دمشق ـ نور خوام
دَّدت القوات الحكومية السورية خرقها لـ"هدنة الشمال"، حيث طال قصفها الخميس المنطقة المنزوعة السلاح، ضمن مناطق سريان الهدنة الروسية في المحافظات الأربع. وفي التفاصيل التي رصدها المرصد السوري فإن القوات الحكومية السورية استهدفت بالرشاشات الثقيلة مناطق في بلدة اللطامنة، بالريف الشمالي لحماة، فيما استهدفت القوات الحكومية السورية مناطق في محيط تل عثمان وأماكن في منطقة البانة بالريف ذاته، بالرشاشات الثقيلة والقذائف المدفعية، وسط استهداف منطقة
معركبة بشمال حماة بالرشاشات الثقيلة، ما تسبب بأضرار مادية، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية، ويأتي هذا الاستهداف بعد قيام عربة مدرعة لالقوات الحكومية السورية ببث تهديدات إلى الفصائل في منطقة ضواحي حلب الغربية، تضمنت تحذير باستهداف كل من لا يغادر منطقة نزع السلاح قبل الـ 15 من تشرين الأول / أكتوبر الجاري، مهددة بالقصف والقتل، وأنها تعرف الفصائل أين تتواجد وأين تتوارى، وأن الانفاق والملاجئ لن تحمي الفصائل لأن كل القوى الجوية الروسية ستنهال على رؤوس مقاتلي الفصائل، وخيرتهم بين "الموت الزؤام أو تسليم السلاح والعودة لحضن الوطن".
ونشر المرصد السوري قبل ساعات أن التحضيرات التركية الروسية تتواصل تمهيداً للبدء بمراقبة المنطقة منزوعة السلاح – المنطقة العازلة – الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية مروراً بريفي حماة وإدلب وصولاً لريف حلب الشمالي الغربي، والتي جرى الاتفاق عليها عقب الاجتماع الذي جرى بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الـ 17 من شهر سبتمبر/أيلول الماضي. وتأتي هذه التحضيرات بعد أن كانت قد انتهت مظاهر تواجد السلاح الثقيل بشكل كامل في المنطقة العازلة قبل 3 أيام، فيما لا تزال الفصائل جميعها دون استثناء محافظة على مواقعها المدعمة بمقاتليها وأسلحتها المتوسطة والفردية وعلى وجه الخصوص فصائل الجبهة
الوطنية للتحرير، بعد أن كانت قد استقدمت خلال الساعات الفائتة تعزيزات عسكرية من سلاح متوسط ومقاتلين إلى مواقعها ونقاطها في المنطقة منزوعة السلاح، كما أن المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر قبل ساعات أنه رصد عدم إجراء أي تغيير على المنطقة العازلة الممتدة من جبال اللاذقية وصولاً إلى ريف حلب الشمالي الغربي، مروراً بإدلب وحماة، إذ رصد المرصد السوري عودة المقاتلين الذين سحبوا الأسلحة الثقيلة من المنطقة العازلة، وقيامهم بالانتشار في نقاط التمركز الواقعة في أرياف المحافظات الأربعة، ضمن المنطقة منزوعة السلاح، والتي عمدت الفصائل المقاتلة والإسلامية و”الجهادية” لسحب قسم من السلاح الثقيل وإخفاء القسم الآخر في خنادق مغطاة، فيما لا تزال التحضيرات الروسية – التركية مستمرة للمباشرة بمراقبة المنطقة منزوعة السلاح التي تم الاتفاق عليها في الـ 17 من شهر أيلول / سبتمبر الفائت من العام الجاري 2018
الاشتباكات تتواصل في الجيب الأخير للتنظيم شرق الفرات
وفي محافظة دير الزور، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عبور 12 عربة "همر" و4 سيارات محملة بالذخيرة والصواريخ، نحو الجبهات وخطوط التماس مع تنظيم "داعش". وعلم المرصد أن عمليات القصف تراجعت وتيرتها بعد القصف بمئات الصواريخ والقذائف، حيث تواصل الاستهدافات من قبل التحالف وقسد للجيب الخاضع لسيطرة التنظيم، بالتزامن مع تحليق لطائرات التحالف الدولي في سماء المنطقة واستهدافها بين الحين والآخر لمناطق سيطرة التنظيم وتواجده، ما تسبب بمزيد من الدمار والأضرار في المنطقة، ومعلومات عن سقوط مزيد من الخسائر البشرية، نتيجة القصف المدفعي المستمر والاشتباكات المتواصلة بين قوات سوراي الديمقراطية من جهة، وعناصر تنظيم “داعش” من جهة أخرى، على محاور في محي هجين والسوسة والباغوز، وسط استهدافات متبادلة على محاور التماس بين الطرفين.
