيقي سيقاومه شعبنا اليمني في كل مكان».

وفي عدن، أكد اجتماع الحكومة في بيانه أمس «ضرورة معالجة أسباب التوتر التي أدت للتمرد ومنع تكرار هذه الأحداث مستقبلاً في عدن والمناطق المحررة»، وشدد «على توثيق الأحداث وإجراء تحقيق شامل وشفاف في مجرياتها، والأسباب المباشرة والغير المباشرة التي أدت إلى تفاقم الأوضاع وتهور ما يسمى بالمجلس الانتقالي برفع السلاح في وجه الدولة».

وأشاد بيان الحكومة «بالجهود الحثيثة والمتواصلة التي يبذلها الرئيس هادي مع الأشقاء في المملكة والإمارات، لمنع الاقتتال وتجاوز الأزمة والخطوات التصعيدية التي سلكها المجلس الانقلابي وإعلان حالة الطوارئ، والتهديد بإسقاط الحكومة والدعوة إلى إجراء مسيرات مناهضة للشرعية والدولة»، حسب ما أوردته وكالة (سبأ).

وحمل مجلس الوزراء اليمني «ما يسمى المجلس الانتقالي عن سقوط القتلى والجرحى جراء الأحداث المؤسفة خلال اليومين الماضيين في عدن، والتي بلغت 16 قتيلاً، و141 جريحاً» حسب البيان الحكومي. وقال «إن الحياة عادت إلى وضعها الطبيعي، في المدينة».

كانت الأحزاب اليمنية والقوى السياسية الموالية للشرعية وقّعت بيانا رفضت فيه «أي دعوات للانقلاب على الشرعية الدستورية وتقويض مؤسسات الدولة والخروج على المرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليميا». وأرجع البيان الذي تبنّته 10 أحزاب ومكونات سياسية رئيسة بينها حزبا «المؤتمر الشعبي» و«التجمع اليمني للإصلاح» و«التنظيم الناصري» و«الرشاد» تفجر الأوضاع أمنيا في عدن إلى «التصعيد من قبل ما يسمى بالمجلس الانتقالي وذلك عبر إعلانه حالة الطوارئ والاستنفار والدعوة إلى تأسيس مؤسسات عسكرية وأمنية موازية لمؤسسات الدولة دفع بالأمور إلى حالة التوتر وتفجير الأوضاع عسكرياً».

وأصدر «الحزب الاشتراكي اليمني» بيانا آخر أكد فيه تأييده ودعمه لجهود الرئيس هادي في احتواء المواجهات وتطبيع الحياة في العاصمة المؤقتة عدن، وقال إنه «يرفض أي خطوات أو أعمال من أي جهة كانت من شأنها أن تضعف أو تسيء إلى شرعية الرئيس هادي».

ودعا الحزب «الأشقاء في التحالف العربي وبالذات المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى سرعة العمل على وقف المواجهات في العاصمة المؤقتة عدن، وتدارك كل الآثار السلبية لاستمرار هذه الأحداث على المعركة المصيرية مع الانقلابيين والمشروع الإيراني في البلاد والمنطقة»، حسب البيان.

في غضون ذلك، توالت بيانات من السلطات المحلية في عدن ولحج وأبين وشبوة وسقطرى وذمار وغيرها من المحافظات، للتنديد بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي يرأسه محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، واتهامه بمحاولة الانقلاب على الحكومة الشرعية.

ولم تحل الاشتباكات المسلحة التي تواصلت أمس على نحو متقطع من احتشاد العشرات من الموالين للمجلس الانتقالي في ميدان العروض في خور مكسر وسط عدن، في حين أقدمت القوات الموالية للحكومة على فتح الطرق الرئيسية التي تسيطر عليها. وقالت مصادر عسكرية ميدانية، «إن قوات الحماية الرئاسية تمكنت من السيطرة الكاملة على المسلحين المتمردين في «اللواء الأول مشاة» واعتقلت عددا منهم».

وأضافت مصادر ميدانية أخرى أن «عددا من الأحياء في المدينة لا تزال تحت سيطرة مسلحي الانتقالي الجنوبي وسط أنباء تحدثت عن سقوط ثلاثة قتلى على الأقل من قيادات التمرد».

وعمّ الهدوء، حسب المصادر، أحياء مديريات المنصورة والشيخ عثمان والبريقة والشعب ودار سعد في شمال المدينة، وسط سيطرة لقوات الشرعية ممثلة بـ«ألوية الحماية الرئاسية ولواء النقل». واقتصرت المواجهات أمس على مديريات خور مكسر وكريتر في ظل تقاسم السيطرة بين القوات الحكومية والمسلحين المتمردين على التلال الجبلية المنتشرة فيهما.​