دمشق ـ نور خوام
كشفت العملية التي قامت بها وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" في سورية ليلة الخميس، عن القصة الحقيقة لسباق كل من الجماعات المسلحة التي تعمل مع الأميركيين والنظام السوري على السواء للسيطرة على الحدود السورية العراقية. وكانت مقاتلات أميركية قد شنَّت غارة جوية ليلة الخميس على ميليشيات عسكرية موالية لقوات الرئيس بشار الأسد في سورية.
ويبدو أنَّ الأهداف المذكورة من قبل الولايات المتحدة كانت خاطئة. والواقع أن ما وصفه الأميركيون بأنه عمل بسيط، كان جزءًا من صراع أكثر أهمية بين الولايات المتحدة والحكم السوري للسيطرة على الحدود الجنوبية الشرقية لسورية، وهو خط إمدادات حيوي لإيران للحفاظ على قواتها في سورية. ووفقاً للسوريين، فإنَّ الولايات المتحدة لم تدمر دبابة T-62 واحدة بل أربع دبابات ومركبة مضادة للطائرات من طراز "زي أس يو-23-4 شيلكا" سوفياتية الصنع التي يستخدمها كل من الميليشيات العراقية الشيعية الموالية لدمشق ووحدة من الإيرانيين المسلحين الذين كانوا يسافرون في شاحنات صغيرة لتأسيس مواقع عسكرية لهم، بناء على تعليمات الجيش السوري، في صحراء غرب التنف. وكانت نيتهم إقامة نقاط قوية في الأراضي الشاسعة الفارغة قبل القوات التي تدربها الولايات المتحدة في محاولة من الحكومة السورية للحفاظ على فتح الطريق بين العراق وسورية بعد أن أحيطت مدينة الرقة السورية التي تحتلها "داعش" إلى الشمال بمقاتلين أكراد موالين لواشنطن.
وقد قتل ستة من الميليشيات الموالية لسورية في الغارة الجوية الأميركية فيما أصيب 25 آخرين بجروح، وليس من الواضح ما إذا كانت الإصابات من العراقيين أو الإيرانيين ولكن تنوي القوات العاملة تحت قيادة الجيش السوري مواصلة مهماتها الاستطلاعية نحو التنف. وفتحت المدفعية المضادة للطائرات النار على الطائرات الأميركية المغيرة، مما أجبرها على التحليق عاليًا.
وفي هذه المرحلة، أعدت وحدات الدفاع الجوية السورية شمال شرق دمشق لإطلاق صواريخ جو-جو من طراز "أنغارا" جو-200 (وهي نسخة قديمة من طراز S-300 التي سلمها الروس منذ ذلك الحين إلى الجيش السوري) ضد الأميركيين - لكن الطائرات الأميركية كانت قد غادرت في ذلك الوقت المجال الجوي السوري. ولم تضرر إحدى الدبابات الخمس التي هاجمها الأميركيون من طراز T-62.
ومن الواضح أن السوريين يحاولون اختبار عزم أميركا على نقل قوات الميليشيات المناهضة للأسد إلى جنوب شرق البلاد، وكانت الولايات المتحدة مستعدة، وإن كانت على نطاق ضيق، لإظهار أنها مستعدة للضغط على القوات السورية. لكن بلدة التنف السورية العراقية الحدودية قد تتحول إلى نقطة استراتيجية رئيسية في نضال حكومة الأسد لاستعادة أراضيها الوطنية والحفاظ على فتح حدودها مع العراق، وبالتالي إلى إيران. وهي تقع على بعد 30 ميلا فقط من العراق. وعلى الرغم من أن الطائرات الأميركية كانت ضالعة في الغارات الجوية يوم الخميس، فإن القوات على الأرض كانت تتألف إلى حد كبير من المقاتلين بالوكالة - الذين ينتمون إلى معارضة "المتمردين" المدربين من قبل الولايات المتحدة والجيش السوري.