وكان المرصد السوري نشر قبل ساعات أن رتل التحالف الدولي الذي اتجه من حقل العمر النفطي إلى جبهات القتال في الجيب الخاضع لسيطرة تنظيم “داعش”، عاد إلى قاعدته، فيما لم تتمكن قوات سوريا الديمقراطية من الوصول إلى الجبهة، وبقيت في البادية نتيجة للأحوال الجوية السيئة المستمرة منذ يوم أمس، كما وردت معلومات للمرصد السوري عن مفارقة مقاتل من قوات التحالف الدولي للحياة، جراء إصابته خلال العمليات العسكرية وهجمات التنظيم التي طالت مواقع لقوات سوريا الديمقراطية أمس، عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، أيضاً نشر المرصد السوري قبل ساعات أن القتال شهد وتيرة عنف غير مسبوق منذ الـ 10 من أيلول / سبتمبر الفائت من العام الجاري 2018، تاريخ بدء الحملة العسكرية من قبل قوات سوريا الديمقراطية والتحالف ضد الجيب الأخير للتنظيم في المنطقة، فيما تصاعد وتيرة عنف المعارك وازدادت كثافة القصف بشكل كبير جعلهما أعنف اشتباكات وقصف في شرق الفرات منذ أكثر من شهر.
وأكدت معلومات المرصد أن التحالف الدولي و"قوات سورية الديمقراطية" أطلقت أكثر من 100 صاروخ وأكثر من 500 قذيفة مدفعية وصاروخية، استهدفت جميعها مناطق سيطرة تنظيم "داعش" ومواقعة في الجيب الأخير عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، بالتزامن مع غارات متتالية نفذتها الطائرات الحربية على المناطق ذاتها، وسط قتال مستمر واستهدافات على محاور القتال تسببت في سقوط مزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين، بعد أن كان وثق المرصد السوري خلال 24 ساعة مقتل 18 من عناصر التنظيم، بالإضافة لـ 10 على الأقل من قوات سورية الديمقراطية ممن قضوا في القتال ذاته، حيث كان وثق المرصد السوري 285 على الأقل من مقاتلي وقادة التنظيم.
انفراج مهم في ملف مختطفي ومختطفات السويداء
وفي محافظة السويداء، سُمع دوي انفجار في مدينة السويداء، رجحت مصادر أنه ناجم عن تفجير قنبلة يدوية ألقاها مسلحون مجهولون في أحد شوارع المدينة، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية. ويتزامن هذا التفجير مع التوتر الذي يسود في المنطقة حول ملف المختطفين والتهديدات التي جرت في المدينة، حيث علم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ملف المختطفين والمختطفات من ريف السويداء، يشهد انفراجاً واضحاً إذ تجري الأمور في منحى إيجابي وأكدت المصادر الموثوقة للمرصد السوري أن
العائق ليس في الأمور المادية، وإنما القوائم التي يجري تقديمها من النظام لتنظيم “داعش” عن المعتقلات اللواتي من المفترض الإفراج عنهم من معتقلات النظام، تتعرض لعملية تبديل أسماء من قبل التنظيم واختيار أسماء جديده من قبله، وفي ما إذا تعلق الأمر بقضية تبديل الأسماء فإنها قد تُحل خلال الساعات المقبلة
وأفاد المرصد بأن التوترات لا تزال مستمرة في مدينة السويداء وعموم المحافظة، نتيجة الاستمرار في احتجاز المختطفات والمختطفين من قبل تنظيم “داعش”، منذ 25 من تموز / يوليو الفائت. وفي التفاصيل الجديدة التي رصدها المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن القوات الروسية اجتمعت مع قوات الفهد التي تعد أحد القوات المنشقة عن قوات حركة رجال الكرامة وتتواجد في منطقة قنوات ومناطق بمحيطها، بوساطة منسق العلاقات للفيلق الخامس في السويداء، في محاولة للتوصل لتنسيق بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها مدينة السويداء من إطلاق نار على مبنى المحافظة، ومحاولة تشكيل تنسيق جديد لحماية محافظة السويداء من هجوم جديد لتنظيم
“داعش”، كما أن المرصد السوري نشر قبل ساعات أنه تصاعد التوتر في مدينة السويداء وريفها، وسط ترقب حذر لما آل اليه الوضع في المحافظة.
