لندن ـ سليم كرم
أكد المتحدّث باسم وزارة الخارجية البريطانية، على أن لندن تعتبر أنّ "الاتفاق النووي مع إيران يجب أن يظل ساري المفعول لأنه يمنع تحوّل إيران إلى دولة مسلحة تسليحا نوويا، لكن ذلك لا يعني القبول بتصرفات إيران المزعزِعة للاستقرار في المنطقة، سواء في سورية أو العراق واليمن".
ويوضح المتحدث: "موقف المملكة المتحدة واضح من الاتفاق النووي الإيراني.. نعتبره اتفاقا مهما يجعل العالم مكانا أكثر أمانا من خلال تحييد التهديد الذي تمثله إيران مسلحة تسليحا نوويا.. إن الاتفاق النووي الإيراني ما زال يعمل، كما عبّرت عن ذلك التقارير المتعاقبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وتجد بريطانيا نفسها كعدد مِن شركائها الأوروبيين، في وضع بالغ التعقيد بالنسبة إلى الملف النووي الإيراني. فمن جهة، تتمسّك حكومة تيريزا ماي باستمرار العمل بهذا الاتفاق الذي تعتبره ثمرة "مفاوضات دامت 13 عاما"، لكنها تعرف، في المقابل، أن الولايات المتحدة ستنسحب منه وتعيد فرض العقوبات على إيران، وربما تلجأ إلى توجيه ضربة عسكرية، إذا لم ينجح البريطانيون، مع شركائهم الأوروبيين، في إدخال تعديلات جوهرية على الاتفاق ترضي إدارة الرئيس دونالد ترامب بحلول 12 مايو/ أيّار المقبل.
يمتنع مسؤولو الحكومة البريطانية عن الخوض في تفاصيل جهودهم لتعديل الاتفاق النووي بين الدول الست (الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين وألمانيا) وإيران عام 2015، رغم أن المعلومات المتقاطعة تشير إلى أنهم يعملون مع الفرنسيين والألمان تحديدا على حزمة عقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي على طهران، وهي خطوة ترفض دول أوروبية عدة السير فيها لاعتبارات مختلفة.
وسُئل المتحدث عما إذا كان الاتفاق يظل ساري المفعول إذا نفّذ الرئيس ترامب تهديده بالانسحاب منه بحلول 12 مايو/ أيار المقبل، فأجاب: "إننا نتشاور مع جميع الشركاء في أعقاب خطاب الرئيس ترامب في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، ونعمل من أجل مواصلة نجاح الاتفاق النووي الإيراني. إننا نواصل التوضيح للولايات المتحدة الأهمية التي نعلّقها على هذا الاتفاق".
وامتنع المتحدث عن الخوض في تفاصيل المقترحات التي تتم دراستها مع الأوروبيين لـ"سد الثغرات" في الاتفاق النووي، حسب ما طلب الرئيس ترمب في خطابه يوم 12 يناير الماضي. لكن الناطق البريطاني قال إن "خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) هي نتيجة 13 عاما من المفاوضات. إننا لا نتطلع حلها، بل نحن ملتزمون الاتفاق النووي بوصفه الطريق الأمثل لتجنب أن تكون إيران مسلحة تسليحا نوويا".
ويؤكد المتحدث، في المقابل، أن تمسك بريطانيا بالاتفاق النووي لا يكون على حساب تجاهل تصرفاتها التي وصفها بأنها "مزعزعة للاستقرار" في المنطقة، من العراق إلى سورية مرورا باليمن. ويوضح: "لقد عبّرنا بوضوح عن قلقنا العميق من نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، بما في ذلك انتشار الصواريخ الباليستية. لقد أبلغنا قلقنا هذا إلى الحكومة الإيرانية على أعلى المستويات، بما في ذلك خلال زيارة وزير الخارجية (بوريس جونسون) لطهران في ديسمبر/ كانون الأول، ولنائب وزير الخارجية الإيراني (عباس) عراقجي عندما كان هنا في لندن في فبراير/ شباط، وكذلك خلال لقاء الرباعي الأوروبي (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا وإيطاليا) مع إيران في ميونيخ أيضا في فبراير. المملكة المتحدة تدين بقوة الهجمات الصاروخية الحوثية على السعودية في يوليو/ تموز، ونوفمبر/ تشرين الثاني، وديسمبر وأخيرا في 26 مارس/ آذار. إننا قلقون من تقارير عن أن إيران هي من زود الحوثيين بالصواريخ. تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة في 26 يناير، وجد أن الصواريخ والتجهيزات العسكرية المرتبطة بها، التي هي إيرانية المنشأ، تم نقلها إلى اليمن بعد فرض حظر السلاح، ما يجعل إيران في حالة خرق مادي لقرار مجلس الأمن الرقم "2216" (لعام 2015). إننا ندعم بقوة آلية التحقيق الأممية في هذه القضايا وندعو جميع الأطراف إلى وقف النشاطات التي تخاطر بتصعيد حدة النزاع، وبالالتزام الكامل بالقوانين الدولية المطبقة، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وبشأن قضية الإيرانية-البريطانية المحتجزة في إيران، نازانين زاغاري - راتكليف، وإمكان أن تستخدمها طهران "ورقة مساومة" مع لندن، قال المتحدث البريطاني: "نبقى قلقين جدا لمصير جميع المعتقلين مزدوجي الجنسية في إيران، ونواصل أخذ قراراتنا وفق ما نعتقد أنه سيأتي بالنتائج الأفضل في شأن حالاتهم. ولذلك فإننا لن نقدم تعليقا علنيا عند كل منعطف أو استدارة".