ولايزال الترقب الحذر يسود السويداء نتيجة انتهاء المهلة التي طلبها الشيخ عبد الوهاب أبو فخر ممثل شيخ عقل الموحدين الدروز حكمت الهجري، للإفراج عن المختطفين والمختطفات البالغ عددهم 18 طفلاً و9 مواطنات من المحتجزين لدى تنظيم “داعش”، والتي انتهت دون أية تطورات في ملف المختطفين، حيث كان طلب أبو فخر مهلة 48 ساعة يوم أمس الأول لحل مسألة المختطفين، إلا أن المهلة انتهت اليوم الخميس الـ 11 من تشرين الأول / أكتوبر 2018، ورصد المرصد السوري توتراً يسود المنطقة، نتيجة التخوفات التي تعتري الأهالي من تطورات الوضع، بعد أن خاطب مشايخ الكرامة العاملين تحت إمرة أولاد الشيخ وحيد البلعوس، المعتصمين بالقول بأن “الاعتصام لا كرامة فيه وإذا ما أردتم مختطفيكم فاحملوا السلاح وحرروهم بأنفسكم”. كما هدد مشايخ الكرامة محافظة السويداء وممثل شيخ العقل، بعد أن طالب الأخير المعتصمين
بفض الاعتصام لمدة 48 ساعة، لحل قضية المختطفين والمختطفات، وفي حال لم يجري الإفراج عنهم، فللمعتصمين الحق في إعادة إقامة اعتصامهم في المكان الذي يريدون، كذلك نشر المرصد السوري في الـ 10 من أكتوبر الجاري، أنه رصد هدوءاً مرفقاً مع حالة من الترقب مع قرب انتهاء المهلة التي طلبها الشيخ عبد الوهاب أبو فخر، ممثل شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري، من المعتصمين من ذوي المختطفين والمتضامنين معهم في ساحة المحافظة، والتي بموجبها جرى تعليق الاعتصام في الساحة، في الـ 8 من تشرين الأول / أكتوبر من العام الجاري 2018، حيث تشخص الأنظار إلى مآلات الوضع القادم في محافظة السويداء، بعد الانتهاء من المهلة التي قدرت بـ 48 ساعة منذ يوم أمس الأول، والتي تزامنت مع تصعيد الجيش السوري لوتيرة العمليات العسكرية في منطقة تلول الصفا الواقعة على الحدود الإدارية لريف دمشق مع السويداء.
اغتيالات جديدة تضرب مناطق الانفلات الأمني في إدلب ومحيطها
وفي حلب، سُمع دوي انفجار في منطقة الأتارب الواقعة في القطاع الغربي من ريف حلب، ما تسبب بوقوع أضرار مادية وسقوط خسائر بشرية، وعلم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الانفجار ناجم عن تفجير عبوة ناسفة من قبل مسلحين مجهولين في بلدة الأتارب في القطاع الغربي من ريف حلب، ما تسبب باستشهاد طفل وإصابة آخرين بجراح متفاوتة الخطورة، في استمرار للفلتان الأمني في محافظة إدلب والأرياف المحاذية لها والمتصلة معها، ليرتفع إلى 350 شخصاً على الأقل، تعداد من اغتيلوا في أرياف إدلب وحلب وحماة، منذ الـ 26 من نيسان / أبريل الفائت من العام الجاري 2018، وحتى الـثاني من شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام ذاته، هم زوجة قيادي أوزبكي وطفل آخر كان برفقتها، إضافة إلى 68 مدنياً بينهم 12 طفلاً و6 مواطنات، عدد من اغتيلوا من خلال تفجير مفخخات وتفجير عبوات ناسفة وإطلاق نار واختطاف وقتل ومن ثم رمي الجثث في مناطق منعزلة، و241 عنصراً ومقاتلاً من الجنسية السورية ينتمون إلى هيئة تحرير الشام وفيلق الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية وجيش العزة وفصائل أخرى عاملة في إدلب، و39 مقاتلاً من جنسيات صومالية وأوزبكية وآسيوية وقوقازية وخليجية وأردنية وتركية، اغتيلوا بالطرق ذاتها، كذلك فإن محاولات الاغتيال تسببت بإصابة عشرات الأشخاص بجراح متفاوتة الخطورة، بينما عمدت الفصائل لتكثيف مداهماتها وعملياتها ضد خلايا نائمة اتهمتها بالتبعية لتنظيم “داعش”.
وأفاد المرصد قبل ساعات أنه رصد انفجار 3 عبوات ناسفة في أرياف إدلب الشرقية وجبل الزاوية، حيث انفجرت عبوة ناسفة بسيارة قيادي سابق في الجبهة الوطنية للتحرير على طريق عين قريع – دير الشرقي في ريف معرة النعمان الشرقي ، ما أسفر عن مقتله على الفور. كذلك انفجرت عبوتان ناسفتان بسيارة على طريق إدلب سرمين، ما أسفر عن إصابة شخص بجراح، وعبوة أخرى انفجرت في قرية المغارة الواقعة في جبل الزاوية أسفر عن إصابة شخص آخر بجراح، كذلك نشر المرصد السوري ليل أمس أنه رصد اغتيال مسلحين مجهولين لقيادي عسكري جديد، ضمن عمليات الاغتيال المستمرة، والتي تستهدف مدنيين وعناصر وقادة، من جنسيات سورية وغير سورية، حيث أفاد باغتيال أبو الليث المصري وهو قائد عسكري بهيئة تحرير الشام من الجنسية المصرية، باستهدافه في جنوب بلدة كفرنبل، في القطاع الجنوبي من ريف إدلب، ويأتي هذا الاستهداف بعد ساعات من استهداف المسؤول الطبي بجيش الأحرار في منطقة الفوعة بريف إدلب الشرقي، كما يأتي بعد يومين من نشر المرصد السوري عن أن أبو اليقظان المصري تحدث في خطبة الجمعة التي ألقاها قبل 72 ساعة من الآن في أحد المساجد بمدينة إدلب، عن تمنُّع الرافضين لاتفاق سوتشي لشن أي عمل عسكري ضد النظام وعن “أصحاب الخطوط الحمراء”، حيث جاءت في خطبة القيادي مصري الجنسية في هيئة تحرير الشام، وأحد قادة الاقتتالات الداخلية مع بقية الفصائل الإسلامية والمقاتلة في إدلب.
انتحاري يفجر نفسه بحاجز لقوات سورية الديمقراطية في شرق دير الزور
وسجل المرصد سماع دوي انفجار جديد في القطاع الشرقي لريف دير الزور، ناجم عن تفجير انتحاري لنفسه بدراجة نارية مفخخة، مستهدافاً حاجزاً لقوات سوريا الديمقراطية، قرب الوحدة الإرشادية في منطقة سويدان جزيرة، عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، ولم ترد معلومات عن الخسائر البشرية، ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان قبل 24 ساعة من الآن، أنه رصد تنفيذ عناصر من خلايا تابعة لتنظيم “داعش” هجوماً بالقذائف المحمولة على الكتف، مستهدفة مبنى الناحية في مدينة البصيرة، في القطاع الشرقي من ريف دير الزور، بالتزامن مع إطلاق نار بالرشاشات الثقيلة، ما تسبب بوقوع خسائر بشرية في صفوف عناصر قسد، بعضهم قضوا متأثرين بإصاباتهم، كما استهدف مسلحان مجهولان يستقلان دراجة نارية بإطلاق نار حاجزاً لقوات سوريا الديمقراطية في منطقة الطيانة، ما أدى لإصابة 4 أشخاص هم مدنيان اثنان وعنصران من قوات سوريا الديمقراطية، كما نفذ مسلحون مجهولون هجوماً بالرشاشات على مقر لقوات سوريا الديمقراطية، في مدرسة بقرية درنج في الريف الشرقي لدير الزور.
وكان رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان قيام خلايا نائمة تابعة للتنظيم بإطلاق النار على عنصرين من قوات الدفاع الذاتي، خلال تنقلهم على الطريق المار من جنوب مدينة الشدادي، ونشر المرصد السوري أمس أن المسؤول العامل في الكهرباء لدى قوات سوريا الديمقراطية بريف دير الزور الشرقي، فارق الحياة جراء إصابته بانفجار عبوة ناسفة استهدفت صهريجه في منطقة ذيبان عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، حيث جرى استهدافه برفقة اثنين من أبنائه، ما تسبب باستشهاده وإصابة ولديه بجراح متفاوتة الخطورة، وأكدت مصادر مقربة من ذوي الضحية أن الأخير كان تلقى تهديدات سابقة بقتله لعمله مع قوات سورية الديمقراطية، كما أن التفجير استهدفه على طريق يستخدمه العسكريون والعاملون في المجال النفطي في شرق محافظة دير الزور، ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان قبل 24 ساعة من الآن، استشهاد مدني جراء انفجار عربة بالقرب من مشفى الشحيل التخصصي في قرية الشحيل الواقعة بريف دير الزور الشرقي، كما تسبب الانفجار بسقوط جرحى.
واضاف أن شعب غزة لم يتمكن، حتى الآن، من لملمة جروحه بعد الحرب الأخيرة في 2014. ونحن، من جانبنا، ما زلنا نعمل على إعادة ترميم وبناء ما تم هدمه من منازل وبنى تحتية، وقد وصلنا إلى المراحل الأخيرة. ولا يعقل أن تتربص إسرائيل بنا حتى ننهي إعادة البناء والترميم من أجل العودة إلى هدمها من جديد. الإسرائيليون يشنون حربا على غزة كل 3 أو 4 سنوات. الحروب الثلاث الأخيرة كان الفارق بينها 3 سنوات. لا نريد حربا كهذه، ونريد حماية شعبنا في غزة. لكن التصريحات اليومية للعسكريين والسياسيين الإسرائيليين، تؤشر لرغبة في التصعيد في غزة، وكما ذكرت سابقا، يبدو أنها مرتبطة ببحث الحكومة الإسرائيلية عن مخارج للأزمة الداخلية.
وعما اذا فشلت الوساطة المصرية بين السلطة وحماس؟
قال المالكي: "الوساطة المصرية لم تفشل، ولا يمكن اعتبار أنها فشلت إلا عندما تعلن مصر أنها رفعت يدها وأوقفت جهودها من أجل تقريب وجهات النظر بيننا وبين حماس، وإقناع الأخيرة بالعدول عن انقلاب 2007 ضد الشرعية، والقبول أخيرا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه وتوقيعه في 12 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، أي قبل عام تماما. وفي حال تم ذلك، ستنتهي الأمور وستكون الحكومة المصرية قد حققت النجاح في إنهاء حالة الخلاف وإعادة حكومة الوفاق الوطني إلى غزة، من أجل العودة لتحمل مسؤولياتها هناك، كما هو حالها في الضفة الغربية. حتى الآن، ما زال الجهد المصري متواصلا بشكل مكثف. ومؤخرا، ذهبت وفود من حركة حماس ومن الجهاد وفتح
وفصائل أخرى، وستكون هناك لقاءات بين هذه الفصائل. أعرف أن هناك تسريبات من هنا وهناك، تتحدث سلفا عن الفشل. ونحن لا نريد أن نكون رهينة لتقارير يمكن أن
تكون مضللة. وما دامت الحكومة المصرية ملتزمة بمثل هذا الملف، فنحن على ثقة وقناعة في أن الجهود المصرية ستكلل، في النهاية، بالنجاح، لجهة إقناع حركة حماس بالعودة إلى الشرعية الوطنية.
المشكلة مع موضوع المصالحة أنه تم التوصل إلى كثير من التفاهمات والاتفاقات بين السلطة وحماس، ولكن لم ينفذ منها شيء. هل هذه الدوامة ما زالت على حالها؟
سئل هل صحيح. هذه أيضا مشكلة كبيرة لها علاقة بمصداقية حركة حماس، والمراوغة مع الحكمة المصرية، التي تبذل جهودا كبيرة من أجل الوصول إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة.
أعرب المالكي عن إعتقاده أن الجانب المصري استخلص العبر والدروس من التجارب الأخيرة والماضية، وتوقعاتنا أن المساهمة المصرية الراهنة في موضوع إنهاء الانقسام، تأخذ منحى مختلفا، خاصة أن حركة حماس تجد نفسها اليوم في وضع أصعب بكثير مما كانت عليه في السنوات السابقة، حيث كان يسمح لها بالتمرد على أي اتفاق أمكن التوصل إليه.
وسئل: عندما زار الرئيس محمود عباس باريس الشهر الماضي، أكد أنه لم يعد يقبل بأن تكون الولايات المتحدة الأميركية الراعي الوحيد للمفاوضات مع إسرائيل، وطالب برعاية أوروبية وغير أوروبية إلى جانب واشنطن. سؤالي هو: هل ثمة شيء ما في الأفق ليوازي انحياز واشنطن التام إلى الطروحات الإسرائيلية؟ هل من مؤشرات مثلا على صعيد الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي أم غيرهما؟
أجاب وزير الخارجية الفلسطيني بالقول: "للأسف الشديد، ليس هناك ما يخلق مثل هذا التوازن لمواجهة الانحياز الأميركي الأعمى للجانب الإسرائيلي، أو حتى لمؤشرات
لمثل ما ذكرته. الرئيس لم يتوقف عن بذل جميع الجهود لإيجاد ذلك. ولكن، كما تعلم، في خطابه في 20 فبراير/شباط الماضي أمام مجلس الأمن، تحدث عن رؤية السلام الفلسطينية، وخاصة أن هناك غيابا واضحا لرؤية للسلام من أي طرف كان، منذ أن تخلى جون كيري، وزير الخارجية الأميركي السابق، عن المفاوضات في 2014. ومنذ ذلك
الحين، نعاني من غياب كامل، إذ لم تتقدم أي دولة أيا كانت بأي أفكار من شأنها إحياء عملية السلام، حتى جاء طرحنا في 20 فبراير، الذي أكد أننا جادون ولدينا رؤية سياسية لطبيعة الحل، ونحن ملتزمون بها، وندعو الجميع إلى التقاط هذا الطرح. والآن نحن حاولنا، من خلال الزيارة التي قام بها الرئيس إلى فرنسا، النظر فيما إذا كان هناك تقاطع أم لا بين رؤية الرئيس لمؤتمر دولي للسلام، مع ما قامت به فرنسا في يناير/كانون الثاني 2017، بالدعوة إلى اجتماع دولي حول النزاع مع إسرائيل، والعزم على الدعوة إلى اجتماع آخر لاحق.
وأضاف: الزيارة إلى باريس كانت من أجل قراءة الموقف الفرنسي والنظر في إمكانية العمل معا. تحدثنا لاحقا مع الجانب الآيرلندي في الأفكار نفسها، وتحديدا من أجل اجتماعات غير رسمية للبحث عن مخارج (لتوقف المفاوضات). ثم نحن كدولة فلسطين، قمنا بخطوة نعتبرها في غاية الأهمية، وهي أننا عندما كنا في الأمم المتحدة، دعونا لاجتماع لكثير من وزراء الخارجية، والمبعوثين الأممين لعملية السلام، والدول الأعضاء في مجلس الأمن، بمن فيهم ممثلو الدول التي ستدخل إلى المجلس بدل الخمس
الخارجين منه، ورؤساء المجموعات الإقليمية وممثل للأمم المتحدة ولكن من غير الولايات المتحدة. باختصار، كان هناك 40 وفدا لأربعين دولة، بينهم 9 وزراء خارجية. والنقاش دار حول فرص البناء على الأفكار التي قدمها الرئيس أبو مازن، حول عملية السلام، والمحافظة على حل الدولتين، والدفاع عما تم تحقيقه لمواجهة المواقف الأميركية المتحيزة لإسرائيل، والدفاع عما تم إنجازه، وعدم السقوط في المستنقع الذي يدفعنا إليه الموقف الأميركي.
لكن ما النتيجة التي خرجتم بها؟
- النتيجة أننا لمسنا تجاوبا كبيرا واستعدادا للسير في هذه الطريق. ويعني هذا أنه ستكون هناك خطوة قادمة، نقدم عليها كفلسطينيين من أجل توسيع القاعدة، لأن هناك عددا من الدول أبدت رغبتها في المساهمة معنا. وهذا يعطينا أيضا، الشعور بوجود قاعدة جيدة متجاوبة مع مقترحاتنا، وتريد أن تكون جزءا من الجهد الجماعي الذي نريده، من أجل الحفاظ على عملية السلام وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وبالتالي ثمة خطوات بالغة الأهمية سوف نسير بها ويتقاطع ذلك مع ما قامت به فرنسا ومع ما تفكر به آيرلندا وكثير من الدول الأخرى وبالتالي نريد خلق أكبر قاعدة ممكنة للتشارك معنا من أجل التحضير لاجتماع أوسع على المستوى الوزاري قد يكون في أقرب الآجال للتباحث في كيفية الخروج بتصور ورؤية حول كيفية إنقاذ عملية السلام.
الجميع يعي ما قام به الطرف الأميركي من خطوات مناهضة لكم ومسيئة لمصالحكم، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، وقطع كثير من
المساعدات وأهمها الأونروا. السؤال هو: ألم يضر بكم وقف التواصل مع الإدارة الأميركية؟ هل الانقطاع عن الولايات المتحدة نهائي، أم هناك إمكانية لعودة التواصل معها، لأن واشنطن تبقى الطرف الوحيد القادر ربما على انتزاع شيء من إسرائيل، وآخر ما صدر عن الرئيس ترمب أنه عاد إلى حل الدولتين؟
- الانقطاع ورفض التواصل والحوار مع الولايات المتحدة يضر بالجميع. هو يضر بنا وبالولايات المتحدة وبعميلة السلام وبفرص التوصل إليه والهروب من دائرة الخطر.
لكن أنتم أكبر الخاسرين... أليس كذلك؟
- لا. الجميع خاسرون. ولكن في نهاية المطاف، لم يكن بإمكاننا إلا أن نأخذ مثل هذا الموقف، إذ لا نستطيع أن نهادن فيما يتعلق بالثوابت الفلسطينية المرتبطة بالقدس واللاجئين والاستيطان، وكلها من قضايا الحل النهائي التي تجرأت الإدارة الأميركية أن تخرجها من دائرة التفاوض وبالتالي، جاء موقفنا واضحا للغاية. الرئيس قال بكل
وضوح، أمام الجمعية العام للأمم المتحدة، إنه على استعداد لإعادة النظر ولقاء الإدارة الأميركية، في حال تراجع الرئيس ترمب عن الخطوات التي أقدم عليها.
ونحن، في هذا المطاف، ندرك تماما صعوبة المرحلة التي نعيشها والضغوط الكبرى التي تمارسها واشنطن على كثير من الدول لتسير على الدرب الذي سارت عليه هي. لكن هناك صمود ومقاومة من هذه الدول، التي ترفض الرضوخ لواشنطن. والدليل أنها فشلت في إقناع كثير منها بنقل سفارتها إلى القدس، لا بل إن الباراغواي تراجعت عن نقل السفارة إلى القدس.
أريد أن أشير إلى أننا لنا فقط صفة مراقب، ورغم أن أراضي دولتنا ما زالت تحت تصرفنا وكانت لنا الشجاعة لمواجهة الولايات المتحدة، رغم أننا دولة غير عضو في الأمم المتحدة، وأن مقوماتنا محدودة جدا. رغم ذلك، قدمنا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مشروع قرار ضد نقل السفارة في الأمم المتحدة. وقد نجحنا به، حيث حصلنا على 129 صوتا، وعلى إدانة للمواقف الأميركية. بعد ذلك، تجرأنا بالذهاب إلى محكمة العدل الدولية، لنرفع شكوى على هذه الإدارة في الموضوع نفسه. وبالنسبة لنا، هذه خطوات مهمة للغاية ويتعين على الإدارة الأميركية أن تعي أن «لحمنا قاس»، وعليها ألا تتوقع من جانبنا سوى المقاومة ضمن الأطر القانونية والدبلوماسية المتاحة لنا،
ونحن نستغلها بأفضل الطرق، وسوف نستمر في هذه الخطوات. وما تم في المحكمة الدولية ستليه خطوات لاحقة. وإذا كانت واشنطن مصرة على الانسحاب من المنظمة في كل مرة نذهب فيها لمقاضاتها أمامها، فسوف تجد نفسها، في لحظة من اللحظات، في عزلة كاملة، وأنها خرجت من الإطار المتعدد وأصبحت تعيش وحدها. رأينا أن لواشنطن الفرصة لإعادة النظر في مثل هذه السياسة والتراجع عنها.
هل من الواقعي توقع تراجع ترمب عن هذه السياسة؟
- لا أعرف. هذا الرئيس، المبنية تجربته على حسابات الربح والخسارة والصفقات، سيجد نفسه أن عليه أن يعيد النظر في موقفه من باب الربح والخسارة، لأنه سيجد أن ما يخسره أكثر مما يجنيه، وبالتالي، قد يأخذ قرارا مفاجئا للجميع، كما أخذ قرارات مفاجئة في الأشهر الأخيرة.
أعلن ترمب أكثر من موعد للإفصاح عن مضمون "صفقة القرن"، أي المبادرة التي تعد لها واشنطن لإنهاء الصراع بينكم وبين الإسرائيليين. وحتى الآن، لم تخرج هذه المبادرة متكاملة إلى العلن. هل هذا يعني أن هذه الخطة لن تخرج أبدا؟
- قد يعني شيئين: الأول، أنها غير جاهزة بعد، وأن هناك تخبطا كبيرا داخل المجموعة التي تقوم بطبخها، وأنها لم تعد قادرة على بلورتها. والثاني، أنها كانت تعتقد إمكان
تسويق الخطة من خلال بعض الدول العربية، لتفاجأ بأنه لا توجد دولة عربية على استعداد لأن تعلن على الملأ دعمها لها. وبالتالي فقد خابت آمال هذه المجموعة التي وجدت نفسها معزولة، ووعت أن الخسارة المترتبة على طرحها علنا، أكبر مما ستربحه.
ورأيي أن المجموعة تعمل على تنفيذ هذه الخطة بشكل تدريجي، ولكن من دون الإعلان عنها رسميا. وما تم بخصوص القدس، ونقل السفارة، واللاجئين، والأونروا، وإغلاق
مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ليس سوى تلك العناصر التي تتضمنها الخطة، ويعملون على تنفيذها بشكل تدريجي، من دون أي إعلان، لتجنب ردود الفعل القوية من جانب الشارع العربي